[خير]:
  عَلِمْتم أَنَّ عِتْقَهم يَعُود عَلَيْكم وعَلَيْهم بنَفْع.
  وقولُه تعالى: {لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ}(١) أَي لا يَفْتُر من طَلَب المَالِ وما يُصْلِحُ دُنْيَاه.
  وقال بَعْضُ العُلَمَاءِ: لا يُقَال للْمَال خَيْرٌ حَتَّى يَكُونَ كَثِيراً، ومِنْ مَكَان طَيِّبٍ. كما رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا ¥ دخلَ على مَوْلًى له، فقال: أَلَا أُوصِي يا أَمِير المُؤْمنينَ؛ قال: لا، لِأَنَّ الله تَعَالى قال {إِنْ تَرَكَ خَيْراً} وليس لَكَ مَالٌ كَثِيرٌ.
  وَعَلَى هذا أَيْضاً قَوْلُه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}(٢) وقَوْله تَعَالَى: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}(٣) أَي آثَرْت والعَرَب تُسَمِّي الخَيْلَ الخَيْرَ، لِمَا فِيهَا من الخَيْر.
  والخَيْر: الرَّجلُ الكَثِيرُ الخَيْرِ، كالخَيِّرِ، ككَيِّس، يُقَال: رَجلٌ خَيْرٌ وخَيِّرٌ، مُخَفَّفٌ ومُشَدَّدٌ، وهِي بِهَاءٍ، امرأَةٌ خَيْرَةٌ وخَيِّرةٌ، ج أَخْيَارٌ وخِيَارٌ، الأَخِير بالكَسْر، كضَيْف وأَضْيَافٍ.
  وقال: {فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ}(٤) قال الزَّجَّاج: المعْنَى أَنَّهُن خَيْرَاتُ الأَخْلاقِ حِسَانُ الخَلْق(٥)، قال وقُرِئَ بالتَّشْدِيد، و* قيل: المُخَفَّفَةُ في الجَمَالِ والمِيسَم، والمُشَدَّدَةُ في الدِّين والصَّلاح، كما قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وهو قَوْلُ اللَّيْث، ونَصُّه: رَجُلٌ خَيِّر وامرأَةٌ خَيِّرةٌ: فاضِلَة في صَلاحِها. وامرأَةٌ خَيْرَةٌ في جَمَالها ومِيسَمِها. فَفَرَّق بين الخَيِّرة والخَيْرَةِ، واحتَجَّ بالآية.
  قال أَبُو مَنْصُور. ولا فَرْقَ بين الخَيِّرَة والخَيْرَةِ عند أَهْل اللُّغَة. وقال: يُقَالُ: هي خَيْرَةُ النِّسَاءِ وشَرَّةُ النِّسَاءِ، واسْتَشْهَد بما أَنْشَدَه أَبُو عُبَيْدَةَ:
  رَبَلَات هِنْدٍ خَيْرَة الرَّبَلاتِ(٦)
  وقال خَالِدُ بنُ جَنْبَةَ: الخَيْرَة من النِّسَاءِ: الكَرِيمةُ النَّسَبِ، الشَّرِيفَةُ الحَسَبِ، الحَسَنَةُ الوَجْهِ، الحَسَنَةُ الخُلُقِ، الكَثِيرَةُ المَالِ، التي إِذا وَلَدَتْ أَنْجَبَتْ. ومَنْصُورُ بْنُ خَيْرٍ المَالَقِيُّ: أَحدُ القُرّاءِ المَشْهُورين.
  والحافِظ أَبو بكْر مُحمَّد بن خَيْرٍ الإِشْبِيلِيُّ، مع ابنِ بَشْكُوَال في الزّمان. يقال فيه الأَمَوِيُّ أَيضاً، بفَتْح الهَمْزَة، مَنْسُوبٌ إِلى أَمَة جَبَل بالمَغْرِب، وهو خَالُ أَبِي القَاسِم السُّهَيْليّ.
