تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خور]:

صفحة 375 - الجزء 6

  والحُمْرَة، وفي جُلُودِهَا رِقَّة. يقال: ناقَةٌ خَوَّارةٌ، قالوا: الحُمْر مِنَ الإِبلِ أَطْهَرُهَا جِلْداً، والوُرْق أَطْيَبُهَا لَحْماً، والخُورُ أَغْزَرُها لَبَنَاً. وقد قال بعضُ العرب: الرَّمْكَاءُ بَهْيَاءُ، والحَمْرَاءُ صَبْرَاءُ، والخَوَّارَة غَزْرَاءُ. وقد أَوسَعَه شَرْحاً شَيْخُنَا في شَرْحِها المُسَمَّى بتَحْرِير الرِّوَاية في تَقْرِير الكِفايَة.

  فراجِعْه.

  قُلْتُ: والَّذِي قالَه ابنُ السِّكِّيت في الإِصلاح: الخُورُ: الإِبل الحُمْر إِلى الغُبْرة، رَقِيقَاتُ الجُلُود، طِوالُ الأَوْبَارِ، لها شَعرٌ يَنْفُذُ وَبَرَها، هي أَطْولُ من سَائِر الوَبَر، والخُور أَضْعَفُ من الجَلَدِ، وإِذا كانَت كَذلك فهي غِزَارٌ. وقال أَبُو الهَيْثَم: ناقَةٌ خَوَّارَةٌ: رَقِيقَةُ الجُلْد غَزِيرَةٌ.

  والخَوَرُ، بالتَّحْرِيك: الضَّعْفُ والوَهَنُ، كالخُؤُور، بالضَّمّ، والتَّخْوِيرِ. وقد خارَ الرَّجُلُ يَخُورُ خُؤُوراً، وخَوِرَ خَوَراً، وخَوَّرَ: ضعُفَ وانْكَسَر.

  والخَوَّارُ ككَتَّانٍ: الضَّعِيفُ، كالخَائِرِ، وكلّ مَا ضَعُف فَقَد خارَ. وقال اللَّيْث: الخَوَّار: الضَّعِيف الذِي لا بقَاءَ له على الشِّدَّة. وفي حَدِيث عُمَرَ: «لن تَخُورَ قُوًى ما دَام صاحِبُها يَنْزِعُ ويَنْزُو» أَي لن يَضْعُف صاحِبُ قُوَّة يَقْدِر أَن يَنْزِعَ في قَوْسِه ويَثِبَ⁣(⁣١) إِلى دابَّته. ومنه حَدِيثُ أَبي بَكْر قال لِعُمَر: «أَجَبَانٌ⁣(⁣٢) في الجاهِليّة وخَوَّارٌ في الإِسلام»؛ والخُوَارُ في كلّ شيْءٍ عَيْبٌ إِلَّا في هذه الأَشياءِ يأْتي منها البعض في كلام المصنّف، كقوله. والخَوَّار مِنَ الزِّنَادِ: القَدَّاحُ، يقال: زِنَادٌ خَوَّارٌ، أَي قَدَّاحٌ، قاله أَبو الهَيْثَم ... والخَوَّار من الجِمَالِ: الرَّقِيقُ الحَسَنُ⁣(⁣٣) يقال: بَعِيرٌ خَوَّارٌ أَي رَقِيقٌ حَسَنٌ. ج خَوَّارَاتٌ، ونَظِيره ما حَكَاه سِيْبَوَيْه من قَوْلهم: جَمَل سِبَحْل وجِمَالٌ سِبَحْلَاتٌ، أَي أَنه لا يُجْمَع إِلَّا بالأَلف والتَّاءِ.

  قال ابن بَرِّيٍّ: وشَاهِد الخُورِ جَمْع خَوّار قَولُ الطِّرِمَّاحِ:

  أَنَا ابنُ حُمَاةِ المَجْد من آلِ مَالِكٍ ... إِذا جَعَلَت خُورُ الرّجَالِ تَهِيعُ

  قال: ومثله لغَسَّانَ السَّلِيطِيِّ:

  قَبَحَ الإِلهُ بَنِي كُلَيْب إِنَّهُمْ ... خُورُ القُلوبِ أَخِفَّةُ الأَحْلامِ

  والخَوَّارُ العُذْرِيّ رَجُلٌ نَسَّابَةٌ، أَي كان عَالِماً بالنَّسَب.

  ومن المَجَاز: فَرسٌ خَوَّارُ العِنَانِ، إِذا كان سَهْل المَعْطِف⁣(⁣٤) لَيِّنَه كَثِير الجَرْي، وخَيلٌ خُورٌ. قال ابنُ مُقْبل:

  مُلِحٌّ إِذَا الخُورُ اللهامِيمُ هَرْوَلَتْ ... تَوَثَّبَ أَوْسَاطَ الخَبَارِ على الفَتْرِ

  والخَوَّارَةُ: الاسْتُ، لضَعْفِها.

  ومن المَجاز: الخَوَّارَة: النَّخْلَةُ الغَزِيرَةُ الحَمْلِ. قال الأَنْصَاريّ:

  أَدِينُ ومَا دَيْنِي علَيْكُمْ بمَغْرَمٍ ... ولكِنْ على الجُرْدِ الجِلادِ القَرَاوِحِ

  على كُلِّ خَوَّارٍ كأَنَّ جُذُوعَه ... طُلِينَ بقَارٍ أَو بحَمْأَةِ مائِحِ

  ومن المَجَاز: اسْتَخَارَه فخَارَه، أَي اسْتَعْطَفَه فعَطَفَه، يقال: هو مِنَ الخُوَارِ والصَّوْت.

  وأَصْلُه أَنَّ الصائِدَ يأْتِي المَوْضِعَ الّذِي يَظُنُّ فيه وَلَدَ الظَّبْيةِ أَو البَقَرَةِ [الوحشية]⁣(⁣٥) فيخُور خُوَارَ الغَزالِ فتَسْمَع الأُمُّ، فإِن كان لَهَا وَلَدٌ ظَنَّت أَنّ الصَّوتَ صَوتُ وَلَدِهَا، فتَتْبَعُ الصَّوْتَ، فيَعْلَم الصّائِدُ أَنَّ لها وَلَداً فيَطْلُب مَوْضِعَه، فيُقَال اسْتَخارَهَا، أَي خَارَ لِتَخُورَ، ثمّ قيلَ لِكُلّ مَن اسْتَعْطَفَ: استَخارَ. وقال الهُذَلِيّ وهو خَالِد بنُ زُهَيْر:

  لعَلَّكَ⁣(⁣٦) إِمّا أُمُّ عَمْرو تَبَدَّلَتْ ... سِوَاكَ خَلِيلاً شاتِمِي تَسْتَخِيرُهَا

  قال السُّكَّرِيّ شارِحُ الدِّيوان: أَي تَسْتَعْطِفُها بشَتْمِك إِيّاي. وقال الكُمَيْت.

  ولَنْ يَسْتَخِيرَ رُسُومَ الدِّيَارِ ... لِعَوْلَتِه ذُو الصَّبَا المُعَوِلُ


(١) النهاية: ويثب إلى ظهر دابته.

(٢) الأصل اللسان، وفي النهاية: أجبّارٌ.

(٣) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: «الحسّ».

(٤) الأصل والقاموس واللسان، وفي التهذيب: ليّن العِطْفِ.

(٥) زيادة عن التهذيب.

(٦) المخاطب به هو أبو ذؤيب، وهو خال خالد بن زهير وكان غريمه في حب أم عمرو.