تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع الراء

صفحة 245 - الجزء 7

  وعُفَيْرٌ، كزُبَيْرٍ: اسمُ رَجُل وهو تَصْغِير تَرْخِيمِ أَعْفَرَ.

  وعُفَيْرٌ: فَرَسٌ كان لجُهَيْنَةَ، ذكره الصاغانيّ.

  ومن المَجَازِ: العُفْرُ، بالضم، والمَعْفُورَةُ: السُّوقُ الكاسِدَةُ، الأَخِيرَة نَقَلها الصاغانيّ.

  وعَفَارَةُ، بالفَتْح: امْرَأَةٌ سُمِّيَت باسم الشَّجَر، قال الأَعْشَى⁣(⁣١):

  باتَتْ لتَحْزُنَنا عَفَارَهْ ... يا جارَتَا ما أَنْتِ جارَهْ

  وسَمَّوا عَفَاراً، كسَحَابٍ، وعُفَيْراً، كزُبَيْرٍ، ولا يَخْفَى أَنّه مع ما قبله تَكْرارٌ، وعَفْرَاءَ، بالفَتْح مَمْدُوداً. ومنهم مُعَاذٌ ومُعَوِّذٌ وعَوْفٌ بنو الحارِث بن رِفَاعَةَ النَّجَّارِيّ، المَعْرُوف كُلّ منهم بابْنِ عَفْرَاءَ، وهي أُمُّه. وهي عَفْرَاءُ بِنْتُ عُبَيْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ النَّجّارِيّة، لها صُحْبَةٌ، وأَوْلادُهَا شَهِدُوا بَدْراً.

  وقال ابنُ دُرَيْدٍ⁣(⁣١): عُفَيْرَةُ كجُهَيَنَة: اسمُ امْرَأَة، كانت من حُكَماءِ الجَاهِلِيّة، قاله الصاغانيّ.

  وعَفّارٌ، ككَتّانٍ، وفي بعض النُّسخ: «كشَدّادٍ»: مُلْقِحُ النَّخْلِ ومُصْلِحُهَا. وقال بعضٌ: إِنَّ الصَّوابَ أَنّه بالتَّخْفِيف، كسَحَابٍ، لأَنّ الجَوْهَرِيّ كذلك ضَبَطَهُ، قال شَيْخُنَا: وهو غَفْلَةٌ عمّا سَبَق للمُصَنِّف، وقد صرَّح به وفسَّرَه بالمَصْدَرِ، كالجَوْهَرِيّ، وهذا زِيادَةٌ على ما في الصحاح، قَصَدَ به بَيانَ الذي يَفْعَلُ ذلِكَ، فهُمَا مُتَغَايِران. انتهى. قُلْتُ: وإِنّمَا جاءَهُم الغَلَطُ من قَوْلِ الجوهريّ: والعَفارُ: لقاحُ النَّخِيل⁣(⁣٢)، فَظَنُّوا أَنّه لقاح، ككِتَاب ولَيْسَ كذلك، بل هو لَقّاحُ، كشدّادٍ، بمعنى المُلْقِح، فتَأَمَّل.

  ومن المَجازِ: تَعفَّر الوَحْشُ: سَمِنَ، قاله أَبو سَعِيدٍ، وأَنْشَدَ:

  ومَجَرِّ مُنتَحِرِ الطَّلِيِّ تَعَفَّرتْ ... فِيه الفِرَاءُ بجِزْعِ وَادِ مُمْكِنِ

  قال: هذا سَحابٌ يَمُرُّ مَرًّا بَطِيئاً لِكَثْرَة مائهِ، كأَنَّه قد انْتَحَر لِكَثْرَة مائه. وطَلِيّهُ: مَناتِحُ مائِه، بمنزلة أَطْلاءِ الوَحْشِ. وتَعَفَّرت: سَمِنَت. والعَفَرْناةُ، بالفَتْح: الغُولُ، نقله الصاغانيّ.

  واعْتَفَرَهُ اعْتِفَاراً: سَاوَرَهُ وجَذَبَه فضَرَبَ به الأَرضَ. وفي بعض النُّسخ: «شاوَرَه»، بالشين المنقوطة، وهو غَلَطٌ.

  * وممّا يُستدرك عليه:

  العَفْر، بالفَتْح: الجَذْبُ، وبه فَسَّر أَبو نَصْرٍ قولَ أَبي ذُؤَيْبٍ:

  أَلْفَيْتَ أَغْلَبَ مِنْ أُسْدِ المَسَدِّ حَدِي ... دَ النابِ أَخْذَتُهُ عَفْرٌ فتَطْرِيحُ

  وقال ابنُ جِنّي: قولُ أَبي نَصْرٍ هو المَعْمُولُ به، وذلك أَنَّ الفاءَ مُرَتِّبَة، وإِنّمَا يكون التَّعْفِيرُ في التُّرَاب بعد الطَّرْح لا قَبْلَه، فالعَفْرُ إِذاً هُنَا [هو]⁣(⁣٣) الجَذْب كقوله تعالى: {إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً}⁣(⁣٤) لأَنَّ الجَذْبَ مآلُه إِلى العَفْر.

  واعْتَفَرَ ثَوْبَه في التُّرَابِ كذلك. واعْتَفَر الشَيْءُ، كانْعَفَرَ.

  والعافِرُ الوَجْهِ: المُتْرَبُ.

  وفي الحديث: «أَنَّه مَرَّ علَى أَرْضٍ عَفِرَةٍ فسَمّاهَا خَضِرَةً»، ويُرْوَى بالقَاف والثاءِ والذالِ. ومن المَجَاز: رَمَانِي عَنْ قَرْنِ أَعْفَرَ، أَي رَمانِي بداهِيَة، ومنه قَوْلُ ابنِ أَحْمَرَ:

  وأَصْبَحَ يَرْمِي الناسَ عن قَرْنِ أَعْفَرَا

  وذلك أَنّهُم كانوا يَتَّخِذُونَ القُرُونَ مكانَ الأَسِنَّة، فصار مَثَلاً عندهم في الشِّدَّةِ تَنْزِلُ بهم. ويُقَالُ للرَّجُل إِذا باتَ لَيْلَتَه في شِدَّة تُقْلِقُه: كُنْتَ على قَرْنِ أَعْفَرَ. ومنه قَوْلُ امرئ القَيْس:

  كَأَنِّي وأَصْحابِي عَلَى قَرْنِ أَعْفَرَا⁣(⁣٥)

  وفي الأَساس: يُضْرَبُ ذلك للفَزِعِ القَلِق.


(١) الجمهرة ٢/ ٣٨١.

(٢) نص الصحاح: والعفار أيضاً: إصلاح النخلة وتلقيحها.

(٣) زيادة عن اللسان.

(٤) سورة يوسف الآية ٣٦.

(٥) ديوانه، وصدره:

ولا مثل يوم في قَذَاران ظلته

وروايته في معجم البلدان (قذاران):

ولا مثل يوم في قَذَاران ظلته ... كأني وأصحابي بقلة غندرا

قال: ويروى ... على قرن أعفرا، ويروى: ولا مثل يوم في قذارٍ ... ، وهذه القرية موجودة إلى الآن معروفة. وقذاران قرية من نواحي حلب.