تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[تور]:

صفحة 135 - الجزء 6

  ثَوْبَكَ في تَنُّورِ أَهْلِكَ، أَو تحتَ قِدْرِهم، كان خيراً»، فذَهَب وأَحرقَه. وقال ابن الأَثِير: وإِنما أَرادَ أَنَّكَ لَو صَرَفْتَ ثَمَنَه إِلى دَقِيقٍ تَخْبِزُه، أَو حَطَبٍ تَطْبُخُ به، كان خيراً لك؛ كأَنّه كَرِهِ الثَّوْبَ المُعَصْفَرَ.

  وصانِعُه تَنّارٌ، كشَدّادٍ⁣(⁣١).

  وقال أَحمدُ بنُ يَحْيَى: التَّنُّورُ تَفْعُولٌ من النّار، قال ابن سِيدَه: وهذا من الفَسَاد بحيثُ تراه؛ وإِنما هو أَصْلٌ لم يُستَعمَلْ إِلّا في هذا الحَرْفِ وبالزِّيادة.

  وفي التَّنْزِيلِ العَزِيز: {حَتّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ}⁣(⁣٢)، قال عليٌّ كَرَّم الله وجهَه: هو وَجْهُ الأَرضِ، ومثلُه وَرَدَ عن ابن عَبّاس ¥ ما وكلُّ مَفْجَرِ ماءٍ تَنُّورٌ. وقال قَتَادَةُ: التَّنُّورُ أَعْلَى الأَرضِ وأَشرفُهَا، وكان ذلك علامةً له، وكان مُجاهدٌ يَذهبُ إِلى أَنّه تَنُّورُ الخابِزِ.

  والتَّنُّورُ: مَحْفَلُ ماءِ الوادِي، وتَنَانِيرُ الوادِي: مَحافِلُه، وقال أَبو إِسحاق: أَعْلَمَ الله سُبحانَه وتعالَى أَن وَقْتَ هلاكِهِم فَوْرُ التَّنُّورِ.

  وقيل فيه أَقوالٌ، قيل: التَّنُّورُ: وَجْهُ الأَرْضِ، ويقال: أَرادَ أَنَّ الماءَ إِذا فارَ مِن ناحِيَةِ مَسْجِدِ الكُوفَةِ، وقيل: إِنّ الماءَ فارَ مِن تَنُّورِ الخابِزَةِ، وقيل: التَّنُّورُ تَنْوِيرُ الصُّبْحِ.

  ورُوِيَ عن ابن عَبّاسٍ، قال: التَّنُّورُ⁣(⁣٣): جَبَلٌ بالجَزِيرة قُرْبَ المَصِيصَةِ، وهي عَيْنُ الوَرْدَةِ⁣(⁣٤). والله أَعلمُ بما أَرادَ، وهذا الجَبَلُ يَجْرِي نَهرُ جَيْحَانَ تحتَه.

  ورُوِيَ عن عليٍّ ¥ أَيضاً أَنه قال: أَي وطَلَعَ الفَجْرُ.

  يذهب إِلى أَنّ التَّنُّورَ الصُّبْحُ.

  وقال الهَرَوِيُّ في الغَرِيبَيْنِ: قيل: هو في الآيةِ عَيْنُ ماءٍ معروفةٌ، وقيل: هو المَخْبَزُ، وافَقَتْ فيه لغةُ العَجَمِ لُغَةَ العربِ، وجَزَمَ في المِصْباح نَقْلاً عن أَبي حاتِمٍ أَنّه ليس بعربيٍّ صحيح.

  قال شيخُنا: وأَمّا ما ذَكَرُوه من كَوْنِ التَّنُّورِ مِن نارٍ أَو نُورٍ، وأَن التاءَ زائدةٌ فهو باطِلٌ، وقد أَوضَحَ بيانَ غَلَطِه ابنُ عُصْفُورٍ في كتابه المُمْتِع وغيره، وجَزَم بغَلَطِه الجماهير.

  وذاتُ التَّنَانِيرِ: عَقَبَةٌ بحِذاءِ زُبَالَةَ، ممّا يَلِي المَغْرِبَ منها، قاله الأَزهريُّ، وأَنشدَ قولَ الرّاعِي:

  فلمّا عَلَا ذاتَ التَّنَانِيرِ غُدْوَةً ... تَكَشَّفَ عن بَرْقٍ قَلِيلٍ صَوَاعِقُهْ⁣(⁣٥)

  وتُنَيْنِيرُ، بالتَّصْغِير، العُلْيَا والسُّفْلَى: قَرْيَتَانِ بالخابُور، نقلَه الصّاغانيُّ.

  وتَنِيرَةُ، كحَلِيمَةَ: ة بالسَّوادِ، نقلَه الصّاغانيُّ.

  * وممّا يُسْتدرَكُ عليه:

  أَبو بكرٍ محمّدُ بنُ عليٍّ التَّنُّورِيُّ، سَمِعَ أَبا الحَسَنِ المَلَطِيّ، وأَبا جعفرِ بنِ المسلمة، وحَدَّثَ بشيْءٍ يَسِيرٍ، وذَكَرَه أَبو الفَضْل بنُ ناصر فأَثْنَى عليه.

  وأَبو مُعاذٍ أَحمدُ بنُ إِبراهيمَ الجُرْجانِيُّ التَّنُّورِيُّ، ثِقَةٌ.

  [تور]: التَّوْرُ: الجَرَيانُ، قيل: ومنه سُمِّيَ التَّوْرُ للإِناء لأَنَّه يُتَعَاوَرُ⁣(⁣٦)، به ويُرَدَّدُ⁣(⁣٧)، كما حَقَّقه الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَساس، أَي فهو من معنَى الجَرَيانِ.

  والتَّوْرُ: الرَّسُولُ بين القومِ، عربيٌّ صَحِيحٌ، قال:

  والتَّوْرُ فِيما بَيْنَنَا مُعْمَلُ ... يَرْضَى به الآتيّ والمُرْسِلُ

  قيل: ومنه سُمِّيَ التَّوْرُ للإِناءِ.

  والتَّوْرُ: إِناءٌ صغيرٌ، وعليه اقتَصر الزَّمَخْشَرِيُّ، في الأَساس، قيل: هو عربيٌّ، وقيل: دَخِيلٌ. وفي التَّهْذِيب: التَّوْرُ إِناءٌ معروفٌ يُشْرَبُ فيه، مُذَكَّرٌ، وفي حديث أُمِّ سُلَيْمٍ: «أَنَّهَا صَنَعَتْ حَيْساً في تَوْرٍ»، هو إِناءٌ من صُفْرٍ⁣(⁣٨)، كالإِجّانَةِ، وقد يُتَوَضَّأُ منه.

  قال الزَّمَخْشَرِيُّ: ومررتُ ببابِ العُمْرَةِ على امرأَةٍ تقولُ لجارَتِها: أَعِيرِينِي تُوَيْرَتَكِ.


(١) في التكملة: التنَّار صاحب التّنور وصانعه.

(٢) سورة هود الآية ٤٠.

(٣) عن التهذيب، وبالأصل «التنوير».

(٤) في التهذيب واللسان: عينُ الوردِ.

(٥) ديوانه ص ١٨٥ وفيه «صوبه» بدل «غدوة» وانظر فيه تخريجه.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: يتعاور به، الذي في الأساس حذف: به».

(٧) عن الأساس، وبالأصل «ويردّ».

(٨) في اللسان: من صُفرٍ أو حجارةٍ.