تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حمر]:

صفحة 302 - الجزء 6

  يعْنُونَ الذَّهب والزَّعفَران، أَي أَهلكهُنَّ حُبُّ الحَلْى والطِّيب. وقال الجَوْهَرِيّ: أَهلك الرِّجَالَ الأَحْمَرانِ: اللَّحْمُ والخَمْرُ. وقال غَيْرُه: يُقَال للذَّهَب والزَّعْفَرانِ: الأَصْفَرانِ. ولِلْمَاءِ واللَّبنِ: الأَبْيضَانِ، وللتَّمر والماءِ: الأَسوَدَانِ. وفي الحديث: «أُعطِيتُ الكَنْزَينِ الأَحْمَرَ والأَبْيَضَ». والأَحمرُ: الذَّهَبُ. والأَبيَضُ: الفِضَّة. والذَّهب كُنُوزُ الرُّوم لأَنَّهَا الغالِبُ على نُقُودِهم. وقيل: أَرادَ العَرَبَ والعجَم جَمَعَهُم الله على دِينهِ ومِلَّتهِ.

  والأَحامِرَةُ: قومٌ مِنَ العَجَم نَزَلُوا بالبَصرةِ⁣(⁣١) وتَبَنَّكُوا بالكُوفَة.

  وقال اللَّيْثُ: الأَحَامِرَةُ: اللَّحْمُ والخَمْرُ والخَلُوقُ. وقال ابن سِيدَه: الأَحْمَرانِ: الذَّهَبُ والزَّعفَرانُ، فإِذا قُلْت الأَحامِرة فَفِيها الخَلُوقُ. قال الأَعشى:

  إِنَّ الأَحامِرَةَ الثَّلَاثَةَ أَهْلَكَتْ ... مالِي وكُنْتُ بِهَا قَدِيماً مُولَعَا

  الخَمْرَ واللَّحْمَ السَّمِينَ وأَطَّلِي ... بالزَّعْفَرانِ فلَنْ أَزالَ مُبَقَّعَا⁣(⁣٢)

  وقال أَبو عُبَيْدة: الأَصفَرانِ: الذَّهَبُ والزَّعْفَرانُ. وقال ابْنُ الأَعرابِيّ: الأَحْمَرانِ: النَّبِيذُ واللَّحْم. وأَنْشَدَ:

  الأَحْمَرَيْنِ الرَّاحَ والمُحَبَّرَا

  قال شَمِر: أَرادَ الخَمْرَ والبُرُودَ.

  وفي الأَساسِ: ونَحْنُ مِن أَهْل الأَسْوَدَيْن، أَي التَّمْر والمَاءِ لا الأَحْمَرَين، أَي اللَّحْم والخَمْر.

  وفي الحَدِيث «لو تَعْلَمُون ما فِي هذه الأُمّة من المَوْت الأَحْمَر» يعني القَتْل، وذلكَ لما يَحْدُث عن القَتْل مِنَ الدَّم، أَو هُوَ الموتُ الشَّديدُ، وهو مَجَازٌ، كنَوْا به عنه كأَنَّه يُلْقَى منه ما يُلْقَى مِنَ الحَرْب. قال أَبو زُبَيْد الطّائيّ يَصفُ الأَسَد:

  إِذا عَلَّقَت قِرْناً خَطاطِيفُ كَفِّه ... رَأَى المَوْتَ رَأْيَ العَيْن أَسْودَ أَحْمَرَا⁣(⁣٣)

  وقال أَبو عُبَيْد في مَعْنَى قَوْلهم: هو المَوْتُ الأَحْمَرُ، يَسْمَدِرُّ بَصَرُ الرّجل من الهَوْل فيَرى الدُّنْيَا في عَيْنيه حَمْراءَ وسَوْداءَ. وأَنْشَد بَيْتَ أَبي زُبَيْد. قال الأَصمَعِيّ: يَجُوزُ أَن يكونَ من قَوْل العَرَب: وَطْأَةٌ حَمْرَاءُ، إِذا كانَت طَرِيَّة لم تَدْرُس، فمعنَى قَوْلهمْ: المَوْتُ الأَحْمَر: الجَديد الطَّريّ.

