فصل الصاد المهملة مع الراء
  وفي التهذيب: صَفِرَ(١) يَصْفُرُ صُفُورَاً، والعَرَبُ تقول:
  نَعُوذُ بالله من قَرَعِ الفِنَاءِ، وصَفَرِ الإِناءِ. يَعْنُونَ به هَلَاكَ المَوَاشي.
  وقال ابنُ السِّكِّيتِ: صَفِرَ الرَّجلُ.
  يَصْفَرُ صَفِيراً، وصَفِرَ الإِناءُ، ويقال: بَيْتٌ صِفْرٌ من المَتَاعِ، ورَجُلٌ صِفْرُ اليَدَيْنِ، وفي الحديثِ: «إِنَّ أَصْفَرَ البُيُوتِ من الخَيْرِ البَيْتُ الصِّفْرُ من كتابِ الله». وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: «صِفْرُ رِدَائِهَا، ومِلءُ كِسائِها، وغَيْظُ جَارَتِهَا» المَعْنَى أَنها ضَامِرٌ(٢) البَطْنِ، فكأَنّ رِدَاءَها صِفْرٌ، أَي خالٍ لشِدَّة ضُمُورِ بَطْنِهَا، والرّداءُ يَنْتَهِي إِلى البَطْن، فيقعُ عليه.
  ومن المَجَاز صَفِرَتْ وِطَابُه: ماتَ، وكذا صَفِرَتْ إِناؤُه، قال امرُؤُ القيسِ:
  وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً ... ولَوْ أَدْرَكْنَه صَفِرَ الوِطَابُ
  وهو مَثَلٌ مَعناه أَنّ جِسْمَه خَلَا مِن رُوحِه، أَي لو أَدْرَكَتْه الخيلُ لقَتَلَتْه ففَزِعَت.
  وأَصْفَرَ الرَّجلُ، فهو مُصْفِرٌ: افْتَقَرَ.
  وأَصْفَرَ البَيْتَ: أَخْلاهُ، كصَفّرَه تَصْفِيراً، وتقول العرب: ما أَصْغَيْتُ لك إِناءً، ولا أَصْفَرْتُ لكَ فِنَاءً، وهذا في المَعْذِرَة، يقول: لم آخُذْ إِبِلَك ومالَك فيَبْقَى إِناؤُك مَكْبُوباً، لا تَجِدُ له لَبَناً تَحْلُبه فيه، وَيَبْقَى فِنَاؤُكَ خالِياً مَسْلُوباً، لا تَجِدُ بَعِيراً يَبْرُك فيه، ولا شاةً تَرْبِض هناك.
  والصُّفْرِيَّةُ، بالضَّمّ ويُكْسَرُ: قَوْمٌ من الحَرُورِيَّة، من الخَوَارِج، قيلَ: نُسِبُوا إِلى عَبدِ الله بنِ صَفَّارٍ، ككَتَّان، وعلى هذا القَوْل يكون من النَّسَبِ النّادِر.
  أَو إِلى زِيادِ بنِ الأَصْفَرِ رَئيسهم، قاله الجَوْهَرِيّ.
  أَو إِلى صُفْرَةِ أَلْوَانِهِم، أَو لخُلُوِّهِمْ من الدِّينِ، ويَتَعَيَّنُ حينَئذ كسرُ الصَّادِ، وصَوَّبَه الأَصْمَعِيّ(٣)، وقال خاصَمَ رَجلٌ منهم صاحِبَه في السِّجنِ، فقال له: أَنْتَ والله صِفْرٌ من الدِّينِ. فسُمُّوا الصِّفْريّة، وأَورده الصاغانيّ.
