تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فتر]:

صفحة 336 - الجزء 7

  يَنْتَبِه له كلُّ أَحَد، فاعْلم ذلك، ولا تَغْتَرّ بآراءِ المُقَلِّدينَ.

  وأَفْتَرَه الدَّاءُ: أضْعَفَه، وكذلك أَفْتَرَهُ السُّكْرُ.

  والفُتَارُ، كغُرَاب: ابْتِدَاءُ النَّشْوَةِ، عن أَبي حَنِيفَةَ، وأَنشد للأَخْطَل:

  وتَجَرَّدَتْ بعدَ الهَدِير وصَرَّحتْ ... صَهْباءُ تَرْمِي شَرْبَهَا بفُتَارِ

  وطَرْفٌ فاترٌ: فيه فُتُورٌ، ليس بحادِّ النَّظَرِ، وقال الجوهريّ: إِذا لم يَكُنْ حَدِيداً. وقال ابنُ القطّاع: فَتَرَ الطَّرْفُ: انْكَسَرَ نَظَرُه. وفي البصائر: الطَرْفُ الفاتِرُ: الذي فيه ضَعْفٌ مُسْتَحْسَنٌ والفِتْرُ، بالكَسْر: ما بَيْنَ طَرَف الإِبْهَام وطَرَفِ المُشيرَةِ⁣(⁣١)، والجَمْعُ أَفْتَارٌ. وقال الجوهريّ: ما بَيْنَ طَرَفِ السَّبّابَةِ والإِبْهَامِ إِذا فَتَحْتَهما.

  والفُتْرُ، بالضَّمّ: كالسُّفْرَة تُعْمَلُ من الخُوص يُنْخَلُ عليها الدَّقِيقُ نقله الصاغانيّ ولم يَعْزُه، وهو قَولُ أَبِي زيد⁣(⁣٢).

  والفَتْرَةُ، بالفَتْح: مَا بَيْن كُلّ نَبِيَّيْن، وفي الصّحاح: ما بَيْنَ كلِّ رَسُولَيْن من رُسُل الله ø، من الزَّمانِ الذي انقَطَعَتْ فيه الرِّسالَة والفَتْرَةُ: سَمَكَةُ، إِذا وَطِئْتَها أَخَذَتْكَ الرِّعْدَةُ⁣(⁣٣) في الرِّجْلَيْن حَتَّى تَعْرَقَ، كالفِتَّر، كقِنَّب، هكذا نَقَلَه الصاغانيّ. قلْتُ: وهي الرَّعّادَةُ، موجودَةٌ بنِيل مصْرَ.

  وعن ابن الأَعرابيّ: أَفْتَرَ الرجلُ فهو مُفْتِرٌ، إِذا ضَعُفَ⁣(⁣٤)، هكذا في النُّسخ، والصَّواب: ضَعُفَتْ جُفُونُه فانْكَسَر طَرْفُه. وأَفْتَرَ الشَّرَابُ: فَتَرَ شَارِبُهُ، كما يُقَال: أَقْطَفَ الرَّجُلُ، إِذا قَطَفَتْ دابَّتُه، وعليه يُحْمَلُ الحَدِيثُ: «نَهَى عن كُلِّ مُسْكِر ومُفَتِّر»، فالمُسْكِرُ: الذي يُزِيلُ العَقْلَ، والمُفَتِّر: الذي يُفَتِّرُ الجَسَدَ إِذا شُرِب، أَي يَحْمِي الجَسَدَ ويُصيِّرُ فيه فُتوراً. ومنهم من قال: أَفْتَرَهُ: بمعنَى فَتَّرَه، أَي جَعَلَه فاتِراً. وفَتّرَ السَّحابُ تَفْتِيراً: تَحَيَّر لا يَسِيرُ وسَكَنَ وتَهَيَّأَ للْمَطَر، وهو مَجاز. وقال الأَصمعيُّ: فَتَّرَ: مَطَرَ وفَرَغَ ماؤُه وكَفَّ وتَحَيَّرَ. وبه فُسِّر قولُ ابن مُقْبِل يَصِفُ سَحاباً:

  تَأَمَّلْ خَلِيلِي هَلْ تَرَى ضَوْءَ بارِقٍ ... يَمَانٍ مَرَتْهُ رِيحُ نَجْدٍ فَفَتَّرَا

  وقال حَمّادٌ الرَّاوِيةُ: فَتَّرَ، أَي أَقامَ وسَكَنَ.

