تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ظأر]:

صفحة 159 - الجزء 7

  وفي المحكم: وقالوا: الطَّعْنُ: ظِئَارُ قَوْم، مُشْتَقٌّ من النَّاقَة يُؤْخَذُ عنها وَلدُها فتُظْأَرُ عليه، إِذا عَطَفُوهَا عليه فتُحِبّه وتَرْأَمُه، أَي يَعْطِفُهُم على الصُّلْحِ، يقول فَأَخِفْهُمْ إِخافَةً حتى يُحِبُّوكَ.

  قال أَبو عُبَيْد: من أَمثالِهِم في الإِعطاءِ من الخَوْفِ قولَهُم: «الطَّعْنُ يَظْأَرُ»، أَي يَعْطِف على الصُّلْح، يقول: إِذا خَافَكَ أَن تَطْعَنَه فتَقْتُلَه عَطَفَه ذلك عليكَ، فجَادَ بمالِه للخَوْفِ حينئذٍ.

  وقَوْلُ الجَوْهَرِيّ: الطَّعْنُ يَظْأَرُه. سَهْوٌ، والصوابُ يَظْأَرُ، أَى يَعْطِفُ على الصُّلْحِ. قلْت: ومثلُه في كِتَابِ الأَبْنِيَةِ لابنِ القَطّاع.

  وقال البَدْرُ القَرَافِيّ: غايتُه أَنّه صرّحَ بالمفعول، ومثلُ ذلك لا يُعدُّ غَلَطاً؛ لأَنه مفهومٌ من المعنَى، وهو جائزٌ، كما في قوله تعالى: {حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ}⁣(⁣١) أَي الشمسُ، انتَهى، ونقلَه شيخنا، وقال: قيل عليه: لا يَخفَى أَنه يَلزَمُ تَغَيُّرُ المَثَلِ، ولعلّه عَدَّ ذلك غَلَطاً، فتأَمَّلْ. قلْت: إِنْ كانت رِوَايَةُ الجَوْهَرِيّ على ما أَورَدَ فلا سَهْوَ ولا غَلَطَ.

  انتهى. قلْت: والذي في الصّحاح: الطَّعْنُ يُظْئِرُهُ⁣(⁣٢)، من باب الإِفعال، أَي يَعطِفُه على الصُّلح، والذي قاله أَبو عُبَيْد: الطَّعْنُ يَظْأَرُ، من باب منع، أَي يَعْطِفُ على الصُّلحِ، ولا يَخْفَى أَن معناهُما واحدٌ، بقَى الكلامُ فى نصِّ المثل، فالجَوْهَرِيّ ثِقَةٌ فيما يَنقُلُه عن العربِ، فلا يُقَال في حقِّ مثله: إِنّ ما قَالَه سَهْوٌ أَو غلطٌ، فتأَمَّلْ يظْهَرْ لك.

  والظُّؤَارُ، كغُرَابٍ: الأَثَافِيُّ، وهو مَجاز، شُبِّهَت بالإِبلِ؛ لتَعَطُّفِها حَوْلَ الرَّمَادِ، قال:

  سُفْعاً ظُؤَاراً حَوْلَ أَوْرَقَ جاثِمٍ ... لَعِبَ الرِّيَاحُ بِتُرْبهِ أَحْوَالا

  ومن المَجَاز ظاءَرَنِي⁣(⁣٣) علَى الأَمْر مُظَاءَرَةً: رَاوَدَنِي ولم يَكُنْ في بالِي، أَو أَكْرَهَنِى عليه وكنت أَأْباه، ويقال: ما ظَاءَرَنِي عليه غيرُك.

  والظِّئْرُ، بالكسر: رُكْنٌ للقَصْرِ. والظِّئْرُ، أَيضاً: الدِّعَامَةُ تُبْنَى إِلى جَنْب حائط؛ ليُدْعَمَ عَلَيْهَا، وهي الظِّئْرَةُ، وقد تقدّم في ط ب ر، أَن الطِّبْرَ رُكنُ القَصْرِ، ونَبَّهنا هنالك أَنه تَصحيفٌ، وكأَنّ المصنِّفَ تَبِع الصاغانيّ، فإِنّه ذَكَرَه في المحلَّيْنِ من غير تَنْبِيه، والصوابُ ذِكْرُه هنا، كما فَعَلَه ابنُ منظور وغيره.