  والصُّفْرِيَّةُ بالضَّمّ أَيضاً: المَهَالِبَةُ المشهورون بالجُودِ والكَرمِ نَسِبُوا إِلى [آلِ] * أَبي صُفْرَةَ جَدِّهم، واسْمُ أَبي صُفْرَةَ: ظالِمُ بنُ سَرّاق من الأَزْدِ، وهو أَبو المهلَّبِ، وَفَدَ على عُمَرَ مع بَنِيهِ، وأَخبارُهُم في الشَّجَاعَةِ والكَرَمِ معروفة.
  والصَّفَرِيَّةُ، محرَّكةً: نَبَاتٌ يكون في أَوَّل الخَرِيفِ يخضر الأَرْض، ويُورِقُ الشجر، قال أَبو حَنِيفَة: سُمِّيَتْ صَفَرِيَّة؛ لأَنّ الماشِيَةَ تَصْفَرُّ إِذا رَعَت ما يَخْضَرُّ من الشَّجَرِ، فتُرَى مَغابِنُهَا ومَشَافِرُها وأَوْبَارُهَا صُفْراً، قال ابنُ سِيدَه: ولم أَجِدْ هذا مَعْرُوفاً.
  أَوْ هي تَوَلِّي الحَرِّ وإِقْبالُ البَرْدِ، قاله أَبو حَنِيفَة.
  وقال أَبو سعيد: الصَّفَرِيّة: ما بَيْنَ تَوَلِّي القَيْظِ إِلى إِقْبالِ الشّتَاءِ.
  أَو أَوَّلُ الأَزْمِنَةِ، وتكونُ شَهْراً، وقيل: أَوَّلُ السَّنَةِ، كالصَّفَرِيّ.
  والصَّفَرِيَّةُ: نِتَاجُ الغَنَمِ مع طُلُوعِ سُهَيْلٍ وهو أَوَّلُ الشِّتَاءِ.
  وقيل: الصَّفَرِيَّةُ: من لَدُنْ طُلُوعِ سُهَيْل إِلى سُقُوطِ الذِّرَاعِ، حين يَشْتَدُّ البَرْدُ، وحينئذٍ يكون النّتَاجُ مَحموداً(٤) كالصَّفَرِيِّ، مُحَرَّكَةٌ فِيهِما.
  وقال أَبو زيد: أَوَّلُ الصَّفَرِيَّةِ: طلُوعُ سُهَيْل، وآخِرُهَا: طُلوع السِّمَاك(٥)، قال: وفي الصَّفَرِيَّةِ أَربعون لَيلةً يَخْتَلِفُ حَرُّهَا وبَرْدُهَا، تُسَمَّى المُعْتَدِلات والصَّفَرِيّ في النّتَاجِ بعدَ القَيْظِيّ.
  وقال أَبو نَصر: الصَّقَعِيُّ: أَولُ النّتَاجِ، وذلك حين تَصْقَعُ الشَّمسُ فيه رُؤُوس البَهْمِ صَقْعاً، وبعضُ العرب يقول له: الشَّمْسِيّ، والقَيْظِيّ، ثم الصَّفَرِيّ بعد الصَّقَعِيّ، وذلك عند صِرَامِ النَّخِيل، ثم الشَّتْوِيّ، وذلك في الرَّبيع، ثم الدَّفَئِيّ، وذلك حين تَدْفَأُ الشَّمْسُ، ثم الصَّيفِيّ، ثم القَيْظِيّ، ثم الخَرْفِيّ في آخِرِ القَيْظِ.
(١) ضبطت عن التهذيب، وفي اللسان عنه: «صَفُر» وفي المطبوعة الكويتية «صَفَر» كله ضبط قلم.
(٢) النهاية واللسان: «ضامرة البطن».
(٣) قال الأصمعي الصواب في الخوارج الصَّفرية، بالكسر، قاله في التهذيب.
(*) ما بين معكوفتين سقط بالمصرية والكويتية.
(٤) اللسان: وحينئذ ينتج الناس، ونتاجُه محمودٌ.
(٥) عن التهذيب واللسان وبالأصل «سماك».