تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نشر]:

صفحة 524 - الجزء 7

  قُصُورٍ يُحِيط بها سُورٌ وَاحدٌ، بين كلٍّ منها مَرْحَلَة، ويقال: إِن الذي بنَى القَصْر الكبير هَرْثَمَةُ بن أَعْيَنَ، سنة ثمانين ومِائَة، وله في يَوم عاشُوراءَ مَوسمٌ عَظِيمٌ ومَجْمع كبيرٌ، وهو مَعْبَدُ الزُّهَّاد والمُنْقَطِعَينَ والمُرَابِطين. وفي الطَبقة الثانِيَة من الحصْن مَسْجِدٌ لا يخلو من شَيخٍ خَيِّرٍ يكون مَدَارُ القَوْمِ عليه. وفي قِبْلَتِه حِصْنٌ فَسيحٌ مَزارٌ للنّساءِ المُرَابِطَات، وبها جامعٌ مُتْقَنُ البِنَاءِ وفيه غُدُرٌ وحَمَّاماتٌ. ومُنَسْتِيرُ: د، آخَرُ بأَفْرِيقِيَة أَيضاً، ويُعْرَف بمُنَسْتِيرِ عُثْمَانَ أَهْلُه قَومٌ من قُرَيْشٍ من وَلدِ الرَّبِيع بن سُلَيْمَانَ، وهو اختَطَّهَا عند دُخُوله أَفْرِيقِيَة، بينَه وبينَ القَيْرَوَانِ ستُّ مَرَاحِلَ، وهي قَريَةٌ كبيَرَةٌ آهِلَةٌ، بِهَا جامعٌ وخَنادِقُ وأَسْوَاقٌ وحَمَّامٌ، وسَكَنَتها عَرَبٌ وبَرْبَرٌ. ومُنَسْتِيرُ: ع، شَرْقِيّ الأَنْدَلُسِ، بين لَقَنْتَ وقَرْطَاجَنَّة، ذكره ياقوت.

  [نسطر] النُّسْطُورِيَّة، بالضَّمِّ وتُفْتَح، أَهمله الجوهريّ.

  وقال الصاغانيّ وصاحبُ اللّسَان: هم أُمَّةٌ من النَّصَارَى تُخَالِفُ، وفي التكملة واللِّسَان: يُخالِفون بَقِيَّتَهم، وهُمْ أَصْحَابُ نُسْطُور الحَكِيم الذي ظهرَ في زَمَنِ أَميرِ المُؤمنين المَأْمُونِ بالله العَبّاسِيّ، وتَصَرَّفَ في الإِنْجِيل بحُكْمِ رَأْيِه وقال: إِنّ الله واحدٌ ذو أَقانِيمَ ثَلاثَةٍ، تعالَى الله عن ذلِك عُلُوّاً كبيراً، وهُوَ بالرُّومِيَّة نَسْطُورِسْ، بفَتْح النُّون، إِلا أَنّ وِزانَ العَرَبِيّة يُعْدَمُ فيه فَعْلُولٌ بفتح الفاءِ، إِلَّا ما شذّ من صَعْفُوق، فإِنْ سُلِكَ بنَسْطُورٍ مَسْلَكَ العربيَّة ضُمَّتِ النُّونُ وإِلّا فهو بفَتْحِها في الأَصل، حقّقه الصاغَانيّ.

  [نشتبر]: نِشْتَبْرُ⁣(⁣١)، كجِرْدَحْل، أَهمله الجَوْهَرِيّ، وهي ة كبيرةٌ قُرْبَ شَهْرابَانَ من طريق خُرَاسَانَ، من نواحي بَغْدَاد، ذاتُ نَخْلٍ وبَسَاتِين. وضبطه ياقُوت بفَتْحِ النُّون وزيادة الأَلْف المقصورة في آخِره. قلْت: ومنها الإِمام أَبو محمّدٍ عبدُ الخَالِق بن الأَنْجَبِ بن المعمَّر بن الحَسَن بن عُبَيْد الله النَّشْتَبْرِيُّ تَفَقَّهَ على الشَّيْخ أَبي طالِبٍ المُبَارَك بن المُبَارك بن [الخلّ بن]⁣(⁣٢) فضْلانَ مدرّس بالمدْرَسة الشّهَابِيَّة بدُنَيْسِر، وسمع قليلاً من الحَدِيث عن وَجِيه بن طاهِر وغيره، وقد نَيَّف على التِّسْعين، وقد وَقَعَ لَنا حديثُه في عُشَاريّات الحَافِظِ ابنِ حَجَر من طَريقِ زَيْنَبَ بنتِ الكَمَال عنه.