  قال الأَزهَريّ: ويُرْوَى عن عَبْد الله بن الصّامِت أَنّه قال: أَسرَعُ الأَرض خَراباً البَصْرةُ، قيل: وما يُخَرِّبُها؟ قال: القَتْل الأَحمَرُ، والجُوعُ الأَغبَرُ.

  وقَوْلُهُم: وهو مِنْ حَدِيث عبد الملك «أَراك أَحمرَ قَرِفاً».

  قال: الحُسْن أَحْمَرُ، أَي الحسْن في الحُمْرة. وقال ابن الأَثير أَي شَاقٌّ، أَي مَنْ أَحَبَّ الحُسْنَ احْتَملَ المَشَقَّة. وقال ابنُ سيده: أَي أَنَّه يَلْقى العَاشِقُ منه ما يَلْقَى صاحِبُ الحَرْب مِنَ الحَرْب. وروَى الأَزهريُّ عن ابْن الأَعرابيّ في قَوْلهم: الحُسْن أَحمرُ، يُريدُون: إِن تَكَلَّفْت الحُسْن⁣(⁣٤) والجَمَالَ فاصْبر فيه على الأَذَى والمَشَقَّة. وقال ابنُ الأَعْرَابيّ أَيضاً: يقال ذلك للرَّجُل يَمِيل إِلى هَواه وَيَخْتَصُّ بمَنْ يُحِبّ، كما يُقَالُ: الهَوَى غَالِبٌ، وكما يقال: إِنَّ الهَوَى يَمِيل بِاسْتِ الرَّاكب، إِذا آثَرَ مَنْ يَهْواه على غَيْره.

  والحَمْرَاءُ: العَجَمُ، لبَيَاضهم، ولأَنَّ الشُّقْرةَ أَغلَبُ الأَلوانِ عَلَيْهم. وكانَت العربُ تقول للعَجَم الّذين يَكُونُ البياضُ غالباً على أَلوانهم، مِثْلِ الرُّومِ والفُرسِ ومَن صاقَبَهم: إِنَّهُم الحَمْراءُ. ومنْ ذلك

  حَديث عَليّ ¥ حينَ قَالَ له سَرَاةٌ من أَصْحَابه العَربِ: «غَلَبَتْنَا عَلَيك هذه الحَمْراءُ⁣(⁣٥). فقال: ليَضْرِبَنَّكُمْ⁣(⁣٦) على الدِّين عَوْداً كما ضَرَبْتُمُوهم عليه بَدْأً» أَراد بالحَمْراءِ الفُرْسَ والرُّومَ. والعَرَبُ إِذا قَالُوا: فُلَانٌ أَبيضُ وفُلانَةُ بيضاءُ فمَعْنَاه الكَرَمُ في


(١) على هامش القاموس: قوله نزلوا بالبصرة، الأَوْلى كما في الصحاح: بالكوفة، وأما الذين نزلوا بالبصرة فيقال لهم: الأساورة واشتهروا هناك ببني الأحرار كما في الأَغاني والذين نزلوا بالشام يقال لهم الخضارمة كما في خضرم من الصحاح، كذا بخط نصر |.

(٢) في اللسان: «مولّعا» والتوليع: البلق وهو سواد وبياض. وفي الأساس: مردّعا.

(٣) كذا بالأصل واللسان، وقول أَبي عبيد كما نقله الأزهري في التهذيب: قال: فكأن، أراد بقوله: احمر البأس أي صار في الشدة والهول مثل ذلك.

(٤) بالأصل واللسان، وفي التهذيب: التحسُّن.

(٥) في التهذيب: الحُمرة.

(٦) في اللسان: لنضربنكم.