[خعر]:
  ج خَفَائِرُ.
  قال شَيْخُنا: وصَرَّحَ صاحِبُ كِتَاب الجِيمِ، أَي أَبُو عَمْرو الشَّيْبانيّ أَنَّ الخَفَر يُطْلق على الرِّجال أَيْضاً، يقال: خَفِرَ الرَّجُلُ إِذا اسْتَحَى. قال: والَّذي في الصّحاح وشُرُوحِ الفَصِيح وأَكْثَر دَوَاوين اللُّغَة على تَخْصِيصه بِالنِّسَاءِ، فهو وإِنْ صَحَّ فالظَّاهِر أَنَّه قلِيل، وأَكْثَرُ اسْتِعْمَاله في النِّسَاءِ، حَتَّى لا يَكَادُ يُوجَدُ في أَشْعَارِهم وكَلَامِهم وَصْفُ الرِّجال به، والله أَعْلم.
  قلت: وهو كَلَامٌ مُوافِقٌ لِمَا في أُمَّهات اللُّغَة، غَيْرَ أَني وَجَدْتُ في حَدِيث لُقْمَانَ بْنِ عادٍ إِطْلاقَه على الرِّجال، ونَصُّه: حَيِىٌّ خَفِرٌ» أَي كَثِير الحَيَاءِ، وَسَيَأْتِي أَيْضاً في كلام المُصَنِّف بَعْدُ.
  وتَخَفَّرَ: اشْتَدَّ حَيَاؤُه، على مُنَاقَشَة فيه، فليُتَأَمَّلْ.
  وخَفَرَه، وخَفَرَ بِهِ، وخَفَرَ عَلَيْه يَخْفِر، بالكَسْر، ويَخْفُر، بالضَّمّ، وهذِه عن الكِسَائِيّ، خَفْراً، بِفَتْح فسُكُون: أَجَارَه ومَنَعَه وآمَنَه(١) وكان له خَفِيراً يَمْنَعُه، كخَفَّرهُ تَخْفِيراً، وكذلك تَخَفَّرَ بِه، قال أَبو جُنْدَبٍ الهُذَلِيّ:
  ولكِنَّنِي جَمْرُ الغَضَى مِن وَرائِه ... يُخَفِّرُنِي سَيْفِي إِذَا لَمْ أُخَفَّرِ
  والاسْمُ من ذلك الخُفْرَةُ، بالضَّمِّ، ومنه الحَدِيث: «مَنْ صَلَّى الصُّبحَ فَهُو في خُفْرةِ اللهِ»(٢). ويُجْمَع على الخُفَر: ومِنْه الحَدِيث: «الدُّمُوعُ خُفَرُ العُيُونِ»، أَي تُجِيرُ العُيُونَ مِنَ النَّارِ إِذا بَكَتْ من خَشْيةِ اللهِ تَعَالَى.
  والخُفَارَةُ، مُثَلَّثَةً. وقيل الخُفْرَةُ والخِفَارَة: الأَمَانُ، وقيل: الذِّمَّة. يقال: وَفَتْ خُفْرَتُك. يَقُولُه المَخْفُورُ لخَفِيره إِذا لم يُسْلِمْه.
  والخَفِيرُ: المُجَارُ، والمُجيرُ. يقال: فُلانٌ خَفيري، أَي الّذي أُجِيرُه، وهو أَيْضاً المُجِير، فكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَفِيرٌ لِصَاحِبِه. وقال اللَّيْثُ: خَفِيرُ القَوْمِ: مُجِيرُهُم الَّذِي يَكُونُون في ضَمَانِهِ ما دَامُوا في بِلَادِه، وهو يَخْفُرُ القَوْم خفَارَةً. والخَفَارَةُ: الذِّمَّة كالخُفَرَةِ كهُمَزة، وهذا خُفَرَتِي، وهو بمَعْنَى المُجِير، فَقَط، ولا يُطْلَق على المُجارِ، ففي كَلام المصنِّف إِيهامٌ.
  والخُفَارَةُ، مُثَلَّثَةً: جُعْلُه، أَي الخَفِيرِ: والعَامَّة يَقولون:
  الخَفَر، مُحَرَّكةً، ومنهم مَنْ يَقْلِب الخَاءَ غَيْناً، وهو خَطَأٌ، واقْتَصَر الزَّمَخْشَرِيّ على الكَسْر(٣) فقال: هو كالعِمَالة والبِشَارةِ والجِزَارَة، والفَتْح عن أَبي الجَرّاح العُقْيَلِيّ.
  والخَافُوُر: نَبْتٌ تَجْمَعُه النَّمْلُ في بُيوتِها، كالزُّوَانِ في الصُّورَة، زَعَمُوا أَنَّه سُمِّيَ به لأَنَّ رِيحَه تَخْفِرُ، أَي تَقْطَع شَهْوَةَ النِّسَاءِ. ويقال له المَرْوُ والزَّغْبَرُ، قاله السُّهَيلي في الرّوْض. قالَ أَبُو النَّجْمِ:
  وأَتَت النَّمْلُ القُرَى بِعِيرها ... مِن حَسَكِ التَّلْعِ ومن خافُورِهَا
  ويُقَال: خَفَرَه خَفْراً، إِذا أَخَذَ مِنْه خَفَارةً، أَي جُعْلاً ليُجِيرَه ويَكفُلَه.
  وخَفَرَ به خَفْراً، بفتح فسكون، وخُفُوراً، كقُعُود، كلَاهُما على القياس: نَقَضَ عَهْدَه وخاسَ به وغَدَرَه، عن ابن دُرَيْد(٤)، كأَخْفَرَه، بالهَمْزَة، أَي أَنَّ فَعَل وأَفْعَل فيه سَواءٌ، كِلاهُمَا لِلنَّقْضِ. يقال: أَخْفَرَ الذِّمّةَ، إِذا لم يَفِ بِها وانْتَهَكَهَا. وفي الحَدِيث: «مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فإِنَّه في ذِمّة الله، فلا تُخْفِرُونَّ الله في ذِمَّتِه»، أَي لا تُؤْذُوا المُؤْمِنَ. قال زُهَيْر:
  فإِنَّكُمُ وقَوْماً أَخْفَرُوكُمْ ... لكَالدِّيبَاجِ مَالَ بِهِ العَبَاءُ
  والخُفُورُ هو الإِخْفَارُ نَفْسُه، من قِبَلِ المُخْفِرِ، من غير فِعْلٍ على خَفَر يَخْفُر.
  وقال شَمِرٌ: خُفِرتْ ذِمّةُ فُلانٍ خُفُوراً إِذا لم يُوفَ بِها ولم تَتِمَّ، وأَخْفَرَهَا الرَّجُلُ. وقال غَيْرُه: أَخْفَرْتُ الرَّجُلَ: نَقَضْتُ عَهْدَه وذِمَامَهُ. ويُقَال: إِنَّ الهَمْزَةَ فيه للإِزَالَة، أَي أَزَلْتُ خُفارَتَه، كأَشْكَيْتُه إِذا أَزلْتَ شَكْوَاه(٥). قال ابنُ الأَثير: وهو
(١) في اللسان: وأَمَّنَه.
(٢) أي في ذمته.
(٣) كذا، ونص الأساس: وأعط الخفير خُفارته وخَفارته وخِفارته وهو ما جُعل له، كالعُمالة والبِشارة.
(٤) الجمهرة ٢/ ٢١١.
(٥) في النهاية: شكايته.