تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة مع الراء

صفحة 308 - الجزء 6

  وحَامِرٌ: واد لبَنِي زُهَيْر بْن جنابٍ، من بَني كَلْبٍ، وفيه جِبَابٌ⁣(⁣١). وحَامِرٌ: ع لِغَطفَانَ عند أُرُلٍ مِن الشَّرَبَّة.

  ويقال: أَحْمَرَ الرَّجلُ، إِذا وُلِد لَه وَلَدٌ أَحْمَرُ، عن الزَّجّاج.

  وأَحْمَرَ الدَّابَّةَ: عَلَفَهَا حَتَّى حَمِرت، أَي تَغَيَّر فُوها من كَثْرة الشَّعِير، عن الزّجّاج.

  وحَمَّرَهُ تَحْمِيراً: قَالَ لَهُ يا حِمَارُ وحَمَّرَ، إِذا قَطَعَ كهَيْئَة الهَبْر وحَمَّرَ الرّجلُ: تَكَلَّمَّ بالحِمْيَرية، كتَحَمْيَرَ. ولهم أَلفاظٌ ولُغاتٌ تُخَالف لُغَات سائِرِ العَرَبَ. ويُحْكَى أَنه دَخَلَ أَعرابيٌّ، وهو زَيدُ بْنُ عبْدِ الله بْنِ دارِمٍ، كما في النّوع السّادِسَ عَشَرَ مِن المُزْهر، على مَلِكٍ لِحِمْير في مدينة ظَفَارِ، فَقَال لَهُ المَلِك وَكَانَ عَلَى مَكَانٍ عَالٍ: ثِبْ، أَي اجْلِس، بالحِمْيَريَّة، فوَثَبَ الأَعْرَابيّ فتَكَسَّر، كذا لابن السِّكِّيت، وفي رواية، فاندَقَّت رِجْلاه، وهو رواية الأَصْمعِيّ، فسأَل المَلِكُ عَنْه فأُخْبِر بلُغَةِ العَرب، فَقَالَ وفي روَاية فضَحِك المَلك وقال: لَيْسَ وفي بَعْض الرّوايَات لَيْسَت عِنْدَنَا عَرَبِيَّتْ، أَراد عَربيّة، لكنّه وَقَفَ على هاءِ التَّأْنِيثِ بالتَّاءِ، وكذلك لُغتهم، كما نَبَّه عليه في إِصلاح المَنْطِق وأَوْضَحَه، قاله شيخنا. «مَنْ دَخَلَ ظفَارَ حَمَّرَ» أَي تَعَلَّم الحِمْيَريَّة. قال ابنُ سِيدَه: هذه حِكاية ابْنُ جِنِّي، يَرْفَع ذلك إِلَى الأَصْمَعِيّ، وهذا أَمْرٌ أُخْرِج مُخْرَج الخَبَر، أَي فَلْيُحَمِّر، وهكذا أَورده المَيْدَانيّ في الأَمثال، وشَرَحَه بقَريب من كَلام المُصَنِّف. وقرأْتُ في كِتَاب الأَنْسَاب للسَّمْعَانَيّ ما نَصُّه: وأَصْلُ هذَا المَثَل ما سَمِعتُ أَبا الفَضْلِ جَعْفَر بْنَ الحَسَن الكبيريّ ببُخارَاءَ مُذاكرةً يقول: دَخَلَ بعضُ الأَعراب على مَلِك من مُلوك ظَفَارِ، وهي بَلْدة مِنْ بلَاد حِمْيَر باليَمَن، فقال المِلك للدّاخل: ثِبْ، فَقَفَز قَفْرَةً. فقال له مَرَّة أُخرَى: ثِبْ، فقَفَز، فعَجِب المَلك وقال: ما هذا؟ فقال: ثِبْ بلُغَة العرَب هذا، وبلُغَة حِمْير ثِبْ يعني اقْعُدْ. فقال المَلِك: أَما عَلِمْت أَن من دَخَلَ ظَفَارَ حَمَّرَ.