  [نشر]: النَّشْرُ: الرِّيح الطَّيِّبةُ، قال مُرَقِّشٌ:

  النَّشْرُ مِسْكٌ والوُجُوه دَنَا ... نِيرٌ وأَطْرَافُ الأَكُفِّ عَنَمْ⁣(⁣٣)

  أَو أَعَمُّ، أَي الرِّيحُ مُطلقاً من غير أَن يُقَيّد بطِيبٍ أَو نَتْنٍ.

  وهو قَولُ أَبي عُبَيْد، أو رِيحُ فَمِ المَرْأَةِ وأَنْفِهَا وأَعْطَافِهَا بعدَ النَّوْمِ، وهُوَ قولُ أَبي الدُّقَيْش، قال امرُؤ القَيْسِ:

  كأَنَّ المُدَامَ وصَوْبَ الغَمامِ ... ورِيحَ الخُزَامَى ونَشْرَ القُطُرْ

  ومن المَجَازِ: النَّشْرُ إِحْيَاءُ المَيِّت، كالنُّشُورِ والإِنْشارِ، وقد نَشَرَ الله المَيِّتَ يَنْشُره نَشْراً ونُشُوراً وأَنْشَرَه: أَحْيَاهُ، وفي الكِتَابِ العَزِيز: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها}⁣(⁣٤) قرأْها ابنُ عَبّاس كيف نُنْشِرُهَا، وقَرَأْها الحَسَن نَنْشُرُهَا، وقال الفَرَّاءُ: مَنْ قَرَأَ كَيْفَ نُنْشِرُهَا فإِنْشَارُهَا إِحْيَاؤُهَا، واحتَجَّ ابنُ عَبَّاس بقوله تعالى: {ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ}⁣(⁣٥) قال: ومن قرأَ كَيْفَ نَنْشُرُها، وهي قِرَاءَةُ الحَسَن فكأَنَّه يَذهبُ بها إِلى النَّشْرِ والطَّيِّ. والوَجْهُ أَن يُقَالَ: أَنْشَرَ الله المَوْتَى فنَشَرُوا هُمْ إِذا حَيُوا، وأَنْشَرَهم الله: أَحْيَاهُم. وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيّ لأَبِي ذُؤَيْب:

  لو كانَ مِدْحَةُ حَيٍّ أَنْشَرَتْ أَحَداً ... أَحْيَا أَبُوَّتَكِ الشُمَّ الأَمَادِيحُ

  والنَّشْرُ: الحَيَاةُ. يقال: نَشَرَهُ نَشْراً ونُشُوراً، كأَنْشَرَهُ فَنَشَرَ هو، أَي المَيِّتُ، لا غير، نُشُوراً: حَيِيَ وعاشَ بعد المَوْت. وقال الزّجّاج: نَشَرَهُم الله بَعَثَهم، كما قال تَعَالَى: {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}⁣(⁣٦) وقال الأَعْشَى:

  حَتَّى يَقُولَ الناسُ ممَّا رَأَوْا ... يَا عَجَباً لِلْميِّت النّاشِرِ


(١) قيدها ياقوت في معجمه نشتبرى بالفتح ثم السكون وتاء مثناة من فوق ثم باء موحدة وراء مفتوحة مقصورة.

(٢) زيادة عن معجم البلدان.

(٣) أراد: النشر مثل ريح المسك، لا يكون إلا على ذلك، لأن النشر عرض والمسك جوهر.

(٤) سورة البقرة الآية ٢٥٩.

(٥) سورة عبس الآية ٢٢.

(٦) سورة الملك الآية ١٥.