  وسَعْدُ الخَيْر الأَنْصَارِيّ، وبِنْتُه فاطِمَةُ حَدَّثَت عن فاطِمَةَ الجُوزْدَانِيّة. وسَعْدُ الخَيْر بنِ سَهْلٍ الخُوَارَزْميّ، مُحَدِّثُون.
  والخِير، بالكَسْر: الكَرَمُ. والخِيرُ: الشَّرفُ. عن ابْن الأَعْرَابِيّ، والخِيرُ: الأَصْلُ. عن اللِّحْيَانيّ. ويقال: هو كَرِيمُ الخِيرِ، وهو الخِيمُ، وهو الطَّبِيعَة، والخِيرُ: الهَيْئَةُ(٧)، عَنْه أَيضاً.
  وإِبْراهِيمُ بْنُ الخَيِّر، ككَيِّس، مُحَدِّثٌ، وهو إِبْرَاهِيمُ بنُ مَحْمُود بنِ سَالِمٍ البَغْدَادِيّ، والخَيِّرُ لَقَبُ أَبِيه.
  وخَارَ الرَّجُلُ يَخِيرُ خَيْراً: صَارَ ذَا خَيْرٍ: وخَارَ الرَّجُلَ على غَيْرِه. وفي الأُمَّهَات اللُّغَوِيَّة: على صاحِبِه، خَيْراً وخِيرَةً، بكَسْر فَسُكُون، وخِيَراً، بِكَسْر فَفَتْحٍ، وخِيَرَةً بزيادة الهاءِ: فَضَّلَه على غَيْره، كما في بَعْض النُّسَخ، كخَيَّره تَخْيِيراً. وخَارَ الشَّيْءَ: انْتَقاهُ واصْطَفَاهُ، قال أَبو زُبَيْد الطَّائِيّ:
  إِنَّ الكِرَامَ عَلَى مَا كَانَ من خُلُقٍ ... رَهْطُ امْرئٍ خارَه لِلدِّينِ مُخْتَارُ
  وقال: خَارَه مُخْتَارٌ، لأَنَّ خارَ في قُوَّة: اخْتَار، كتَخَيَّره، واخْتَارَه. وفي الحَدِيثِ: «تَخَيَّروا لنُطَفِكُم» أَي اطْلُبوا ما هُو خيْرُ المَنَاكِح وأَزْكَاها، وأَبعَدُ من الفُحْش(٨) والفُجُور.
  وقال الفَرَزْدَق:
  ومِنَّا الَّذِي اخْتِيرَ الرِّجَالَ سَمَاحَةً ... وجُوداً إِذا هَبَّ الرِّيَاحُ الزَّعازِعُ
  أَرادَ مِن الرِّجال، لأَنَّ اختارَ مما يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْن بحَذْفِ حَرْف الجَرّ. تقول: اخْتَرْتُه الرِّجَالَ واخْتَرْتُه منهم.
  وفي الكتاب العزيز: {وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً}(٩) أَي مِنْ قَوْمِه. وإِنَّمَا استُجِيزَ وُقُوعُ الفِعْل عَلَيْهِم إِذَا طُرِحَت
(١) سورة فصلت الآية ٤٩.
(٢) سورة العاديات الآية ٨.
(٣) سورة ص الآية ٣٢.
(٤) سورة الرحمن الآية ٧٠.
(٥) هذا ضبط اللسان، وضبطت في التهذيب بكسر الخاء وفتح اللام (جمع خلقة) وكلاهما ضبط قلم.
(١٠) (*) في القاموس: (أو) بدل (و).
(٦) سيرد قريباً بتمامه برواية أخرى.
(٧) كذا بالأصل والقاموس واللسان، وفي التهذيب: «الهبة» وهي مناسبة أكثر.
(٨) النهاية: الخبث والفجور.
(٩) سورة الأعراف الآية ١٥٥.