  والتَّحْمِيرُ. التَّقْشِير، وهو أَيْضاً دَبْغٌ ردِئٌ وتَحَمْيَرَ الرَّجُلُ: سَاءَ خُلُقُه.

  وقد احْمَرَّ الشيْءُ احْمِرَاراً: صَارَ أَحْمَرَ، كاحْمَارَّ، وكُلّ افْعَلَّ من هذا الضَّرْب فمحذوفٌ من افْعَالَّ، وافْعَلَّ فِيهِ أَكْثرُ لِخِفَّته. ويقال: احْمَرَّ الشيءُ احْمِراراً إِذا لَزِمَ لونَه فلم يَتَغَيَّر من حَالٍ إِلى حالِ. واحْمارَّ يَحمارُّ احْمِيراراً إِذا كان يَحْمارُّ مَرَّة ويَصْفارُّ أُخرى.

  قال الجَوْهَريّ: إِنّمَا جازَ إِدْغَامُ احْمَارَّ، لأَنَّه ليس بمُلْحَق، ولو كان له في الرُّبَاعِي مِثَالٌ لَمَا جازَ إِدْغامه، كما لا يَجُوزُ إِدغامُ اقْعَنْسَسَ لما كان مُلْحَقاً باحْرَنْجَمَ.

  ومن المَجاز: احْمَرَّ البَأْسُ: اشْتَدَّ. وجاءَ في حَدِيث عَلِيٍّ ¥ «كُنَّا إِذا احْمَرَّ البأْسُ اتَّقيناهُ برَسُول الله ، فلم يَكُنْ أَحَدٌ أَقربَ إِليه منه». حكَى ذلِك أَبُو عُبَيْد في كتَابه المَوْسُوم بالمَثَل. قال ابنُ الأَثِير: إِذا اشْتَدَّت الحَرْبُ اسْتَقْبَلْنَا العَدُوَّ به وجَعَلْنَاه لنا وِقايةً. وقيل: أَرادَ إِذا اضْطرمَت نَارُ الحَرْب وتَسَعَّرتْ. كما يُقَال في الشَّرِّ بين القَوْم: اضْطَرَمَتْ نَارُهُم، تَشْبيهاً بحُمْرة النّار. وكثيراً ما يُطْلِقُون الحُمْرَةَ على الشِّدَّة.

  والمُحْمَرُ، على صيغة اسم الفَاعل والمَفْعُول، هكذا ضُبط بالوَجْهَيْن: النَّاقَةُ يَلْتَوِي في بَطْنِهَا وَلَدُهَا فلا يَخْرُج حَتَّى تَمُوتَ.

  والمُحَمِّرةُ، على صيغَة اسْم الفاعِل مُشَدَّدَةً: فِرْقَةٌ من الخُرَّمِيَّة، وهم يُخَالِفُون المُبَيِّضَةَ والمُسَوِّدَةَ، وَاحِدهُم مُحَمِّر.

  وفي التهذيب: ويقال للذين يُحَمِّرُون رَاياتِهم خلَافَ زِيّ المُسَوِّدَة من بَني هاشم: المُحَمِّرةُ، كما يقال للحَرُورِيَّةِ المُبَيِّضةِ لأَن راياتِهم في الحُرُوب كانَتْ بَيْضَاءَ.

  وحِمْيَرٌ كدِرْهَم - قال شيخنا: الوَزْنُ به غَيْرُ صَوَاب عند المُحَقِّقِين من أَئِمَّة الصرف -: ع غَربيَّ صَنْعَاءِ اليَمَن، نَقَلَه الصَّاغانِيُّ.

  وحِمْيَرُ بْنُ سَبَإِ بْن يَشْجُبَ بْن يَعْرُبَ بْن قَحْطَان: أَبو قَبيلَة. وذَكر ابْنُ الكَلْبيّ أَنّه كان يَلْبَس حُلَلاً حُمْراً، وليس ذلك بقَويٍّ. قال الجوهَريّ: ومنهم كانت الملوك في الدَّهْر الأَوَّل. واسم حِمْيَر العَرَنْجَجُ، كما تقدَّم، ونُقِل عن


(١) معجم البلدان: فيه حيات كثيرة.