فصل الذال المعجمة مع الراء
  والتَّذْكِيرُ: وَضْعُ الذُّكْرَةِ في رأْسِ الفَأْسِ وغيرِهِ كالسَّيْف: أَنْشَد ثَعْلَب:
  صَمْصَامَةٌ ذَكَّرَه مُذَكِّرُهْ ... يُطَبِّق العَظْمَ ولا يُكَسِّرُهْ
  والمُذَكَّرُ من السيفِ كمُعَظَّم: ذُو الماءِ، وهو مَجَاز.
  ويقال: سَيْفٌ مُذَكَّرٌ: شَفْرَتُه حَديدٌ ذَكَرٌ، ومَتْنُه أَنِيثُ، يقول النَّاس: إِنَّه من عَمَل الجِنّ. وقال الأَصْمعيّ: المُذَكَّرَةُ(١) هي السُّيوف شَفَراتُها حَدِيدٌ ووَصْفُهَا كذلِك.
  ومن المَجَازِ: المُذَكَّر من الأَيّامِ: الشَّدِيدُ الصَّعْبُ. قَال لَبِيد:
  فإِنْ كُنْتِ تَبْغِينَ الكِرَامَ فأَعْوِلِي ... أَبا حَازِمٍ في كُلّ يَومٍ مُذَكَّرِ
  وقال الزمخشريّ: يومٌ مَذَكَّرٌ: قد اشتَدَّ فيه القِتَالُ، كالمُذْكِرِ، كمُحْسِنِ، وهو أَي المُذْكِر كمُحْسِن: المَخُوفُ من الطُّرُق. يقال: طَرِيقٌ مُذكرٌ(٢) أَي مَخُوفٌ صَعْبٌ.
  والمُذْكِر(٣) الشَّدِيدةُ من الدّواهِي. ويقال: دَاهِيَة مُذْكِرٌ، لا يَقُوم لها إِلَّا ذُكْرَانُ الرِّجَالِ. قال الجَعْديّ:
  وداهِيَةٍ عَمْيَاءَ صَمَّاءَ مُذكِرٍ ... تَدُرّ بسَمٍّ في دَمٍ يتَحَلَّبُ
  كالمُذَكَّرَة، كمُعَظَّمة، نقله الصَّاغَانِيّ.
  قال الزَّمَخْشَرِيّ: والعَرب تَكْرَه أَن تُنْتج النَّاقَةُ ذَكَراً، فضَربوا الإِذكارَ مَثَلاً لكُلّ مَكْرُوه.
  وقال الأَصمَعِيّ: فَلَاةٌ مِذْكارٌ: ذَاتُ أَهْوالٍ. وقال مَرَّةً: لا يَسلُكها(٤) إِلّا ذُكُورُ الرِّجالِ.
  والتَّذْكِرَةُ: ما يُسْتَذْكَرُ بِه الحاجةُ، وهو من الدّلالة والأَمارة، وقوله تعالى: {فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى}(٥) قِيلَ: معناه تُعِيد ذِكْرَه. وقيل: جعلها ذَكَراً في الحُكْم. والذُّكَّارةُ، كرُمَّانة: فُحّالُ النَّخْل.
  والاستِذْكارُ: الدِّرَاسَةُ والحِفْظُ، هكذا في النُّسخ.
  والذي في أُمَّهَات اللغة: الدِّرَاسة للحِفظ. واستَذْكَرَ الشَّيْءَ: دَرَسَه للذِّكر. ومنه الحديث: «استَذْكِرُوا القرآنَ فلَهُو أَشَدُّ تَفصِّياً من صُدُورِ الرجالِ من النَّعَم من عُقُلِها».
  ومن المَجَاز: ناقةٌ مُذَكَّرةُ الثُّنْيَا، أَي عَظِيمةُ الرّأْسِ كرَأْس الجَمل، وإِنما خصّ الرَّأْس لأَنّ رأْسَها مِمّا يُسْتَثْنَى في القِمَارِ لبائِعِهَا.
  وسَمَّوْا ذَاكِراً ومَذْكَراً كمَسْكَنٍ، فمن ذلِك، ذاكِرُ بنُ كامِلِ بن أَبي غالبٍ الخُفاف الظَّفرِيّ، مُحَدِّث.
  وفي الحديث «القُرآنُ ذَكَرٌ فذَكِّرُوهُ»، أَي جَلِيلٌ نَبِيهٌ خَطِيرٌ فأَجِلُّوه واعْرِفُوا له ذلك وصِفُوه به، هذا هو المَشْهُور في تَأْويله. أَو إِذا اخْتَلَفْتُم في الياءِ والتَّاءِ فاكْتُبُوه باليَاءِ، كما صرَّحَ به سيِّدنا عبد الله بنُ مَسْعُود، رَضِي الله تعالى عَنْه.
  وعلى الوَجْه الأَول اقتَصَر المصنّف في البَصائِر. ومِن ذلِك أَيضاً قولُ الإِمام الشَّافِعِيّ: «العِلْم ذَكَرٌ لا يُحِبُّه إِلّا ذُكُورُ الرِّجال»، أَوردَه الغَزَالِيّ في الإِحْياءِ.
  * ومما يُسْتَدرك عليه:
  استَذْكَر الرَّجلُ: أَرْتَمَ.
  ويقال: كَم الذِّكرَة(٦) مِن وَلَدك، بالضمّ أَي الذُّكور.
  وفي حديث طارقٍ مَوْلَى عُثْمَان قال لابن الزُّبيْرِ حِين صُرع: «والله ما وَلَدَت النِّسَاءُ أَذْكَرَ منْك»، يعنِي شَهْماً ماضِياً في الأُمور، وهو مَجاز.
  وذُكُورُ العُشْبِ: ما غَلُظَ وخَشُنَ.
  وأَرضٌ مِذْكارٌ: تُنْبِت ذُكُورَ العُشْبِ. وقيل: هي التي لا تُنْبِت. والأَوّل أَكثرُ. قال كَعْب:
  وعَرَفْتُ أَنِّي مُصبِحٌ بمَضِيعَةٍ ... غَبْراءَ يَعْزِفُ جِنُّهَا مِذْكارِ
  وقال الأَصمَعِيُّ: فَلَاةٌ مُذْكِرٌ: تُنْبِت ذُكورَ البَقْلِ. وذُكُورُ البَقْلِ: ما غَلُظَ منه وإِلى المَرَارَة هو، كما أَنَّ أَحرَارَها ما رَقَّ منه وطَابَ.
(١) عن التهذيب واللسان، وبالأصل «المذكر».
(٢) ضبطت في اللسان والأساس «مُذَكَّرٌ» وفي التكملة والتهذيب: «مُذّكِرٌ».
(٣) كذا ضبط الأساس واللسان والتكملة والتهذيب.
(٤) في الأساس: لا يقطعها إلا الذكر من الرجال.
(٥) سورة البقرة الآية ٢٨٢.
(٦) ضبطت عن اللسان.