تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل القاف مع الراء

صفحة 380 - الجزء 7

  وقَرَّ بالمَكَانِ يَقِرَّ بالكَسْرِ وبالفَتْح، أَي منْ حدّ ضَرَبَ وعَلِمَ، ذكرُهما ابنُ القَطّاع. وقال ابنُ سِيدَه: والأُولَى أَعْلَى، أَي أَكْثَرُ اسْتِعْمَالاً، قَرَاراً، كسَحَابٍ، وقُرُوراً، كقُعُود، وقَرًّا، بالفَتْح، وتَقْرارَةً وتَقِرَّةً، الأَخِيرَةُ شَاذَّة: ثَبَتَ وسَكَنَ، فهو قارٌّ، كاسْتَقَرّ، وتَقَارَّ، وهو مُسْتَقِرٌّ.

  ويُقَال: فلانٌ ما يَتَقارُّ في مَكَانِه، أَي ما يَسْتَقِرّ. وأَصْلُ تَقَارَّ تَقَارَرَ، أُدْغِمَت الراءُ. وفي حَدِيث أَبي ذَرٍّ: «فلم أَتَقارَّ أَنْ قُمْتُ» أَي لَمْ أَلْبَثْ. وأَقَرَّه فيهِ وعَلَيْه إِقْرَاراً فاسْتَقَرَّ وقَرَّرَهُ فتَقَرَّرَ.

  والقَرُورُ، كصَبُورٍ: المَاءُ البارِدُ يُغْتَسَلُ به، كالبَرُود؛ قاله ابنُ السِّكِّيت، والمَرْأَةُ قَرُورٌ: لا تَمْنَعُ يدَ لامسٍ كأَنَّهَا تَقَرّ وتَسْكُن لِما يُصْنَعُ بِهَا، لا تَرُدُّ المُقَبِّلَ والمُرَاوِدَ، ولا تَنْفِرُ من الرِّيبة؛ وبعضُهُ من النَّوَادِر للّحْيَانِيّ.

  والقَرَارُ، والقَرَارَةُ، بفتحِهما: مَا قَرَّ فيه المَاءُ. والقَرَارُ، والقَرَارَةُ: المُطْمَئِنُّ من الأَرْضِ والمُسْتَقِرُّ منها. وقال أَبو حَنِيفَةَ: القَرَارَةُ: كُلُّ مُطْمَئنٍّ انْدَفَعَ إِليه المَاءُ فاسْتَقَرّ فيه.

  قال: وهِيَ من مَكَارِمِ الأَرْضِ إِذا كانَت سُهُولَة. وفي حَدِيث ابنِ عَبّاس، وذَكَرَ عَلِيّاً ¤، فقال: «عِلمِي إِلى عِلمِه كالقَرَارَةِ في المُثْعَنْجِر». وفي حَدِيث يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ: «ولَحِقَتْ طائفَةٌ بقَرَارِ الأَوْدِيَة». وكذا قولُ أَبِي ذُؤَيْب:

  بقَرَارِ قِيعَانٍ سَقَاهَا وَابِلٌ ... وَاهٍ فأَثْجمَ بُرْهَةً لا يُقْلِعُ

  قال الأَصمعيّ: القَرَارُ هُنَا: جمع قَرَارَة. وقال ابنُ شُمَيْل: بُطُونُ الأَرْضِ قَرَارُهَا، لأَنَّ المَاءَ يَسْتَقِرُّ فيها.

  ويُقَال: القَرَارُ: مُسْتَقَرُّ الماءِ في الرَّوْضَة. وقال ابنُ الأَعرابيّ: القَرَارَةُ: القاعُ المُسْتَدِير. وقولُه ø: {ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ}⁣(⁣١) قالُوا: هو المَكَانُ المُطْمَئنُّ الذِي يَسْتَقِرّ فيه الماءُ. ويُقَال للرَّوْضَة المُنْخَفِضَة: القَرَارَة.