  والظُّؤْرَى مَضمومٌ مقصورٌ: البَقَرَةُ الضَّبعَةُ، قال الأَزهريّ: قرأْتُ بخطِّ أَبِي الهَيْثَمِ لأَبِي حاتمٍ في باب البَقَر: قال الطّائِفِيُّون: إِذَا أَرادَت البَقَرَةُ الفَحْلَ فهي ضَبِعَةٌ كالنّاقَةِ، وهي ظُؤْرَى، قال: ولا فِعْلَ للظُّؤْرَى.

  وقال أَبو مَنْصُور: قَرَأْتُ في بعضِ الكُتُبِ اسْتَظْأَرَتِ الكَلْبَةُ، بالظَّاءِ، أَي أَجْعَلَتْ واسْتَحْرَمَتْ، وقال أيضاً: ورَوَى لنا المُنْذِرِيّ في كتاب الفُرُوقِ: اسْتَظْأَرَتِ الكَلْبَةُ، إِذا هَاجَتْ، فهي مُسْتَظْئِرٌ. وأَنا واقِف في هذا. والظِّئارُ، بالكسر: أَنْ تُعَالَجَ الناقَةُ بالغِمَامَةِ فى أَنْفِهَا، كى تَظْأَرَ عَلَى وَلَدِ غيرِهَا، وذلك أَن يُسَدَّ أَنفُهَا وعَيْنَاهَا، وتُدَسَّ دُرْجَةٌ من الخِرَق مَجْمُوعَةٌ في رَحمِها، ويَخُلُّوه بخِلَالَيْنِ، وتُجَلَّلَ بغِمَامَة تَسْتُرُ رَأْسَها وتُتْرَكَ كذلك حتى تَغُمَّها، وتَظُنّ أَنّها قد مَخِضَتْ للوِلادَةِ، ثم تُنْزَع الدُّرْجَة من حَيَائهَا، ويَدْنُو حُوَارُ نَاقَةٍ أُخْرَى منها قد لُوِّثَتْ⁣(⁣٤) رَأْسُه وجِلْدُه بما خَرَجَ مَعَ الدُّرْجَة من أَذَى الرَّحم، ثم يَفْتَحون أَنفَها وعيْنَيْهَا، فإِذَا رَأَت الحُوَارَ وشَمَّتْه ظَنَّتْ أَنّهَا وَلَدَتْهُ إِذَا سَافَتْه⁣(⁣٥) فتَدِرّ عليه وتَرْأَمُه، وإِذَا دُسَّت الدُّرْجَةُ في رَحِمِهَا ضُمَّ ما بينَ شُفْرَيْ حَيَائِها بسَيْر، ومنه ما رُوِيَ عن ابنِ عُمَرَ: أَنّهُ اشْتَرَى ناقَةً فرأَى فيهَا⁣(⁣٦) تَشْرِيمَ الظِّئارِ، فرَدَّهَا. أَراد بالتَّشْرِيمِ ما تَخَرّقَ من شُفْرَيْها، قال الشاعر:

  ولم تجْعَلْ لها دُرَج الظِّئَارِ

  ومن المَجَاز قال الأَصْمَعِيّ: عَدْوٌ ظَأْرٌ، أَي مِثْلُه مَعْه، هكذا بفتْح العَيْن وسكون الدال على الصَّواب، وفي سائر النُّسخ «عَدُوٌّ» بضم الدّال وتشدِيدِ الواو، وهو خَطأٌ، ورَأَيْتُه في التكملة أَيضاً بتشدِيد الواوِ، ومما اسْتَدَلَّيْتُ به على صحّة ما ضَبَطْتُه قَوْلُ الأَرْقَط يصف حُمُراً.


(١) سورة ص الآية ٣٢.

(٢) عبارة الصحاح: يَظْأَرُه.

(٣) في القاموس: «وظأَرَني» ومثله في التهذيب واللسان.

(٤) التهذيب واللسان: لُوّث.

(٥) عن التهذيب وبالأصل «شافته» تحريف، يقال: ساف الشيء يسوفه ويسافه سوفاً، وساوفه واستافه كله شمّه (اللسان).

(٦) التهذيب والنهاية: بها.