تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الفاء مع الراء

صفحة 340 - الجزء 7

  الرَّجُلِ، وفِجَارُ المَرْأَةِ، وفِجَارُ القِرْدِ، وفِجَارُ البَرّاضِ.

  قلتُ: والأَخِيرُ هو الوَقْعَةُ العُظْمَى، نُسِبَت إِلى البَرّاضِ بن قَيْسٍ الذي قَتَلَ عُرْوَةَ الرَّحّالَ، وإِنَّمَا سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّهَا كانَتْ في الأَشْهُرِ الحُرُم، وكانتْ بَيْنَ قُرَيش ومَنْ مَعَهَا من كِنَانَةَ، وبَيْنَ قَيْسِ عَيْلانَ في الجاهِليّة، وكانَت الدَّبْرَةُ، أَي الهَزيمَةُ، على قيْس. فَلَمَّا قاتَلُوا فيها قالُوا: قد فَجَرْنا، فسُمِّيَتْ لِذلكَ فِجَاراً، وهو مَصْدَرُ فاجَرَ مُفاجَرَةً وفِجَاراً: ارْتَكَبَ الفُجُورَ، كما حَقَّقَه السُّهَيْلِي في الرَّوْض. وفِجَارَاتُ العَرَبِ: مُفَاخَرَاتُهَا.

  وقد حَضَرَهَا النبيُّ صلى الله تعالَى عليه وسلَّم، وهو ابنُ عِشْرِينَ سنةً، وفي الحَدِيث: «كنْتُ أَنْبُلُ على عُمُومَتِي يَوْمَ الفِجَارِ، ورَمَيْتُ فيه بأَسْهُم، وما أُحِبُّ أَنِّي لم أَكُنْ فَعَلْتُ». وفي رِوايَة: «كُنْتُ أَيّامَ الفِجَارِ أَنْبُلُ على عُمُومَتِي».

  وذُو فَجَرٍ، مُحَرَّكَة: ع، قال بَشِيرُ بنُ النِّكْث:

  حَيْثُ تَرَاءَى مَأْسَلٌ وذُو فَجَرْ ... يَقْمَحْنَ من حِبَّتِهِ ما قَدْ نَثَرْ

  والفُجَيْرَة، كجُهَيْنةَ: ع.

  ويقالُ: رَكِبَ فلانٌ فَجْرَةَ وفَجَارِ مَمْنُوعةً من الصَرْفِ، أَي كَذَبَ وفَجَرَ.

  وعن ابن الأَعرابِيّ: أَفْجَرَ الرَّجُلُ، إِذا جاءَ بالفَجَرِ، أَي بالمالِ الكَثِيرِ. وأَفْجَرَ، إِذا كَذَبَ، وأَفْجَرَ، إِذا زَنَى، وأَفْجَرَ، إِذا كَفَرَ، وأَفْجَرَ، إِذا عَصَى بفَرْجِه، وأَفْجَرَ، إِذا مالَ عن الحَقِّ⁣(⁣١). الأَخيرُ ليس من قَوْلِ ابنِ الأَعرابيّ، بل أَلْحَقَه الصاغانيّ من كَلامِ غَيْره. وأَفْجَرَ اليَنْبُوعَ: أَنْبَطَهُ، أَي أَخْرَجَهُ.

  والمُتَفَجِّر، بكسر الجيم: فَرَسُ الحارِثِ بنِ وَعْلَةَ كأَنَّهُ يَتَفَجَّرُ بالعَرَق.

  وقال الهَوازِنيُّ: الافْتِجارُ في الكَلامِ: اخْتِراقُه من غَيْرِ أَنْ يَسْمَعَهُ من أَحَد وَيَتَعَلَّمَه⁣(⁣٢)، وأَنشد:

  نازِعِ القَوْمَ إِذا نازَعْتَهُمْ ... بأَريب أَوْ بحَلّافٍ أَبَلّ

  يَفْتَجِرُ⁣(⁣٣) القَوْلَ ولم يَسْمَعْ بِهِ ... وَهْوَ إِنْ قِيلَ: اتَّقِ الله، احْتَفَلْ

  * ومّما يُسْتَدْرَك عليه:

  فَجَّرَه⁣(⁣٤)، إِذا نَسَبَه للفُجُور، كفَسَّقَهُ وكَفَّرَهُ. ومنه حَدِيثُ ابنِ الزُّبَيْر: «فَجَّرتَ بنَفْسِكَ».

  وقال المُؤَرّج: فَجَرَ الرَّجُلُ: أَخْطَأَ في الجَوَاب. وفَجَرَ، إِذا رَكِبَ رَأْسَه فمَضَى غيرَ مُكْتَرِثٍ.

  وقال ابنُ شُمَيْل: الفُجُور: الرُّكُوب إِلى ما لا يَحِلُّ.

  وحَلَفَ فلانٌ على فَجْرَةٍ، واشتمل على فَجْرَةٍ، إِذا رَكبَ أَمراً قَبِيحاً من يَمِينٍ كاذبَة أَو زِنًى أَو كَذِبٍ.

  والفَاجِرُ: المُكذِّبُ، لِمَيْله عن الصِدْقِ والقَصْدِ. وعن ابنِ الأَعرابيّ: الفاجِرُ: الساقطُ عن الطّرِيق.

  وفي حديث عائشَة⁣(⁣٥) ^: «يا لَفُجَرَ»، معدولٌ عن فاجِر للمُبَالَغَة، ولا يُسْتَعْمَلُ إِلّا في النِّداءِ غالِباً.

  وسِرْنا في مُنْفَجَرِ الرَّمْلِ: وهو طَريقٌ يكونُ فيه، وهو مَجازٌ.

  والفَجرُ، محرَّكة⁣(⁣٦): يُكْنَى به عَنْ غَمَرَاتِ الدُّنْيَا. ومنه حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ ¥: «لأَنْ يُقَدَّمَ أَحَدُكُم فتُضْرَبَ عُنقُه خَيْرٌ له من أَنْ يَخُوض في⁣(⁣٧) غَمَرَاتِ الدُّنْيَا، يا هادِيَ الطَّرِيقِ جُرْتَ، إِنّمَا هو الفَجْرُ أَو البَحْر⁣(⁣٨)» يقولُ: إِن انْتَظَرْتَ حتى يُضِيءَ لك الفَجْرُ أَبْصَرْتَ قَصْدَك، وإِن خَبَطْتَ الظَّلْمَاءَ ورَكِبْتَ العَشْواءَ هَجَمَا بِكَ على المَكْرُوه.

  فضَرَب الفجرَ والبَحْرَ⁣(⁣٩) مَثَلاً لغَمَراتِ الدُّنْيَا. وقد تَقدّم البَحْرُ في مَوْضِعه.

  * تتمة:

  اختُلف في مَعْنَى قولِه تعالَى: {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ


(١) في التهذيب: وأفجر: مال من حقٍّ إلى باطل.

(٢) في التهذيب: أو يتعلمه.

(٣) في اللسان «يفجر» وبه يستقيم وزن البيت.

(٤) شدد للكثرة.

(٥) في النهاية: عاتكة. وفي اللسان فكالأصل.

(٦) كذا، وضبطت في النهاية واللسان بالقلم باسكان الجيم.

(٧) سقطت «في» من اللسان وغريب الهروي.

(٨) في النهاية: وروي «البجر» بالجيم. وقد تقدم بهذه الرواية في مادة «بجر»

(٩) في المطبوعة الكويتية: «فضرب البحر».