تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الدال المهملة مع الراء

صفحة 389 - الجزء 6

  وفي الصّحاح: الدَّبِيرُ: ما أَدْبَرَتْ به المَرْأَة من غَزْلِها حين تَفْتِلُه، وبه فُسِّرَ: فُلانٌ ما يَعْرِف دَبِيرَه مِن قَبِيلِه.

  وقال يَعْقُوب: القبيل: ما أَقْبلتَ به إِلى صَدْرِك. والدَّبِيرُ: مَا أَدْبَرْتَ به عن صَدْرِك. يقال: فُلانٌ ما يَعْرِف قَبِيلاً من دَبِيرٍ. وهو مَجاز.

  ويقال: هو مُقَابَلٌ ومُدابَرٌ، أَي مَحْضٌ مِنْ أَبَوَيْهِ كَريمُ الطَّرَفَيْن وهو مَجَاز. قال الأَصمَعِيّ: وأَصْلُه من الإِقْبالَةِ والإِدْبَارَةِ، وهو شَقٌّ في الأُذُن ثم يُفْتَلُ ذلك، فإِنْ - وفي اللسان: فإِذا⁣(⁣١) - أُقْبِلَ بِهِ فَهو إِقْبَالَةٌ، وإِن - وفي اللِّسَان: وإِذا⁣(⁣٣) - أُدْبِرَ به فإِدْبَارَةٌ. والجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ مِن الأُذُنِ هي الإِقبالَةُ: والإِدْبَارَةُ كأَنَّهَا زَنَمَةٌ. والشّاةُ مُقَابَلَةٌ ومُدَابَرَةٌ، وقد دابَرْتُها - والذّي في اللسان: وقد أَدْبَرْتُها⁣(⁣٢) - وقَابَلْتُها.

  والّذِي عند المُصَنِّف أَصْوَبُ.

  ونَاقَةٌ ذاتُ إِقْبَالَةٍ وإِدبارَةٍ وناقةٌ مُقَابَلَةٌ مُدَابَرَة، أَي كَريمةُ الطَّرفَيْنِ من قِبَلِ أَبِيهَا وأُمِّهَا، وفي الحَدِيث: «أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بمُقَابَلَةٍ أَو مُدابَرَة». قال الأَصمعيّ: المُقَابَلَة: أَن يُقْطَع من طَرَف أُذُنِهَا شَيْءٌ ثمّ يُتْرَك مُعَلَّقاً لا يَبِينُ كأنَّه زَنَمةٌ، ويقال لمثل ذلك من الإبل: المزنَّمُ، ويسَمَّى ذلك المُعَلَّقُ: الرَّعْلَ⁣(⁣٣)، والمُدَابَرَةُ: أَن يُفْعَلَ ذلِك بمُؤَخَّرِ الأُذُنِ من الشّاةِ. قال الأَصمعيّ: وكذلك إِن بان ذلِك من الأُذُن فهي مُقَابَلَةٌ ومُدَابَرةٌ بعد أَن كان قُطِعَ.

  ودُبَارٌ، كغُرَابٍ وكِتَابٍ: يَومُ الأَربعاءِ. وفي كِتَاب العَيْن للخَلِيل بنِ أَحْمَد: ليلَتُه، ورَجَّحَه بَعْضُ الأَئِمَّة، عادِيَّة، من أَسمائهم القديمةِ. وقال كُرَاع: جاهِلِيَّة، وأَنشد:

  أُرَجِّى أَن أَعِيشَ وأَنَّ يَومِي ... بِأَوّلَ أَو بأَهْوَنَ أَو جُبَار

  أَو التّالي دُبَارِ فإِن أَفُتْه ... فمُؤْنِسٍ أَو عَرُوبَةَ أَو شِيَارِ

  أَوَّلٌ: الأَحَد. وشِيَارٌ: السَّسْت. وكلّ منها مَذْكُور في مَوْضِعه. والدِّبَارُ: بالكَسْرِ: المُعَادَاةُ من خَلْفٍ، كالمُدابَرَةِ.