  واسْتَفْتَرَ الفَرسُ: اسْتَجَرّ، هكذا في النُّسخ، والصَّواب: «اسْتَجَمَّ»، كما في الأَساس، وهو مَجاز.

  والتَّفْتَرُ: الدَّفْتَرُ، لُغَةُ بَني أَسَد، كما نقله الفَرّاءُ هُنَا، ذكره الصاغانِيّ. وقد مَرَّ للمُصَنّف في التاءِ مع الراءِ، وجَعَلَهُ هُنَاك لُغَةً مستقلّة.

  وفَتْرُ، بالفَتْح: اسمُ امْرَأَة، قال شَيْخُنَا: ذِكْرُ الفَتْحِ مُسْتَدْرَك، لأَنَّ إِطلاقَه نَصًّ فلا يحتاج إِلى ذِكْره. قلتُ: إِنّمَا ذَكَرَه لبَيَان مَنْشَإِ الوَهَم في كَوْنِه بالكَسْر، فذَكَرُه مُشِيراً إِلى أَنَّ قَوْلَه ووَهِمَ الجوهريّ إِنّمَا هو في ضَبْطِه بالكَسْر⁣(⁣٥). فلو لَمْ يَذْكُرِ الفَتْحَ كان يُظَن أَنّ الوَهَمَ في كَوْنِه اسم امْرَأَة، ولَيْسَ كذلك، فظَهَرَ بذلك أَنَّ ذِكْرَ الفَتْح ليس بمُسْتَدْرَك على ما زَعَمه شَيْخُنَا. قال المُسَيَّبُ بنُ عَلَس، ويُرْوَى للأَعْشَى:

  أَصَرَمْتَ حَبْلَ الوَصْلِ مِنْ فَتْرِ ... وهَجَرْتَها ولَجَجْتَ في الهَجْرِ

  وسَمِعْتَ حَلْفَتَها الّتي حَلَفَتْ ... إِنْ كَانَ سَمْعُك غَيْرَ ذي وَقْرِ⁣(⁣٦)

  هكذا أَنشَدَه ابنُ بَرِّيّ، وقال: المَشْهُور عند الرُّوَاةِ «من فَتْر»، بفتح الفاءِ، وذَكَر بعضُهم أَنّها تُكْسَر، ولكن الأَشْهَر فيها الفَتْح. قلتُ: فَعَلَى ما قَرَّرَه ابنُ بَرِّيّ لا وَهَمَ يُنْسَبُ إِلى الجَوْهَريّ لأَنّه قد حَكَى الكَسْرَ. وفي التكملة: قال الجَوْهَريّ: الفِتْرُ مَا بَيْنَ طَرَفِ السَّبَّابَة والإِبْهَامِ إِذا فَتْحْتَهما. وأَمّا قَوْلُ الشاعِر:

  أَصَرَمْتَ حَبْلَ الوُدِّ مِنْ فِتْرِ


(١) الأصل والقاموس واللسان، وفي التهذيب: المُسَبِّحة.

(٢) نقله عنه التهذيب واللسان.

(٣) في القاموس «فترة» وفي التكملة: «الفترة».

(٤) في القاموس: «ضعفت».

(٥) في اللسان: وفَتْر وفِتْر، بالفتح والكسر ضبط قلم.

(٦) قوله: صرمت: قطعت. والوقر: الثقل في الأذن وجواب إن الشرطية أغنى عنه ما تقدم، تقديره: إن لم يكن بك صمم فقد سمعت حلفتها.