تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عثر]:

صفحة 188 - الجزء 7

  وأَعْثَرَهُ الله: أَتْعَسَه.

  والعَاثُورُ: المَهْلَكَةُ من الأَرَضِينَ، قال ذُو الرُّمَّةِ.

  ومَرْهُوبَةِ العَاثُورِ تَرْمِي بِرَكْبِهَا ... إِلى مِثْلِه حَرْفٍ بَعِيدٍ مَنَاهِلُهْ

  وقال العَجّاج:

  وَبَلْدَةٍ كَثِيرَةِ العاثُورِ ... تُنَازِعُ الرّياحَ سَحْجَ المُورِ⁣(⁣١)

  يعني المَتَالِفَ، ويروي «مَرْهُوبَةِ العَاثُورِ».

  ومن المَجَاز: العاثُورُ: الشَّرُّ والشِّدَّةُ، كالعِثَارِ، بالكسر، يقال: لَقِيتُ منه عاثُوراً، وعِثَاراً، أَي شِدَّةً، ووَقَعُوا في عاثُورِ شَرٍّ، أَي في اخْتِلاطٍ من الشّرِّ وشِدَّة.

  والعِثَارُ والعَاثُور: ما عُثِرَ به.

  والعاثُورُ: ما أُعِدَّ لِيَقَعَ فيه أَحَدٌ، وفي اللسان: ما أَعَدَّه ليُوقِعَ فيه آخَرَ.

  وقال الزَّمَخْشَرِيّ: يقال للمُتَوَرِّطِ: وَقَع في عاثُورٍ، أَي مَهْلَكَة، وأَصْلُه: حُفْرَةٌ تُحْفَرُ للأَسَدِ؛ ليَقَعَ فيها، للصَّيْدِ أَو غيرِه⁣(⁣٢).

  قلْت: وذَهَبَ يعقوبُ إِلى أَنَّ الفَاءَ في عافُورٍ بَدَلٌ من الثاءِ في عاثُور، قال الأَزْهَرِيُّ: ولِلَّذِي ذَهَبَ إِليه وَجْهٌ، إِلّا أَنّا إِذَا وَجَدْنا للفاءِ وَجْهاً نَحْمِلُهَا فيه على أَنه أَصلٌ لم يَجُز الحُكْمُ بكَوْنِهَا بدَلاً فيه إِلّا على قُبْحٍ وضَعْفِ تَجَوَّزٍ⁣(⁣٣)، وذلك أَنه يَجُوزُ أَن يكونَ قولُهم: وَقَعُوا في عافُورٍ، فاعُولاً من العَفْرِ؛ لأَنّ العَفْرَ من الشّدَّةِ أَيضاً، ولذلك قَالُوا: عِفْرِيتٌ، لشِدَّتِه.

  والعاثُورُ: البِئْرُ، ورُبما وُصِفَ به، قال بعضُ الحِجَازِيِّينَ:

  أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... وذُكْرُكِ لا يَسْرِي إِليَّ كما يَسْرِي

  وهلْ يَدَعُ الوَاشُونَ إِفْسَادَ بَيْنِنَا ... وحَفْرَ الثَّأَى العَاثُورِ من حَيْثُ لا نَدْرِي

  وفي الصّحاح: «وحَفْراً لنا العَاثُور»، قال ابنُ سِيدَه: يكون صِفَةً ويكونُ بَدَلاً. قال الأَزْهَرِيُّ: والعاثُورُ ضَرَبَه مَثَلاً لما يُوقِعُه فيه الواشِي من الشَّرِّ.

  ومن المَجَاز: العُثُورُ، بالضّمّ: الاطّلاعُ على أَمْر من غَيْرِ طَلَب، كالعَثْرِ، بالفَتْح. عَثَرَ على سِرِّ الرجلِ يَعْثُرُ عُثُوراً وعَثْراً: اطَّلَعَ.

  وأَعْثَرَه: أَطْلَعَه.

  وفي كتاب الأَبْنِيَةِ لابنِ القَطّاع: عَثَرْتُ على الأَمْرِ عَثْراً، ولغَة أَعْثَرْتُ، ولغَةُ القُرْآنِ: أَعْثَرْتُ غَيْرِي. انتهَى، وفي التَّنْزِيلِ: {وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ}⁣(⁣٤) أَي: غَيْرَهم، فحذَف المفعولَ، وفي البَصَائِر قولُه تعالَى: {أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ} أَي وقَفْنَاهُمْ علَيْهم من غَيْرِ أَن طَلَبُوا⁣(⁣٥).

  وقوله تعالى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقّا إِثْماً}⁣(⁣٦) معناه، فإِن اطُّلِعَ على أَنّهُمَا قد خَانَا.

  وقال اللَّيْثُ: عَثَرَ الرَّجُلُ يَعْثُرُ عُثُوراً، إِذا هَجَمَ على أَمرٍ لم يَهْجُمْ عليه غيرُه.

  وعَثَرَ يَعْثُرُ عَثْراً: كَذَبَ، عن كُرَاع، يقال: فُلانٌ في العَثْرِ والبَائِنِ، يُرَادُ في الحَقِّ والباطِلِ، قاله الصاغانيّ.

  وعَثَرَ العِرْقُ يَعْثُرُ عَثْراً: ضَرَبَ، عن اللِّحْيَانِيّ.

  والعِثْيَرُ، كحِذْيَمٍ، أَي بكسر فسكون ففتح: التُّرَابُ، ولا تَقُلْ فيه: عَثْير، أَي بالفَتْح؛ لأَنه ليس في الكلام فَعْيَل بفتح الفاءِ إِلّا ضَهْيَد⁣(⁣٧)، وهو مَصْنُوعٌ.

  والعِثْيَرُ: العَجَاجُ الساطِعُ، كالعِثْيَرَةِ، قال:

  تَرَى لَهُمْ حَوْلَ الصِّقَعْلِ عِثْيَرَة

  يَعْنِي الغُبَارَ.


(١) في الصحاح المشطور الأول ونسبه إلى رؤبة. قال ابن بري: هو للعجاج وأول القصيدة:

جاري لا تستنكري عذيري.

وبعده:

زوراء تمطو في بلاد زور

(٢) نص الأساس: ويقال للمتورط: «وقع في عاثور» وفلان يبغي صاحبه العواثير، وأصله: حفرة تحفر للأسد وغيره يعثر بها فيطيح فيها.

(٣) اللسان: وضعفِ تجويز.

(٤) سورة الكهف الآية ٢١.

(٥) وهي عبارة المفردات للراغب، وفي التهذيب: بي وكذلك أطلعنا.

(٦) سورة المائدة الآية ١٠٧.

(٧) الضهيد معناه الصلب الشديد، اللسان.