[طهر]:
  وجلّ: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ}(١) وقُرِئَ «حَتَّى يَطَّهَّرْنَ» قال أَبو العَبّاس: والقراءَة حتى يَطَّهَّرْنَ؛ لأَنّ من قَرَأَ «يَطْهُرْنَ» أَرادَ انقِطَاعَ الدَّمِ، {فَإِذا تَطَهَّرْنَ}: اغْتَسَلْنَ، فصيَّر معناهما مختلفاً، والوَجْهُ أَنْ تكونَ الكَلِمَتَانِ بمعنًى واحدٍ، يريدُ بهما جميعاً الغُسْلَ، ولا يَحلّ المَسِيسُ إِلّا بالاغْتِسَالِ، ويُصَدِّق ذلك قراءَةُ ابنِ مَسْعُود «حَتَّى يَتَطَهَّرْنَ».
  وقال المصنّف في البَصَائِر: طَهَرَ، وطَهُرَ، واطَّهَّرَ، وتَطَهَّرَ بمعنىً، وطَهَرَت المَرْأَةُ طُهْراً، وطَهَارَةً وطُهُوراً وطَهُوراً وطَهُرَت، والفَتْح أَقْيَسُ.
  والطَّهَارَةُ ضَرْبان: جُسْمَانِيَّةٌ ونَفْسَانِيَّة، وحُمِلَ عليهمَا أَكثَرُ الآيات(٢).
  وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}(٣) أَي استعمِلُوا الماءَ أَو ما يَقُومَ مَقَامَه.
  وقال تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ}(٤) فدلَّ باللَّفْظَيْنِ على عَدَمِ جَوازِ وَطْئهنّ إِلّا بعدَ الطّهَارَةِ والتَّطْهِيرِ، ويُؤَكّد ذلك قِرَاءَةُ من قَرَأَ «حتَّى يَطَّهَّرْنَ»، أَي يفْعَلْنَ الطَّهَارَةَ التي هي الغُسْلُ. انتهى.
  وفي اللسان: وأَما قوله تعالى: {فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}(٥) فإِن معناه الاسْتِنْجَاءُ بالماءِ، نَزَلَتْ في الأَنصارِ، وكانوا إِذا أَحْدَثُوا أَتْبَعُوا الحِجَارَةَ بالماءِ، فأَثْنَى الله تَعَالَى عليهم بذلك.
  وقوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ}(٦) يعني من الحَيْضِ والبَوْلِ والغَائِطِ. قال أَبو إِسْحَاقَ: معناه أَنَّهُنّ لا يَحْتَجْنَ إِلى ما تَحْتَاج إِليه نِسَاءُ أَهْلِ الدُّنْيَا بعدَ الأَكلِ والشُّربِ ولا يَحِضْنَ ولا يَحْتَجْنَ إِلى ما يُتَطَهَّر به، وهنَّ مع ذلك طاهِرَاتٌ طَهَارةَ الأَخْلَاقِ والعِفّةِ، فمُطَهَّرَةً تَجْمَع الطَّهَارَةَ كلَّهَا؛ لأَنّ مُطَهَّرَةً أَبلغُ في الكلامِ من طاهِرَةٍ. وقوله ø: {أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ}(٧) قال أَبو إِسحاق: معناه طَهِّروه من تَعْلِيقِ الأَصنام عليه.
  قلْت: وقيل: المرادُ به الحَثُّ على تَطْهِيرِ القَلْبِ لدُخولِ السّكينةِ فيه المَذكورة في قوله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ}(٨) وقال الأَزهريّ: معناه أَي {طَهِّرا بَيْتِيَ} يعنِي من المَعَاصِي والأَفْعَالِ المُحَرَّمةِ.
  وقوله تعالى: {يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً}(٩) من الأَدْناسِ والباطل.
  وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}(١٠) يعني به تَطْهيرَ النَّفْس.
  وقوله تعالى: {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}(١١) أَي يُخْرِجُك من جُمْلَتهم، ويُنَزِّهُك أَن تَفعَلَ بفِعْلهم.
  وقيل في قوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}(١٢) يعنِي به تَطْهِيرَ النَّفْسِ، أَي أَنَّه لا يَبْلُغُ حَقَائِقَ مَعرِفَتِه إِلّا من(١٣) يُطَهِّرُ نَفْسَه من دَرَنِ الفَسَاد والجَهالاتِ والمُخَالفاتِ.
  وقوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ}(١٤) أَي أَن يَهْدِيَهم.
  وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ}(١٥) قالوا ذلك تَهَكُّماً حيثُ قال: {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}(١٦)، ومعنى أَطْهَرُ لكم: أَحَلُّ لَكُم.
  وطَهَّرَهُ بالماءِ تَطْهِيراً: غَسَلَه بهِ، فهو مُطَهّر والاسمُ الطُّهْرَةُ بالضَّمِّ.
  المَطهَرَةُ، بالكسرِ والفَتْحِ: إِناءٌ يُتَطَهَّرُ بهِ ويُتَوضَّأُ، مثل(١٧) سَطْل أَو رَكْوَة.
(١) سورة البقرة الآية ٢٢٢.
(٢) عبارة المفردات: والطهارة ضربان: طهارة جسم وطهارة نفس وحمل عليها عامة الآيات.
(٣) سورة المائدة الآية ٦.
(٤) سورة البقرة الآية ٢٢٢.
(٥) سورة التوبة الآية ١٠٨.
(٦) سورة البقرة الآية ٢٥.
(٧) سورة البقرة الآية ١٢٥.
(٨) سورة الفتح الآية ٤.
(٩) سورة البينة الآية ٢.
(١٠) سورة البقرة الآية ٢٢٢.
(١١) سورة آل عمران الآية ٥٥.
(١٢) سورة الواقعة الآية ٧٩.
(١٣) في المفردات للراغب: إلّا من طهر نفسه وتنقى من دون الفساد.
(١٤) سورة المائدة الآية ٤١.
(١٥) سورة الأعراف الآية ٨٢.
(١٦) سورة هود الآية ٧٨.
(١٧) في التهذيب: مثل قُوَس أو ركوة أو قَدَح.