تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع الراء

صفحة 242 - الجزء 7

  وفي اللّسانِ: عُفَيْرٌ تَصْغِيرُ تَرْخِيمٍ لأَعْفرَ، من العُفْرَة، وهي الغُبْرَةُ ولَوْن التُّراب، كما قالُوا في تَصْغِيرِ أَسْوَد: سُوَيْد، وتَصْغِيرُه غَيْرَ مُرَخَّمٍ أُعَيْفِر كأُسَيْوِد.

  ومن المَجاز: رَجُلٌ عِفْرٌ، بالكَسْر، وعِفْرِيَةٌ ونِفْرِيَةٌ، وعِفْرِيتٌ، بكَسْرِهِنّ، بَيِّنُ العَفَارَةِ، بالفَتْح، وعِفِرٌّ، كطِمِرٍّ، وهذه عن شَمِرٍ، وعِفِرِّيٌّ، بالكسر والياءِ المُشَدَّدَةِ، ونقله الصاغانيّ، وعُفَرْنِيَةٌ، كقُذَعْمِلَةٍ، نَقَلَه الصاغانيّ، أَيضاً وعُفَارِيَةٌ، بالضَّمّ، هو في اللّسان، وذكره الزمخشريّ أَيضاً، بَيِّنُ العَفَارَةِ، بالفَتْح وهو الخُبْثُ والشَّيْطَنَة، وعِفْرِينٌ وعِفِرِّينٌ، بكَسْرِهِما، عن اللّحْيَانيِّ، وَعَفَرْنَى، بالفَتْح، عن اللَّيْث، أَي خَبِيثٌ مُنْكَرٌ داهٍ شِرِّيرٌ مُتَشَيْطِنٌ. قال جَرِيرٌ:

  قَرَنْتُ الظالِمِين بمَرْمَرِيسٍ ... يَذِلُّ لها العُفَارِيَةُ المَرِيدُ

  قال الخَلِيلُ: شَيْطَانٌ عِفْرِيَةٌ وعِفْرِيتٌ، وهم العَفارِيَةُ والعَفَارِيتُ، إِذا سَكَّنْتَ الياءَ صَيَّرت الهاءَ تاءً، وإِذَا حَرَّكْتَها فالتاءُ هاءٌ في الوَقْف. قال ذُو الرُّمَّةِ:

  كأَنَّه كَوْكَبٌ في إِثْرِ عِفْرِيَةٍ ... مُسَوَّمٌ في سَوَادِ اللَّيْلِ مُنْقَضِبُ

  والعِفْرِيَةُ: الداهِيَةُ. وقال الفَرّاءُ: مَنْ قال عِفْرِيَة فجَمْعُه عَفَارٍ، كقَوْلهم في جَمْع الطاغُوتُ: طَوَاغِيتُ وطَواغٍ⁣(⁣١) ومَن قال: عِفْرِيتٌ، فجمعه عَفَارِيتُ. وقال غَيْرُه: يقال: فلان عِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ، وعِفْرِيَةٌ نِفْرِيَةٌ. وفي الحديث: «إِنّ الله تَعالَى يُبْغِضُ العِفْرِيَةَ النِّفْرِيَةَ الَّذِي لا يُرْزَأُ في أَهْل ولا مَال» قيل: هو الدّاهِي الخَبِيثُ الشِّرِّيرُ، ومنه العِفْرِيتُ. وقيل: هو الجَمُوعُ المَنُوعُ. وقيل: الظَّلُوم. وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: العِفْرُ والعِفْرِيَةُ والعِفْرِيتُ والعُفَارِيَةُ: القَوِيُّ المُتَشَيْطِن الذي يَعْفِرُ قِرْنَه، والياءُ في عِفْرِيَةٍ وعُفَارِيَة للإِلحاق بشِرْذِمَةٍ وعُذَافِرَةٍ، والهَاءُ فيهما للمبالغة، والتاءُ⁣(⁣٢) في عِفْرِيت للإِلحاق بقِنْدِيل. وممّا وَضَعَ به ابنُ سِيدَه من أَبِي عُبَيْدٍ القَاسِم بن سَلّام قَوْلُه في المُصَنَّف: العِفْرِيَةُ مثال فِعْلِلَة، فجَعَل الياءَ أَصْلاً، والياءُ لا تكونُ أَصلاً في بَنَاتِ الأَرْبَعَةِ. وفي التنزيل: {قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ}⁣(⁣٣) قال الزَّجّاجُ: العِفْريتُ منَ الرِّجَال، وكذا العِفْرِينُ، وتُشَدَّدُ راؤُه مع كَسْرِ الفَاءِ، حكاهما اللِّحْيَانِيّ: النافِذُ في الأَمْرِ المُبَالغُ فيه مع دَهاءٍ وخُبْث. وقال المُصَنّف في البصائر: العِفْرِيتُ من الجِنّ: العارِمُ الخَبِيثُ، ويُسْتَعْمَل⁣(⁣٤) في الإِنسان اسْتِعَارةَ الشَّيْطَانِ له، يُقَال: عِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ، إِتْبَاعاً.

