تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

(فصل الطاء) المهملة مع الراء

صفحة 157 - الجزء 7

  ومنه قولُهُم: ازْجُرْ أَحْنَاءَ طَيْرِكَ، أَي جَوانبَ خفَّتكَ وطَيْشِك، و في صِفَةِ الصَّحابَةِ رضوان الله عليهم: كَأَنَّ عَلَى رؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ، أَي ساكِنُونَ هَيْبَةً، وَصَفهم بالسُّكُونِ والوَقَارِ، وأَنَّهُم لم يَكُنْ فيهم خِفَّةٌ وطَيْشٌ، ويُقَالُ للقَوْم إِذا كانوا هادِئينَ ساكِنِينَ: كَأَنَّمَا على رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ، وأَصْلُه أَنّ الطَّيْرَ لا يَقَعُ إِلّا على شيْءٍ ساكِنٍ من المَوَاتِ، فضُرِبَ مثلاً للإِنْسَانِ ووَقَارِه وسُكُونهِ. وقال الجَوْهَرِيّ: أَصلُه أَنَّ الغُرَابَ يَقَعُ عَلَى رأْسِ البَعِيرِ، فيَلْقُطُ مِنْهُ⁣(⁣١) الحَلَمَةَ والحَمْنانَةَ، أَي القُرادَ، فلا يَتَحَرَّكُ البَعِيرُ، أَي لا يُحَرِّكُ رأْسه لِئَلّا يَنْفِرَ عنه الغُرَابُ.

  * ومما يستدرك عليه:

  «الرّؤْيَا على رِجْلِ طائِرٍ ما لم تُعْبَرْ» كما في الحدِيث، أَي لا يَسْتَقِرّ تَأْوِيلُها حتّى تُعْبَر، يريدُ أَنَّهَا سَرِيعَةُ السُّقُوطِ إِذَا عُبِرَت⁣(⁣٢).

  ومُطْعِمُ طَيرِ السّماءِ: لَقَبُ شَيْبَةِ الحَمْد؛ نَحَرَ مائَةَ بَعِير فَرَّقَهَا على رُؤُسِ الجِبَالِ. فأَكَلَتْهَا الطَّيْرُ.

  ومِنْ أَمثالِهِمْ في الخِصْبِ وكَثْرِة الخَيْرِ، قولهم: «هُمْ في شَيْءٍ لا يَطِيرُ غُرَابُه».

  ويقال أُطِيرَ الغُرَابُ، فهو مُطَارٌ، قال النّابِغَةُ:

  ولرَهْطِ حَرّاب وقَدٍّ سَوْرَةٌ ... في المَجْدِ ليسَ غُرَابُها بمُطَارِ

  والطَّيْرُ: الاسمُ من التَّطَيُّرِ، ومنه قولُهُم: لا طَيْرَ إِلّا طَيْرُ الله، كما يقال: لا أَمْرَ إِلا أَمْرُ الله، وأَنشد الأَصمَعِيّ، قال: أَنْشَدَناهُ الأَحْمَرُ:

  تَعَلَّمْ أَنَّهُ لا طَيْرَ إِلّا ... عَلَى مُتَطَيِّر وهوَ الثُّبُورُ

  بَلَى شَيْءٌ يُوَافِقُ بَعْضَ شَيْءٍ ... أَحايِيناً وباطِلُه كَثِيرُ⁣(⁣٣)

  والطَّيْرُ: الحَظُّ، وطارَ لنا: حَصَلَ نَصِيبُنَا مِنْهُ.

  والطَّيْرُ: الشُّؤْمُ.

  وفي الحَدِيثِ: «إِيّاكَ وطِيَرَاتِ الشَّبابِ، أَي زَلّاتِهم، جمعُ طِيَرَة.

  وغُبَارٌ طَيّارٌ: مُنْتَشِر.

  واسْتَطارَ البِلَى في الثَّوْبِ، والصَّدْعُ في الزُّجَاجَة: تَبَيَّنَ في أَجزائِهِما.

  واسْتَطَارَت الزُّجَاجَةُ: تَبَيَّنَ فيها الانْصِداعُ من أَوّلِها إِلى آخرِها.

  واسْتَطَارَ الشَّرُّ: انْتَشَرَ. واسْتَطارَ البَرْقُ: انْتَشَرَ في أَفُق السَّمَاءِ.

  وطَارَت الإِبلُ بآذَانِهَا، وفي التكملة: بأَذْنَابِهَا؛ إِذَا لَقِحَتْ.

  وطَارُوا سِرَاعاً: ذَهَبُوا.

  ومَطَارِ، ومَطَارُ بالضّمّ والفَتْح: موضعان⁣(⁣٤)، واختار ابنُ حَمَزَةَ ضمَّ الميم، وهكذا أَنشد:

  حتّى إِذَا كانَ على مُطَارِ

  والرّوايَتان صحيحَتانِ، وسيذكر في «مَطَر».

  وقال أَبو حَنِيفَةَ: مُطَارٌ: وَادٍ ما بَيْن السَّراةِ والطّائِف.

  والمُسْطَارُ من الخَمْرِ: أَصلُه مُسْتَطَارٌ، في قول بعضِهِم، وأَنْشَد ابنُ الأَعْرَابِيّ:

  طِيرِي بمِخْرَاقٍ أَشَمَّ كَأَنَّهُ ... سَلِيمُ رِمَاحٍ لم تَنَلْهُ الزّعانِفُ⁣(⁣٥)

  فسَرَه فقال: طِيرِي، أَي اعلَقِي به.

  وذو المَطَارَةِ، جَبَلٌ.

  وفى الحدِيث «رَجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنَانِ فَرَسِه في سَبِيلِ الله يَطِيرُ على مَتْنِهِ» أَي يُجْرِيه في الجِهَادِ، فاستَعَارَ له الطَّيَرَانَ.


(١) الصحاح: فيلتقط منه.

(٢) قوله: تُعبر ... وعبرت» ضبطت عن النهاية بتخفيف الباء، وضبطت بتشديدها في اللسان.

(٣) البيتان في الحيوان للجاحظ من أبيات قالها زبّان بن سيار بن عمرو الفزاري ٣/ ٤٤٧. وكان قد خرج مع النابغة يريدان الغزو، قالها لما رجع من تلك الغزو سالماً غانماً.

(٤) في معجم البلدان وفي ترجمتين منفصلتين: مطار بالضم قرية من قرى الطائف بينها وبين تبالة ليلتان. ومطار بالفتح والبناء على الكسر: موضع بين الدهناء والصحّان.

(٥) المخراق: الكريم، والزعانف: يعني بها النساء الزعانف أي لم يتزوج لئيمة قط.