(فصل الطاء) المهملة مع الراء
  اللَّفْظُ، لأَنّ فَعُولاً لا يُبْنَى من أَفْعَلَ وفَعَّلَ(١)، أَجابَ بَعْضُهُم أَنّ ذلك اقتَضَى التَّطْهِيرَ من حيثُ المَعْنَى، وذلِكَ أَن الطَّاهِرَ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ لا تَتعدّاه الطَّهَارَةُ، كطَهَارةِ الثَّوْبٍ، فإِنَّه طاهِرٌ غيرُ مُطهَّرٍ بهِ، وضَرْبٌ تَتعدّاه فيَجْعَلُ غيرَه طاهراً به، فوَصَفَ اللهُ الماءَ بأَنَّه طَهُورٌ تَنبِيهاً على هذا المَعْنَى، انتهى.
  وقال ابنُ دُرَيْدٍ(٢): يقولون طَهَرَه، كمَنَعَه وطَحَرَه، إِذا أَبْعَدَه، كما يَقُولون: مَدَحَه ومَدَهَه، أَي فالحَاءُ فيه بَدَلٌ من الهَاءِ.
  وطِهْرَانُ، بالكسر: ة، بأَصْبَهَانَ(٣) و: ة أُخرَى بالرَّيِّ، على فرسخين منها، وإِلى إِحداهُمَا نُسِب محمّدُ بنِ حَمّاد الطِّهْرَانِيّ، وابنُه عبدُ الرَّحمنِ، وغيرُهما، وقد حَدَّثَا.
  ومن المَجَاز: التَّطَهُّر: التَّنَزُّهُ. تطَهَّرَ من الإِثمِ، إِذَا تَنَزَّهَ.
  والتَّطَهُّر: الكَفُّ عن الإِثْمِ وما لا يَجْمُلُ.
  وهو طاهِرُ الأَثوابِ، والثِّيَابِ: نَزِهٌ مِنْ مَدَانِي الأَخْلَاقِ، وبه فُسِّر قولُه تعالى في مُؤمِنِي قَوْمِ لُوطٍ حِكَايَةً عن قولهم: {إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ}(٤) أَي يَتَنَزَّهُون عن إِتيانِ الذّكُور، وقيل: عن أَدْبَارِ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ.
  ورَجلٌ طَهِرُ الخُلُقِ، وطَاهِرُه، والأُنثَى طاهِرَةٌ.
  وإِنّه لطَاهِرُ الثِّيَابِ، أَي ليس بذِي دَنَسٍ في الأَخْلاقِ، قال اللهُ تعالى: {وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ}(٥) قيل: قلْبَك: وقيل: نَفْسَك، وقيل: معناه لا تَكُنْ غادِراً فتُدَنّسَ - ثيابَك، قال ابنُ سِيدَه ويُقَال للغادِر: دَنِسُ الثِّيابِ، وقيل: معناه فَقَصِّرْ؛ فإِنّ تَقْصِيرَ الثِّيَابِ طُهْرٌ؛ لأَن الثَّوْبَ إِذا انْجَرّ علَى الأَرْضِ لم يُؤْمَنْ أَن تُصِيبَه نَجَاسةٌ، وقِصَرُه يُبْعِدُه من النَّجَاسَةِ، وقيل: مَعْنَاه عَمَلَك فأَصْلِحْ. ورَوَى عِكْرِمَةُ عن ابنِ عبّاس في قوله: {وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ}: يقول: لا تَلْبَسْ ثيَابَكَ على مَعصِيَة ولا علَى فُجُورٍ وكُفْرٍ(٦)، وأَنشدَ قول غَيلانَ.
  إِنّي بحَمْدِ اللهِ لا ثَوْبَ غادِرٍ ... لَبِسْتُ ولا منْ خِزْيَةٍ أَتَقَنَّعُ
  واطَّهَّرَ اطَّهُّراً، أَصْلُه تَطَهَّرَ تَطَهُّراً، أُدْغِمَت التّاءُ في الطّاءِ، واجْتُلِبَت أَلِفُ الوَصْلِ لئِلّا يُبْتَدَأَ بالساكن، فيَمْتَنِعَ، قاله الصاغانيّ.
  وكزُبَيْرٍ: أَحْمَدُ بنُ حَسَنِ بنِ أَسماعِيلَ بن طُهَيْر المَوْصِلِيُّ المُحَدِثُ، سمِعَ يَحْيَى الثَّقَفيّ وغيرَه.
  * ومما يستدرك عليه:
  عن اللِّحْيَانِيّ أَنّ الشاةَ تَقْذَى عَشْراً ثم تَطْهُر، قال ابنُ سِيدَه. هكذا استعمَلَ اللِّحْيَانِيُّ الطُّهْرَ في الشَّاة، وهو طَرِيفٌ جِدًّا، لا أَدْرِي عن العَرَبِ حَكَاهُ أَم هو أَقْدَمَ عليه.
  والطَّهَارَةُ بالفَتْحِ - اسمٌ يَقُوم مَقَامَ التَّطَهُّرِ بالماءِ -: الاسْتِنْجاءُ والوُضُوءُ، وبالضَّمّ: فَضْلُ ما تَطَهَّرْتَ به.
  والسِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ للفَمِ.
  ومن المَجَاز: التَّوْبَةُ طَهُورٌ للمُذْنِبِ، قال اللَّيْثُ: هي الَّتي تَكُونُ بإِقامَة الحُدُودِ نحو الرَّجْمِ وغيرِه، وقد طَهَّرَه الحَدُّ.
  وقد طَهَّرَ فُلانٌ وَلَدَه، إِذا أَقامَ سُنَّةَ خِتَانِه، والخِتَانُ هو التَّطْهِيرُ، لا ما أَحدَثَه النَّصَارَى من صِبْغَةِ الأَولادِ.
  ووَادِي طُهْرٍ، بالضَّمّ: من أَعظَم مَخالِيفِ صَنْعَاءَ، قال أَحمدُ بن مُوسَى حين رُفِع إِلى صَنْعَاءَ وصارَ إِلى نَقِيلِ السَّود:
  إِذَا طَلَعْنَا نَقِيلَ السّوْدِ لاحَ لَنَا ... مِن أُفْقِ صَنْعَاءَ مُصْطافٌ ومُرْتَبَعُ
  يا حَبَّذَا أَنتِ من صَنْعَاءَ من بَلَدٍ ... وحبّذَا وَادِياك الطُّهْرُ والضِّلَعُ
  وَسَمَّوْا طاهِراً ومُطَهَّراً وطُهَيْراً، مصغّراً.
  وأَحمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ بن مُطَاهِرٍ، بالضّمّ صاحِبُ تارِيخِ طُلَيْطِلَةَ، روى عنه عليّ بنُ عبدِ الرحمن بن بقيّ.
(١) زيد في المفردات للراغب: - والنص فيه، وكثيراً ما ينقل المصنف في البصائر عنه - وإنما يبنى ذلك من فَعُلَ.
(٢) الجمهرة ١/ ١٨.
(٣) في القاموس: بأصفهان.
(٤) سورة الأعراف ٨٢ وسورة النمل الآية ٥٦.
(٥) سورة المدثر الآية ٤.
(٦) قال الأزهري: وكل ما قيل في قوله ø: {وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ} فهو صحيح من جهة اللغة، ومعانيها متقاربة والله أعلم بما أراد.