  وقد تَعَفْرَتَ، وهذا ممَّا تَحَمَّلُوا فيه تَبْقِيَةَ الزائد مع الأَصْلِ في حالِ الاشْتِقَاقِ تَوْفِيَةً للمَعْنَى ودَلَالةً عليه.

  وهي عِفْرِيتَةٌ حكاه اللّحْيَانيّ. وقال شَمِرٌ: امْرَأَةٌ عِفِرَّةٌ، ورَجُلٌ عِفِرٌّ، بتشديد الراءِ، ورِجَالٌ عِفِرُّونَ. وأَنشد في صفةِ امرأَةٍ غَيْرِ مَحْمُودَةِ الصِّفَة:

  وضِبِرَّةٍ مِثْلِ الأَتَان عِفِرَّةٍ ... ثَجْلَاءَ ذاتِ خَوَاصِرٍ ما تَشْبَعُ

  ويُقَال: أَسَدٌ عِفْرٌ، بالكَسْر، وعِفْرِيَةٌ، كزِبْرِجَةٍ، وعِفْرِيتٌ وعُفَارِيَةٌ، وهذه بالضَّمّ، وعِفِرٌّ، كطِمِرٍّ وعَفَرْنَى، فَعَلْنَى، والنون⁣(⁣٥) فيه للإِلحاق بسَفَرْجَل: شَدِيدٌ قَوِيٌّ عَظِيمٌ، ولَبُؤَةٌ عَفَرْنَى، كذلك، للذَّكَرِ والأُنْثَى، أَي شَدِيدَةٌ، وقيل: أَسَدٌ عَفَرْنَى، ولَبُؤةٌ عَفَرْناةٌ، إِذا كانا جَريئَيْن، إِمّا أَنْ يَكُونَ من العَفَرِ الذي هو التُّرَاب، أَو من العَفْرِ الذي هو الاعْتِفَارُ، وإِمّا أَنْ يكونَ من القُوَّةِ والجَلَد.

  وعِفِرِّينُ⁣(⁣٦)، بالكَسْر وتشديد الراءِ: مَأْسَدَةٌ. وقال الأَصْمَعِيُّ وأَبو عَمْرٍو: اسمُ بَلَد، نقله صاحبُ المُحْكَم ويقال: «إِنّه لأَشْجَعُ من لَيْث عِفِرِّينَ»، هكذا قال الأَصْمَعِيُّ وأَبو عَمْرو، في حِكايَةِ المَثَلِ، واخْتَلفَا في التَّفْسِير: فقال أَبو عَمْرٍو: هو الأَسَد. ولَيْثُ عِفِرِّينَ: دُوَيْبَةٌ يكونُ مَأْواها التُّرَاب السَّهْل في أُصولِ الحِيطانِ تُدوِّرُ دُوّارَةً ثمّ تَنْدَسّ في جَوْفِها، فإِذا هِيجَت رَمَتْ بالتُّراب صُعُداً، وهو من المُثُل التي لم يَجِدْهَا سِيْبَوَيه، أَو لَيْثُ عِفِرِّينَ: دَابَّةٌ


(١) بالأصل: «عفارى ... طواغى» وما أثبت «عفار ... طواغٍ» عن التهذيب واللسان (دار المعارف - مصر).

(٢) عن النهاية واللسان وبالأصل «والياء».

(٣) سورة النمل الآية ٣٩.

(٤) في مفردات الراغب: ويستعار ذلك للإنسان.

(٥) الأصل واللسان، وفي الصحاح: والنون والألف.

(٦) في معجم البلدان: والكلام فيه كالكلام في سيلحين، منهم من يجعله كلمة واحدة فلا يغيره في وجوه إعرابه عن هذه الصيغة ويجريه مجرى ما لا ينصرف، ومنهم من يقول هذه عِفِرُّون ورأيت عفرّينَ ومررت بعفرّينَ.