تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ثرر]:

صفحة 144 - الجزء 6

  كما لا يَخْفَى. قلتُ: وما أَنْكَرَه شيخُنَا فقد ذَكَرَه صاحبُ اللِّسَان عن بعضِ العرب، والمصنِّفُ مِن عادَتِه أَنه لم يَزَلْ يَتَتَبَّعُ النَّوادِرَ والغَرَائِبَ؛ لأَنه البحرُ المُحِيطُ الجامعُ للعجائب.

  والثَّرَّةُ أَيضاً: المرأَةُ الكثيرةُ⁣(⁣١) الكلامِ، كالثّارَّةِ والثَّرْثَارَةِ، يقال: رجلٌ ثَرْثَارٌ، إِذا كان مُتَشَدِّقاً كثيرَ الكلامِ.

  والثَّرُّ: التَّفْرِيقُ والتَبْدِيدُ، يقال: ثَرَّ الشَّيْءَ مِن يَدِه يَثُرُّه ثَرّاً: بَدَّدَه، كالثَّرْثَرَةِ، حَكَاه ابنُ دُرَيْدٍ ولم يَخُصَّ اليَدَ، ونَصُّ ابنُ دُرَيْد⁣(⁣٢): ثَرَرْتُ الشَّيْءَ أَثُرُّه ثَرّاً، إِذا بَدَدْتَه. قال الصاغانيُّ: وأَحْجِ به أَن يكونَ تَصْحِيفَ نَدَّيْتَه، وأَما ثَرْثَرْتُه: بَدَّدْتُه فصَحِيحٌ.

  والثَّرُّ: الواسِعُ. يقال: عَيْنٌ ثَرّ، أَي واسِعٌ⁣(⁣٣) وكذلك إِحْلِيلٌ ثَرٌّ.

  والثَّرُّ: المِكْثارُ المُتَشَدِّقُ، يُقال: رجلٌ ثَرٌّ، أَي كثيرُ الكلامِ.

  والثَّرُّ مِن السّحابِ: الكَثِيرُ الماءِ، يقال: سحابٌ ثَرٌّ، وثَرَّتِ السَّحَابَةُ مَاءَها تَثُرُّه⁣(⁣٤) ثَرّاً.

  ومِن المَجَاز: الثَّرْثَارُ بالفتح: المِهْذَارُ المُتَشَدِّقُ. ورُوِيَ عن النّبيِّ أَنه قال: «أَبْغَضُكُم إِليَّ الثَرْثَارُونَ المُتَفَيْهِقُون» وهم الذين يُكثِرُون الكلامَ تكلُّفاً خُرُوجاً عن الحقّ.

  والثَّرْثارُ أيضاً: الصَّيّاحُ، عن اللِّحْيَانيّ.

  والثَّرْثَارُ: نَهْرٌ بعَيْنِه، وقال المبرّد في أَوّل الكامل: سُمِّيَ به لكثرةِ مائِه، قال الأَخطل مِن قصيدةٍ أَوّلُها.

  لَعَمْرِي لقد لاقَتْ سُلَيْمٌ وعامِرٌ ... على جانبِ الثَّرثْارِ راغِيَةَ البَكْرِ

  أَو الثَّرْثَارُ: وادٍ كبيرٌ بالجزيرة يَمدُّ إِذا كثرت الأَمطارُ، وأَمّا في الصَّيف فليس فيه إِلّا مناقِعُ، ومياهٌ جامدة⁣(⁣٥)، وعيونٌ قليلةٌ مِلحةٌ، وهو في البَرِّيَّة ينحدرُ بين سِنْجارَ وتَكْرِيتَ، وكانت عليه قُرًى كثيرةٌ عامرةٌ قد خَرِبت الآن، وإِيّاه عَنَى الأَخطلُ في قوله وقد جَمَعَه:

  وأَحْمَى علينا ابْنَا زُمَيْعٍ وهَيْثَمٍ ... مُشَاشَ المَراضِ اعْتَادَهَا مِن ثَرَاثِرِ

  وفي أَنساب البلاذريِّ: الثَّرْثارُ: نهرٌ يَنْزِعُ مِن هِرْماس نَصِيبِينَ، ويُفَرِّغُ في دِجْلَةَ بين الكُحَيْلِ ورَأْسِ الإِبَّلِ، وله يومٌ معروفٌ، قال الأَخطل:

  لَعَمْرِي لقد لاقَتْ سُلَيْمٌ وعامِرٌ ... إِلى جانب الثَّرْثارِ رَاغِيَةَ البَكْرِ

  والإِثْرَارَةُ، بالكسر: الأَنبِرْ بَارِيسُ، ويُسَمَّى بالفارِسِيَّة الزّريكَ، عن أَبي حَنِيفَةَ، نَقلاً عن بعض الأَعراب.

  والثُّرْثُورُ الكبيرُ والصّغيرُ: نَهْرانِ بإِرْمِينِيَّةَ⁣(⁣٦)، نقلَه الصّاغانيُّ.

  وثَرَّرَ بالمكان تَثْرِيراً: نَدَّاه. والذي في الأُصول المعتَمَدة: ثَرَّرْتُ المكانَ مثل ثَرَّيُتُه، أَي نَدَّيْتُه.

  والثَّرْثَرَةُ: كثْرةُ الكلامِ وتَرْدِيدُه في تَخْلِيطٍ، وقد ثَرْثَرَ الرجلُ، فهو ثَرْثَارٌ، مِهْذارٌ.

  والثَّرْثَرَةُ: الإِكثارُ من الأَكلِ وتَخْلِيطُه.

  رجلٌ ثَرْثَار، وامرأَةٌ ثَرْثَارَةٌ⁣(⁣٧)، وقومٌ ثَرْثَارُون، وقد تقدَّم ذِكْرُ الحديثِ الذي وردتْ فيه هذه اللَّفظة.

  ومن المَجاز: فَرَسٌ ثَرٌّ ومُنْثَرٌّ، أَي سَرِيعُ الرَّكْضِ؛ تَشْبِيهاً بالعَيْن الثَّر⁣(⁣٨)، كما في الأساس.

  * وممّا يُستدرَك عليه:

  عَيْنٌ ثَرَّةٌ: كثيرةُ الدُّموعِ. قال ابنُ سِيدَه: ولم يُسْمَع فيها ثَرْثَارةٌ، وأَنشدَ ابنُ دُرَيد:

  يا مَنْ لِعَيْنٍ ثَرَّةِ المَدامِعِ ... يَحْفِشُها الوَجْدُ بدَمْعٍ هامِعِ⁣(⁣٩)


(١) في القاموس: الكثيرة في الكلام.

(٢) الجمهرة ١/ ٤٤.

(٣) كذا بالأصل: عين ثرٌّ أي واسع. والصواب: عين ثرّة أي واسعة. ولم ترد بهذا المعنى في التهذيب أو اللسان أو الصحاح والتكملة والأساس؟

(٤) عن الأساس، وبالأصل: تثرّ.

(٥) في معجم البلدان: حامية.

(٦) في معجم البلدان: نهران بأرّان أو أرمينية.

(٧) عن التهذيب، وبالأصل: رجل ثرثر.

(٨) كذا بالأصل «الثَّرّ» والصواب «الثَرَّة» ولم ترد هذه العبارة في الأساس.

(٩) يحفشها: يستخرج كل ما فيها.