(فصل الطاء) المهملة مع الراء
  ومنه قولُهُم: ازْجُرْ أَحْنَاءَ طَيْرِكَ، أَي جَوانبَ خفَّتكَ وطَيْشِك، و في صِفَةِ الصَّحابَةِ رضوان الله عليهم: كَأَنَّ عَلَى رؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ، أَي ساكِنُونَ هَيْبَةً، وَصَفهم بالسُّكُونِ والوَقَارِ، وأَنَّهُم لم يَكُنْ فيهم خِفَّةٌ وطَيْشٌ، ويُقَالُ للقَوْم إِذا كانوا هادِئينَ ساكِنِينَ: كَأَنَّمَا على رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ، وأَصْلُه أَنّ الطَّيْرَ لا يَقَعُ إِلّا على شيْءٍ ساكِنٍ من المَوَاتِ، فضُرِبَ مثلاً للإِنْسَانِ ووَقَارِه وسُكُونهِ. وقال الجَوْهَرِيّ: أَصلُه أَنَّ الغُرَابَ يَقَعُ عَلَى رأْسِ البَعِيرِ، فيَلْقُطُ مِنْهُ(١) الحَلَمَةَ والحَمْنانَةَ، أَي القُرادَ، فلا يَتَحَرَّكُ البَعِيرُ، أَي لا يُحَرِّكُ رأْسه لِئَلّا يَنْفِرَ عنه الغُرَابُ.
  * ومما يستدرك عليه:
  «الرّؤْيَا على رِجْلِ طائِرٍ ما لم تُعْبَرْ» كما في الحدِيث، أَي لا يَسْتَقِرّ تَأْوِيلُها حتّى تُعْبَر، يريدُ أَنَّهَا سَرِيعَةُ السُّقُوطِ إِذَا عُبِرَت(٢).
  ومُطْعِمُ طَيرِ السّماءِ: لَقَبُ شَيْبَةِ الحَمْد؛ نَحَرَ مائَةَ بَعِير فَرَّقَهَا على رُؤُسِ الجِبَالِ. فأَكَلَتْهَا الطَّيْرُ.
  ومِنْ أَمثالِهِمْ في الخِصْبِ وكَثْرِة الخَيْرِ، قولهم: «هُمْ في شَيْءٍ لا يَطِيرُ غُرَابُه».
  ويقال أُطِيرَ الغُرَابُ، فهو مُطَارٌ، قال النّابِغَةُ:
  ولرَهْطِ حَرّاب وقَدٍّ سَوْرَةٌ ... في المَجْدِ ليسَ غُرَابُها بمُطَارِ
  والطَّيْرُ: الاسمُ من التَّطَيُّرِ، ومنه قولُهُم: لا طَيْرَ إِلّا طَيْرُ الله، كما يقال: لا أَمْرَ إِلا أَمْرُ الله، وأَنشد الأَصمَعِيّ، قال: أَنْشَدَناهُ الأَحْمَرُ:
  تَعَلَّمْ أَنَّهُ لا طَيْرَ إِلّا ... عَلَى مُتَطَيِّر وهوَ الثُّبُورُ
  بَلَى شَيْءٌ يُوَافِقُ بَعْضَ شَيْءٍ ... أَحايِيناً وباطِلُه كَثِيرُ(٣)
  والطَّيْرُ: الحَظُّ، وطارَ لنا: حَصَلَ نَصِيبُنَا مِنْهُ.
  والطَّيْرُ: الشُّؤْمُ.
  وفي الحَدِيثِ: «إِيّاكَ وطِيَرَاتِ الشَّبابِ، أَي زَلّاتِهم، جمعُ طِيَرَة.
  وغُبَارٌ طَيّارٌ: مُنْتَشِر.
  واسْتَطارَ البِلَى في الثَّوْبِ، والصَّدْعُ في الزُّجَاجَة: تَبَيَّنَ في أَجزائِهِما.
  واسْتَطَارَت الزُّجَاجَةُ: تَبَيَّنَ فيها الانْصِداعُ من أَوّلِها إِلى آخرِها.
  واسْتَطَارَ الشَّرُّ: انْتَشَرَ. واسْتَطارَ البَرْقُ: انْتَشَرَ في أَفُق السَّمَاءِ.
  وطَارَت الإِبلُ بآذَانِهَا، وفي التكملة: بأَذْنَابِهَا؛ إِذَا لَقِحَتْ.
  وطَارُوا سِرَاعاً: ذَهَبُوا.
  ومَطَارِ، ومَطَارُ بالضّمّ والفَتْح: موضعان(٤)، واختار ابنُ حَمَزَةَ ضمَّ الميم، وهكذا أَنشد:
  حتّى إِذَا كانَ على مُطَارِ
  والرّوايَتان صحيحَتانِ، وسيذكر في «مَطَر».
  وقال أَبو حَنِيفَةَ: مُطَارٌ: وَادٍ ما بَيْن السَّراةِ والطّائِف.
  والمُسْطَارُ من الخَمْرِ: أَصلُه مُسْتَطَارٌ، في قول بعضِهِم، وأَنْشَد ابنُ الأَعْرَابِيّ:
  طِيرِي بمِخْرَاقٍ أَشَمَّ كَأَنَّهُ ... سَلِيمُ رِمَاحٍ لم تَنَلْهُ الزّعانِفُ(٥)
  فسَرَه فقال: طِيرِي، أَي اعلَقِي به.
  وذو المَطَارَةِ، جَبَلٌ.
  وفى الحدِيث «رَجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنَانِ فَرَسِه في سَبِيلِ الله يَطِيرُ على مَتْنِهِ» أَي يُجْرِيه في الجِهَادِ، فاستَعَارَ له الطَّيَرَانَ.
(١) الصحاح: فيلتقط منه.
(٢) قوله: تُعبر ... وعبرت» ضبطت عن النهاية بتخفيف الباء، وضبطت بتشديدها في اللسان.
(٣) البيتان في الحيوان للجاحظ من أبيات قالها زبّان بن سيار بن عمرو الفزاري ٣/ ٤٤٧. وكان قد خرج مع النابغة يريدان الغزو، قالها لما رجع من تلك الغزو سالماً غانماً.
(٤) في معجم البلدان وفي ترجمتين منفصلتين: مطار بالضم قرية من قرى الطائف بينها وبين تبالة ليلتان. ومطار بالفتح والبناء على الكسر: موضع بين الدهناء والصحّان.
(٥) المخراق: الكريم، والزعانف: يعني بها النساء الزعانف أي لم يتزوج لئيمة قط.