تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فطر]:

صفحة 350 - الجزء 7

  [فشر]: الفَاشِرِيّ، أَهملَه الجوهريّ والصاغانيّ⁣(⁣١) وصاحِبُ اللِّسَان، وهو دَوَاءٌ يَنْفَع لنَهْشِ الأَفْعَى وسائرِ الهَوَامِّ، ذَكَرَه الأَطباءُ هكذا، وأَنَا أَخْشَى أَن تَكُون كلمةً يُونانِيَّةً استعملها الأَطِبَّاءُ في كُتُبِهم بدليل أَنّه ليس في كلامهم «ف ش ر».

  والفُشَارُ، كغُرابٍ: الذي تَسْتَعْمِله العامَّةُ بمعنَى الهَذَيَانِ، وكذا التَّفْشِيرُ لَيْسَ من كلامِ العَرَب، وإِنّمَا هو من اسْتِعمال العامّة.

  [فصر]: الفَيْصُورُ، كقَيْصُوم، أَهْمَلَه الجوهريّ وصاحِبُ اللّسَان، وهو الحِمَارُ النَّشِيط، ونَقَلَه الصاغانيّ عن ابن الأَعْرَابِيّ، وقد ضَبَطَه هكذا: الفَيْصَنور. كحَيْزَبون، كذا رأَيْتُه مضبوطاً مجوَّداً بخطّ الصاغانيّ، وقد صَحَّفَه المصَنِّف، فانْظُرْ وتَأَمَّل.

  [فطر]: الفَطْر، بالفَتْح: الشَّقُّ، وقَيَّدَه بعضُهم بأَنّه الشَّقُّ الأَوّلُ، كما نَقَلَه شَيْخُنَا، ج فُطُورٌ، وهي الشُّقُوقُ، وفي التَّنْزِيل العزيز: {هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ}⁣(⁣٢) وأَنْشَدَ ثَعْلَب:

  شَقَقْتِ القَلْبَ ثم ذَرَرْتِ فيه ... هَوَاكِ فَلِيمَ فالْتَأَمَ الفُطُورُ

  والفُطْرُ، بالضَّمّ، وجاءَ في الشِّعْرِ بضمَّتَيْن: ضَرْبٌ من الكَمْأَة أَبْيَضُ عُظَامُ، لِأَنَّ الأَرْضَ تَنْفَطِرُ عنه وهو قَتّالٌ واحدَتُه فُطْرَةٌ.

  والفُطْرُ، بالوَجْهَيْن: القَلِيلُ من اللَّبَنِ حِينَ يُحْلَب. وفي التَّهْذيب: شَيْءٌ قَلِيلٌ من فَضْلِ اللَّبَنِ، ولَوْ قالَ: من اللَّبَن، كما هُوَ نصّ التهذيب، كانَ أَخْصَرَ مع بقاءِ المَعْنَى المَقْصُودِ، يُحْلَبُ ساعَتَئِذٍ وقال أَبو عَمْرو: هو اللَّبَنُ ساعَةَ يُحْلَب، تقولُ: ما حَلَبْنَا إِلَّا فُطْراً.

  والفِطْرُ، بالكَسْرِ: العِنَبُ إِذا بَدَتْ رُؤوسُه، لأَنَّ القُضْبَانَ تَنْفَطِرُ، ويُضَمّ.

  وفَطَرَهُ، أَي الشَّيْءَ، يَفْطِرُه، بالكَسْرِ، وَيَفْطُرُه، بالضَّمّ.

  أَمَّا كَوْنُه من بابِ نَصَرَ فَهُو المَشْهُورُ عِنْدَهم، وأَما يَفْطِرُه، بالكَسْر، فإِنّه رواه الصاغَانيّ عن الفَرّاءِ في: فَطَرْتُ النَّاقَةَ إِذا حَلَبْتَهَا، فَطْراً. لا مُطْلقاً، ففيه نظرٌ ظاهِرٌ، وأُغْفِلَ أَيضاً عن: فَطَّرَه تَفْطِيراً. فقد نَقَلَهُ صاحِبُ المحكم حَيْثُ قال: فَطَرَ الشَيْءَ يَفْطُرُه فَطْراً وفَطَّرَهُ: شَقَّهُ فانْفَطَر وتَفَطَّرَ، ومنه قولُه تعالَى: {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ}⁣(⁣٣) أَي انْشَقَّتْ. وفي الحَدِيث: «قَامَ رَسُولُ الله حتى تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ»، أَي انْشَقَّتَا. وفي المحكم: تَفَطَّرَ الشَّيْءُ وانْفَطَرَ وَفَطَرَ. وفي قوله تَعَالَى: {السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ}⁣(⁣٤) ذُكِّرَ عَلَى النَّسَبِ، كما قالُوا: دَجَاجَةٌ مُعْضِلٌ.

