تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الدال المهملة مع الراء

صفحة 428 - الجزء 6

  يَبْكِي عليه غَرِيبٌ ليس يَعْرِفُهُ ... وذُو قَرَابَتِهِ في الحَيِّ مَسْرُورُ

  حتّى كأَنْ لمْ يَكُنْ إِلّا تَذَكُّرُهُ ... والدَّهْرُ أَيَّتَمَا حِينٍ⁣(⁣١) دَهَارِيرُ

  قال: وواحِدُ الدَّهارِير: دَهْر، على غَيْر قياس. كما قالوا⁣(⁣٢): ذَكَرٌ ومَذاكير، وشبْه ومَشَابِيه وقيل: جَمْع دُهْرورٍ أَو دَهْرَات. وقيل: دِهْرِير. وفي حديث سَطِيح:

  فإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْواراً دَهَارِيرُ

  ويقال: دَهْرٌ دَهَارِيرُ، أَي شَدِيدٌ، كقولهم: لَيْلَةٌ لَيْلاءُ، ونَهَارٌ أَنْهَرُ، ويَومٌ أَيْوَمُ، وساعَةٌ سَوْعَاءُ.

  وكذا دَهْرٌ دَهِيرٌ، ودَهْر داهِرٌ، مُبَالغَةٌ، أَي شَدِيدٌ، كقولهم أَبَدٌ آبِدٌ، وأَبَدٌ أَبِيدٌ.

  ودَهَرَهُم أَمرٌ، ودَهَرَ بهم، كمَنَع: نَزَلَ بهم مَكْرُوهٌ، وقال الزَّمَخْشَرِيّ: أَصابَهم به الدَّهْرُ. وفي حديث مَوْتِ أَبي طالب: «لولا أَنَّ قُرَيْشاً تَقول دَهَرَه الجَزعُ لفَعَلْتُ» وهم مَدْهورٌ بهم ومَدْهُورُون، إِذا نَزَل بهم وأَصابَهُم.

  والدَّهْرِيّ بالفتح ويُضمُّ: المُلحِدُ الذي لا يُؤْمن بالآخِرة القَائِلُ بِبقَاءِ الدَّهْرِ. وهو مُوَلَّد.

  قال ثَعْلبٌ: وهما⁣(⁣٣) جَمِيعاً مَنْسُوبانِ إِلى الدَّهْرِ، وهم رُبَّمَا غَيَّرُوا في النَّسَب، كما قالوا سُهْلِيّ للمَنْسُوب إِلى الأَرضِ السَّهْلَة، واقْتَصَر الزَّمَخْشَرِيّ على الفَتْح، كما سيأْتي.

  وعَامَلَه مُدَاهرَةً ودِهَاراً، كمُشَاهَرَة الأَخِيرَة عن اللِّحْيَانيّ، وكذلِك استَأْجَرَه مُدَاهَرةً ودِهَاراً، عنه.

  ودَهْوَرَهُ دَهْوَرَةً: جَمَعَه وقَذَفَه به في مَهْواةٍ، وقال مُجَاهِد في قَوْلِه تَعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}⁣(⁣٤) قال: دُهْوِرَت.

  وقال الرَّبِيع بنُ خيثم⁣(⁣٥) رَمَى بها. ويقال: طَعَنَه فكَوَّرهَ، إِذَا أَلْقاه. وقال بعضُ أَهلِ اللُّغَة في تَفْسِير قولِهِ تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ}⁣(⁣٦) أَي دُهْوِرُوا. وقال الزَّجّاج أَي طُرِحَ بعضُهم على بَعْض.

  وفي مجمع الأَمثال للمَيْدَانِيّ: يقال: «دَهَوْرَ الكَلْبُ» إِذا فَرِقَ من الأَسَدَ فنَبَحَ وضَرِطَ وسَلَحَ.

  ودَهْوَرَ الكلام: فخّمَ⁣(⁣٧) بعضَه في إِثْر بَعْضٍ.

  ودَهْوَرَ الحائِطَ: دَفَعَه فَسَقَطَ، وتدَهْوَرَ اللَّيْلُ: أَدْبَرَ ووَلَّى.

  والدَّهْوَرِيُّ: الرّجلُ الصُّلْبُ الضَّرْبُ. وقال اللّيث: رَجُلٌ دَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ، وهو الصُّلْب.

  قال الأَزهَرِيّ: أَظُنُّ هذا خَطَأً⁣(⁣٨)، والصواب جَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ، أَي رَفِيعُ الصَّوتِ.

  ودَهْرٌ، بفَتْح فَسُكون: وادٍ دُونَ حَضْرَموْتَ. قال لَبِيد بنُ رَبِيعة:

  وأَصْبَحَ راسِياً برُضَامِ دَهْرٍ ... وسَالَ به الخَمائِلُ في الرِّهَامِ⁣(⁣٩)

  ودَهْرُ بنُ وَدِيعةَ بنِ لُكَيْزٍ أَبُو قَبِيلَة، من عامِرٍ. والدُّهْرِيّ، بالضَّمّ، نسْبَةٌ إِليها على غيرِ قِياس، من تَغيرات النَّسب.

  وهو كَثِيرٌ، كسُهْلِيّ إِلى الأَرْض السَّهْلَة، كما تقدّم عن ثَعْلَب. قال ابنُ الأَنبارِيّ: يقال في النّسبة إِلى الرجل القَدِيم: دَهْريّ. قال وإِن كان من بني دَهْرٍ من بني عامرٍ قُلْتَ: دُهْرِيّ لا غَيْرُ، بضمّ الدالِ، وقد تقدَّم عن ثَعْلَبِ ما يخالفه. وقال سيبويه: فإِن سَمَّيت بدَهْر لم تَقُلْ إِلا دَهْرِيّ، على القِيَاسِ.

  وقال الزَّمخْشَرِيّ في الأَسَاس والدُّهْرِيّ، بالضَّمّ: الرَّجلُ المُسِنّ القدِيم، لكِبَرِه. يقال: رَجُلٌ دُهْرِيٌّ، أَي قديمٌ مُسِنٌّ نُسِب إِلى الدَّهْر، وهو نَادِرٌ، وبالفَتْح:


(١) في الصحاح: أيتما حالٍ.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وقيل: الخ عبارة اللسان: كما قالوا: ذكر ومذاكر، وشبه ومشابه فكأنها جمع مذكار ومشبه، وكأن دهارير جمع دهرور أو دهرات اه».

(٣) قوله: وهما جاء معقباً على قوله: والدُّهري بالضم: المسنّ. والدهري بالفتح: الملحد والعبارة وردت في الصحاح واللسان.

(٤) الآية الأولى من سورة التكوير.

(٥) كذا بالأصل وفي التهذيب واللسان: خُثَيم.

(٦) سورة الشعراء الآية ٩٤.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: فخم، كذا بخطه، والذي في اللسان: قحم، بالقاف والحاء المهملة، ولعله أولى».

(٨) عبارة التهذيب المطبوع: وهذا خطأ عندي.

(٩) ديوانه وفيه: في الرمالِ.