تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة مع الراء

صفحة 235 - الجزء 6

  أَي لا يَفِيانِ بالعُهُود؛ يَعْنِي قولَه [تعالى]: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}⁣(⁣١).

  وعن أَبي عَمْرو: الحَبَرْبَرُ: والحَبْحَبِيُّ: الجَمَلُ الصَّغِيرُ.

  وفي التهذِيب في الخُماسِيِّ: الحَبَرْبَرَةُ، بهاءٍ: المرأَةُ القَمِيئَةُ المُنافِرَةُ، وقال: هذه ثُلاثِيَّةُ الأَصل أُلْحِقَتْ بالخُماسِيِّ، لتَكْرِيرِ بعضِ حُرُوفِهَا.

  وأَحمدُ بنُ حَبْرُونَ، بالفتح: شاعرٌ أَنْدَلُسِيٌّ، كَتَبَ عنه ابنُ حَزْمٍ.

  وشاةٌ مُحَبَّرَةٌ: في عَيْنَيْها⁣(⁣٢) تَحْبِيرٌ مِن سَوادٍ وَبياضٍ، نقلَه الصَّاغانيّ.

  وحَبْرَى كسَكْرَى، وحَبْرُونُ كَزيْتُون اسمُ مدينةِ سيِّدنا إِبراهِيمَ الخَلِيل، بالقُرْب من بيت المَقْدِس، وقد دَخلتُهَا، وبها غارٌ يقال له: غارُ حَبْرُونَ، فيه قَبْرُ إِبراهيمَ، وإِسحاقَ، ويعْقُوبَ، $، وقد غَلَبَ على اسْمِها الخَلِيلُ، فلا تُعْرَفُ إِلّا به، وقد ذَكَرَ اللُّغَتَيْن فيها ياقُوتٌ وصاحبُ المَرَاصِدِ. قال شيخُنَا: والأَوْلَى «وزِيْتُونٍ» فالكافُ زائدةٌ، ومثلُه يَذْكُرُه في الخُرُوج مِن معْنًى لغيرِه، وليس كذلك هنا. ورُوِيَ عن كَعْبٍ أَن البناءَ الذي بها مِن بناءٍ سُلَيْمَانَ بنِ داوودَ @.

  قلتُ: وقرأْتُ في كتاب المَقْصُور لأَبي عليٍّ القالِي في باب ما جاءَ من المَقْصُور على مثال فِعْلَى بالكسر، وفيه: وحِبْرَى وعيْنُون⁣(⁣٣): القَرْيَتَان اللَّتَانِ أَقْطَعَهما النبيُّ تَمِيماً الدّارِيِّ وأَهلَ بيتِه.

  وكَعْبُ الحَبْرِ، بالفتح ويُكْسَرُ، ولا تَقُل: الأَحبارُ⁣(⁣٤): م أَي معروفٌ، وهو كَعْبُ بنُ ماتِعٍ الحِمْيَرِيُّ، كُنْيَتُه أَبو إِسحاقَ: تابِعِيٌّ مُخَضْرَمٌ، أَدْرَكَ النبيَّ ، وما رآه. مُتَّفَقٌ على عِلْمِه وتَوْثِيقِهِ، سَمِعَ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ والعَبَادِلَةَ الأَرْبَعَةَ، وسَكَنَ الشَّأْمَ، وتُوُفِّيَ سَنَة ٣٢ في خِلافة سيِّدِنا عُثْمَانَ، ¥. وقد جاوَزَ المِائَةَ. خَرَّجَ له السِّتَّةُ إِلّا البُخَارِيَّ. ونُقِلَ عن ابن دُرُسْتَوَيْهِ أَنه قال: رَوَوْا أَنه يقال: كَعْب الحِبْر - بالكسر - فمَن جَعَلَه وَصْفاً له نَوَّنَ كَعْباً، ومَن جَعَلَه المِدادَ لم ينَوِّن وأَضافَه إِلى الحِبْر. وفي شَرْح نَظْمِ الفَصِيح: الظاهرُ أَنه يقال: كَعْبُ الأَحْبَارِ؛ إِذْ لا مانعَ منه، والإِضافةُ تَقعُ بأَدْنَى سَبَبٍ، والسبب هنا قَوِيٌّ؛ سواءٌ جَعَلْنَاه جَمْعاً لِحَبْرٍ، بمعنى عالِمٍ، أَو بمعنَى المِدَاد. وقال النَّوَويّ⁣(⁣٥) في شَرْح مُسْلِم: كَعْبُ بنُ ماتِعٍ، بالميم والمُثَنّاةِ الفَوْقِيَّةِ بعدَهَا عَيْنٌ. والأَحْبارُ: العُلماءُ، واحدُهم حَبْرٌ، بفتح الحاءِ وكسرها، لُغَتَان؛ أَي كَعْبُ العُلماءِ. كذا قالَه ابنُ قُتَيْبَةَ وغيرُه. وقال أَبو عُبَيْد: سُمِّيَ كَعْب الأَحْبارِ؛ لكَونِه صاحِبَ كُتُبِ الأَحبارِ، جَمع حِبْرٍ، مكسور، وهو ما يُكْتَبُ به. وكان كَعْبٌ مِن علماءِ أَهلِ الكتابِ، ثم أَسْلَمَ في زَمَنِ أَبي بكْرٍ أَو عُمَرَ، وتُوُفِّيَ بحِمْصَ سنة ٣٢ في خلافة عثمانَ، وكان مِن فُضَلاءِ التّابِعين، رَوَى عنه جُمْلَةٌ مِن الصَّحَابة. ومثلُه في مَشَارِق عِياضٍ، وتَهْذِيب النَّوَوِيِّ، ومُثَلَّثِ ابنِ السِّيد، ونَقَلَ بعضَ ذلك شيخُ مشايخِنا الزُّرقانيّ في شَرْح المَواهِب. قال شيخُنا. فما قالَه المَجْدُ مِن إِنكاره الأَحبارَ فإِنها دَعْوَى نَفْيٍ غير مَسْمُوعةٍ.

  * وممّا يُستدرَك عليه:

  كان يُقال لابن عَبّاس: الحَبْرُ والبَحْرُ، لعِلْمِه.

  ويقال: رجلٌ حِبْرٌ نِبْرٌ.

  وقال أَبو عَمْرٍو: الحِبْرُ من النّاس: الدّاهِيَةُ.

  ورجلٌ يَحْبُورٌ - يَفْعُولٌ - مِن الحُبُورِ.

  وقال أَبو عَمْرٍو: اليَحْبُورُ: النَّاعِمُ مِن الرِّجال⁣(⁣٦). وجَمْعُه اليَحابِيرُ.

  وحَبَرَه فهو مَحْبُورٌ.

  وفي حديث عبدِ الله: «آلُ عِمْرَانَ غِنًى والنِّسَاءُ مَحْبَرَةٌ»، أَي مَظِنَّةٌ للحُبُورِ والسُّرُور.


(١) سورة المائدة الآية الأولى.

(٢) التكملة: عينها.

(٣) عن معجم البلدان (حبرون)، وبالأصل: غينون.

(٤) في هامش القاموس: «إنما لا يقال كعب الأحبار إذا نون، وأما إذا أضيف فلا امتناع في اه. هكذا بخط المؤلف بالهامش، ومنه نقلته. ا ه. شنقيطي».

(٥) بالأصل «النوى» تصحيف.

(٦) مأخوذ من الحَبَرَة وهي النعمة كما في التهذيب.