  يقال: دَابَرَ فلانٌ فُلاناً مُدَابَرةً ودِبَاراً: عَادَاه وقَاطَعَه وأَعرَضَ عنه.

  والدِّبَارُ: السَّواقِي بَيْنَ الزُّرُوعِ، واحدتها دَبْرةٌ، وقد تقدّم. قال بِشْرُ بنُ أَبِي خازِم؛

  تَحَدُّرَ ماءِ البِئْر عن جُرَشِيِّها ... على جِرْيةٍ تَعلُو الدِّبَارَ غُرُوبُهَا⁣(⁣٤)

  وقد يُجْمَع الدِّبَار⁣(⁣٥) على دِبَاراتٍ، وتقدّم ذلِك في أَوّل المَادّةِ.

  والدِّبَار: الوَقَائِعُ والهَزَائِمُ، جمْعُ دَبْرة. يقال: أَوْقَعَ الله بهم الدِّبَارَ، وقد تقدّم أَيضاً.

  وقال الأَصمعيّ: الدَّبَارُ بالفَتْحِ: الهَلَاكُ، مثل الدَّمَار.

  وزادَ المصنِّف في البَصائر: الّذِي يَقْطَع دابِرَهم. ودَبَرَ القَوْمُ يَدْبُرُون دبَاراً: هَلَكُوا، ويقال: عَلَيْهِ الدَّبارُ إِذا دَعَوْا عَلَيْه بأَن يَدْبُرَ فلا يَرْجع، ومثله: عَلَيْه العَفَاءُ، أَي الدَّرُوسُ والهَلاكُ.

  والتَّدْبِيرُ: النَّظَرُ في عاقِبَةِ الأَمْر، أَي إِلى ما يَؤُول إِليه عاقِبَتُه، كالتَّدَبُّر. وقيل: التَّدَبُّر التَّفكُّر أَي تَحْصِيل المَعْرِفَتَيْنِ لتَحْصِيل مَعْرِفةٍ ثالثة، ويقال عَرَف الأَمرَ تَدَبُّراً، أَي بأَخَرَةٍ.

  قال جَرِير:

  ولا تَتَّقُون الشَّرَّ حتَّى يُصِيبَكُمْ ... ولا تَعْرِفون الأَمرَ إِلَّا تَدَبُّرَا

  وقال أَكثَمُ بنُ صَيْفِيّ لبَنِيه: يا بَنِيَّ، لا تَتَدَبَّروا أَعْجازَ أُمُورٍ قد وَلَّتْ صُدُورُها⁣(⁣٦).

  والتَّدْبِير: عِتْقُ العَبْدِ عَنْ دُبُرٍ، هو أَن يَقُول له: أَنت حُرٌّ بعد مَوْتِي، وهو مُدَبَّر. ودَبَّرْتُ العَبْدَ، إِذا عَلَّقْتَ عِتْقَه بمَوْتِك.

  والتَّدْبِير: رِوَايَةُ الحَدِيثِ ونَقْلُه عن غَيْرِك، هكذا رواه أَصْحَابُ أَبِي عُبَيْد عَنْه، وقد تَقَدَّم ذلك.


(١) والصحاح أيضاً.

(٢) في الصحاح فكالأصل والقاموس.

(٣) الرعل: الرعلة جلدة من أذن الناقة والشاة تشق فتعلق في مؤخرها كأنها زنمة (قاموس). والشاة: رعلاء من رعل.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: عن جرشيها على جرية تعلو الخ، هذا مخالف لما سبق له آنفاً» انظر روايته وضبطه أثناء المادة. وروى المفضل: ماء العين.

(٥) في اللسان: عليه الدبار: أي العَفَاء.

(٦) زيد في التهذيب: يقول: إذا فاتكم الأمر لم ينفعكم الرأي وإن كان محكماً.