  وفَطَرَ الناقَةَ والشاةَ يَفْطِرُهَا فَطْراً: حَلَبَهَا بالسَّبّابَةِ والإِبْهَام، كما قالَهُ الجَوْهَرِيّ أَو بأَطْرَافِ أَصابِعِهِ، وقيل: هو أَنْ يَحْلُبَها كما تَعْقِدُ ثلاثِينَ بالإِبْهامَيْن والسَّبّابَتَيْن. وفي حديثِ عبدِ المَلِك: «كَيْف تَحْلُبُها، مَصْراً أَم فَطْراً؟» قال ابنُ الأَثِير: هو أَنْ تَحْلُبَها بإِصْبَعَيْن بطَرَفِ⁣(⁣٥) الإِبْهَام.

  وفَطَرَ العَجِينَ يَفْطُرُه ويَفْطِرُه فَطْراً: اخْتَبَزَهُ من ساعَتِه ولم يُخَمِّرْه، وكذَا فَطَرَ الأَجِيرُ الطِّينَ، إِذا طَيَّنَ به ساعتِه قبلَ أَن يَخْتَمِرَ. وقال اللَّيْثُ: فَطَرْتُ العَجِينَ والطِّينَ، وهُوَ أَنْ تَعْجِنَه ثُمَّ تَخْتَبِزَه من ساعَتِه، وإِذا تَرَكْتَه لِيَخْتَمِرَ فَقَدْ خَمّرْتَه. وقالَ الكِسائيّ: خَمَرْتُ العَجينَ وفَطَرْتُه، بغَيْرِ أَلِفٍ. ففي كَلامِ المُصَنِّف قُصُورٌ من وَجْهَيْن.

  وفَطَرَ الجِلْدَ فَطْراً، فهو فَطِيرٌ: لَمْ يُرْوِه من الدِّبَاغِ، عن ابن الأَعرابِيّ. وفي الأَسَاس: لم يُلْقَ في الدِّباغ، كأَفْطَرَه، لغة فيه.

  وفَطَرَ الجِلْدَ فَطْراً، فهو فَطِيرٌ: لَمْ يُرْوِه من الدِّبَاغِ عن ابن الأَعرابِيّ. وفي الأَسَاس: لم يُلْقَ في الدِّباغ، كأَفْطَره، لغة فيه.

  وفَطَرَ نَابُ البَعِيِر يَفْطُرُ، بالضّمّ، فَطْراً، بالفَتْح، وفُطُوراً، كقُعُود: شَقَّ اللَّحْمَ وطَلَعَ، فهو بَعِيرٌ فاطِرٌ.

  وفَطَرَ الله الخَلْقَ يَفْطُرُهم فَطْراً: خَلَقَهم، وفي الأَساسِ: ابْتَدَعَهُم. وقولُه بَرَأَهُم هكذا في النّسخ بالراءِ، والصَّوَابُ كما في اللّسَان: «بَدَأَهُمْ» بالدال. وفَطَر الأَمْرَ: ابْتَدَأَه وأَنْشَأَه. ثُمّ رأَيتُ في المُحْكَم قال: وفَطَرَ الشَّيْءَ: أَنْشَأَه، وفَطَرَ الشَّيْءَ: بَدَأَه، فعُلِمَ من ذلك أَنَّ الرَّاءَ تَحْرِيفٌ. وقال ابنُ عَبّاس: ما كُنْتُ أَدْرِي ما {فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} حتى أَتانِي أَعْرَابِيّانِ يَخْتَصِمَانِ في بِئْر،


(١) في التكملة: فشر: فشر الرجل إذا تكلم بالقذع والخنى وفشَّر مثله، ذكره ابن عباد.

(٢) سورة الملك الآية ٣.

(٣) الآية الأولى من سورة الانفطار.

(٤) سورة المزمل الآية ١٨.

(٥) في النهاية: وطرف الإبهام.