  والقَرَارُ: الغَنَمُ عامَّةً، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ، وأَنشد:

  أَسْرَعْتِ في قَرَارِ ... كأَنَّما ضِرَارِي

  أَرَدْتِ يَا جَعَار

  أَو يُخَصّانِ⁣(⁣٢) بالضِّأْنِ، خَصّهُ ثعلَبٌ، أَو النَّقَد قَال الأَصْمَعِيّ: القَرَارُ، والقَرَارَةُ: النَّقَدُ، وهو ضَرْبٌ من الغَنَم قِصَارُ الأَرْجُلِ قِبَاحُ الوُجُوهِ؛ وأَجْوَدُ الصُّوفِ صُوفُ النَّقَدِ.

  وأَنشد لعَلْقَمَة بن عَبَدَةَ:

  والمَالُ صُوفُ قَرَارٍ يَلْعَبُونَ بِه ... على نِقَادَتِهِ وَافٍ ومَجْلُومُ

  أَي يَقِلُّ عند ذا وَيَكْثُر عِنْد ذا.

  ومن المَجَازِ قولُهُم: أَقَرَّ الله عَينَه، وكذا بعَيْنِه، ويَقَرُّ بعَيْنِي أَنْ أَراكَ. واخْتُلِفَ في مَعْنَاه: فقِيل: معناهُ أَعْطَاهُ حتَّى تَقَرَّ فلا تَطْمَح إِلى مَنْ هو فَوقَه. ويُقَالُ: تَبْرُدُ ولا تَسْخُنُ. وقال الأَصْمَعِيُّ: أَبْرَدَ الله دَمْعَتَه⁣(⁣٣)، لأَنّ دَمْعَة السُّرورِ بارِدَة. وأَقَرَّ الله عَيْنَه: من القَرُورِ، وهو الماءُ البارِدُ.

  وقيل: معناه صادَفْتَ ما يُرْضِيكَ فتَقَرّ عَيْنُك من النَّظَر إِلى غَيْرِه. ورَضِيَ أَبو العَبّاس هذا القَوْلَ واختارَهُ. وقال أَبو طالِبٍ: أَقَرّ الله عَيْنَه: أَنامَ عَيْنَه، والمَعْنَى صادَفَ سُروراً يُذْهِبُ سَهَرَه فَيَنَامُ. وأَنشد:

  أَقرَّ به مَوَالِيكِ العُيُونَا⁣(⁣٤)

  أَي نامَتْ عُيُونُهُم لمّا ظَفِرُوا بالمُرَاد.

  وعَيْنٌ قَرِيرَةٌ⁣(⁣٥)، وقارَّةٌ، ورجُلٌ قَرِيرُ العَيْنِ. وقَرِرْتُ به عَيْناً فأَنَا أَقَرُّ. وقُرَّتُهَا: ما قَرَّت به، وفي التَّنْزِيل العزِيز: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}⁣(⁣٦) وقَرَأَ أَبو هُرَيْرَة: «من قُرّاتِ أَعْيُن». ورَوَاه عن النبيّ .

  وفي الحَدِيث: «أَفْضَلُ الأَيّامِ عندَ الله يومُ النَّحْرِ ثمّ يَوْمُ القَرِّ» وهو الذي يَلِي يَوْمَ⁣(⁣٧) النَّحْرِ لأَنَّهُم يَقِرّون فيه بمِنًى، عن كُرَاع. وقال غيرُه: لأَنّهُم يَقَرُّون في منازِلهم. وقال أَبو عُبَيْد: وهو حادِي عَشرَ ذي الحِجَّة، سُمِّي به لأَنَّ أَهْلَ المَوْسِم يوم التَّرْوِيَةِ ويومَ عَرَفَةَ ويومَ النَّحْر في تعَب من الحَجّ، فإِذا كانَ الغَدُ من يوْمِ النَّحْرِ قَرُّوا بمِنًى، فسُمِّيَ يَوْمَ القَرِّ.


(١) سورة «المؤمنون» الآية ٥٠.

(٢) قوله يخصان يريد بهما القَرار والقرارة.

(٣) التهذيب: دمعه.

(٤) نسبه في حواشي المطبوعة الكويتية إلى عمرو بن كلثوم وصدره:

بيوم كريهةٍ ضرباً وطعناً

(٥) في اللسان: وعين قريرة: قارّة. بدون الواو.

(٦) سورة السجدة الآية ١٧.

(٧) اللسان: عيد النحر.