تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع الراء

صفحة 527 - الجزء 7

  وإِبِلٌ نَشَرَى، كجَمَزَى: انْتَشَر فيها الجَرَبُ، وفي التَّكْمِلَة: نَشْرَى، كسَكْرَى، والفِعْلُ نَشِرَ كفَرِح، إِذا جَرِبَ بعد ذَهَابِه ونَبَتَ الوَبَرُ عليه حَتَّى يَخْفَى، وبه فُسِّر قَولُ عُمَيْرِ بن الحُبَاب⁣(⁣١):

  وفِينَا وإِنْ قِيلَ اصْطَلَحْنَا تَضَاغُنٌ ... كما طَرَّ أَوبَارُ الجِرَابِ على النَّشْرِ

  والتَّنْشِيرُ مثْلُ التَّعْوِيذ بالنُّشْرَة والرُّقْيَة، وقد نَشَّر عنه تَنْشِيراً، ومنه الحديث أَنَّه قال: «فلعَلَّ طَبًّا أَصابَه» يعني سِحْراً، ثم نَشَّرَه بـ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ}، وهو مجاز.

  قال الزمخشريّ: كأَنَّك تُفَرِّق عنه العِلّةَ.

  والنَّشَرُ، محرَّكَةً: المُنْتَشرُ، ومنه الحديث: «اللهُمَّ اضْمُمْ نَشَرِي» أَي ما انتَشرَ من أَمْرِي، كقولهم: لَمَّ الله شَعَثِي. وفي حديث عائِشَةَ ^ تَصِفُ أَباها: «فرَدَّ نَشَرَ الإِسلام على غَرِّهِ»، أَي رَدَّ ما انتَشَر من الإِسْلام إِلى حَالَتِه التي كانَت على عهد رسول الله ، تَعنِي أَمْرَ الرِّدّة وكِفايةَ أَبِيها إِيّاه. وهو فَعَلٌ بمعنى مَفْعُول. ويقال: اتَّق على غَنَمِك النَّشَر، وهو أَن تَنْتَشِر الغَنَمُ باللَّيْل فَتَرْعَى.

  والمُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ البَاهِلِيّ أَخُو أَعْشَى باهِلَةَ لأُمِّهِ أَحَدُ الأَشْراف كان يَسْبِقُ الفَرَسَ شَدًّا.

  ونُشُورُ، بالضمّ: ة بالدِّينَوَرِ، نقله الصّاغانيّ، قلتُ ومنها أَبو بَكْرٍ محمّدُ بن عُثْمَانَ بن عَطَاءٍ النُّشُورِيّ الدِّينوَرِيّ، سمع الحَدِيثَ ودَخلَ دِمْياطَ، وكان حَسَنَ الطّريقةِ.

  والنُّشُرُ، بضَمَّتَيْن: خُرُوجُ المَذْيِ من الإِنْسَان، نقله الصاغانيّ.

  * ومّما يُسْتَدْرَك عليه:

  أَرضُ المَنْشَر: الأَرْضُ المُقَدّسة من الشام، أَي مَوْضع النُّشور، جاءَ في الحديث، وهي أَرْضُ المَحْشَرِ أَيضاً.

  وفي الحَدِيثِ: «لا رَضَاعَ إِلَّا ما أَنْشَر اللَّحْمَ وأَنْبَتَ العَظْمَ»⁣(⁣٢) أَي شَدَّه وقَوّاه. قال ابنُ الأَثِير ويُرْوىَ بالزاي. ونَشْرُ الأَرْضِ بالفَتْح: مَا خَرَجَ من نَبَاتها. وقال اللَّيْث: النَّشْرُ: الكَلأُ يَهِيجُ أَعلاه وأَسْفَلُه نَدِيٌّ أَخْضَرُ، وبه فُسِّر قَولُ عُمَيْرِ بن الحُبَاب السّابِق⁣(⁣٣) يقولُ: ظاهِرُنا في الصُّلْح حَسَنٌ في مَرْآةِ العَيْن، وباطِنُنا فاسِدٌ كما تَحسُن أَوْبارُ الجَرْبَى عن أَكل النَّشْرِ وتحتها دَاءٌ منه في أَجْوافها. وقال ابنُ الأَعرابيّ: النَّشَر: نَبَاتُ الوَبَرِ على الجَرَبِ بَعْدَ ما يَبْرَأُ.

  والنَّشَرُ: محركة: أَنْ تَرْعَى الإِبلُ بَقْلاً قد أَصابَه صَيْفٌ وهو يَضرُّها، ومنه قولُهُم: اتَّقِ على إِبلِك النَّشَرَ. ويُقال: رأَيْتُ القَوْمَ نَشَراً، أَي مْنُتَشرين، واكْتَسَى البَازِي رِيشاً نَشَراً، أَي مُنتَشِراً طَوِيلاً.

  وجاءَ ناشِراً أُذُنَيْه، إِذا جاءَ طائعاً، كذا في الأَساس⁣(⁣٤) وفي نسخة اللّسَان طامِعاً، وعزَاه لابن الأَعْرَابِيّ، وهو مَجاز. ونَشَرُ الماءِ، محرَّكةً: ما انْتَشَر وتَطَايَرَ عند الوُضُوءِ، وفي حديث الوُضُوءِ: «فإِذا استَنْشَرْت واستَنْثَرْت خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِك وفِيكَ وخَيَاشِيمِك مع الماءِ»، قال الخَطَّابِيّ: المَحْفُوظ اسْتَنْثَيْت بمعنَى استَنْشَقْت. قال: فإِن كان محفوظاً فهو من انْتِشَار المَاءِ وتَفَرُّقهِ.

  وقال شَمِرٌ: أَرْضٌ ماشِرَةٌ، وهي التي قد اهْتَزَّ نَبَاتُهَا واسْتَوَتْ وَرَويَت من المَطَرِ. وقال بَعضُهُم: أَرْضٌ ناشِرَةٌ بهذا المعنى.

  والنَّشْرَةُ، بالفَتْح: النَّسِيمُ، وقد ذَكرَه أَبو نُخَيْلةَ في شِعْره⁣(⁣٥).

  وتَنَشَّرَ الرَّجُلُ، إِذا اسْتَرْقَى.

  والمُنْتَشِرَ بنُ الأَجْدَع أَخو مَسْرُوقٍ، روى عنه ابنُه محمّد بن المُنْتَشِر، وأَخُوه المُغِيرَة بن المُنْتَشِر، ذكره ابنُ سَعْد في الفُقَهَاءِ، وأَبو عُثْمَان⁣(⁣٦) عاصِمُ بن مُحَمَّد بن النَّصِير


(١) قال الأزهري: وهذا هو الصواب.

(٢) بهامش اللسان: «كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في النهاية والمصباح: إِلا ما أنشر العظم وأنبت اللحم» والذي في النهاية فكالأصل.

(٣) انظر ما لا حظناه هناك.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: كذا في الأساس، الذي في نسخة الأساس الصحيحة التي بأيدينا: طامعاً، مثل ما في اللسان».

(٥) يشير إلى قوله يذكر السمك:

تغمه النشرة والنسيمُ ... ولا يزال مغرقاً يعومُ

في البحر والبحر له تخميم

(٦) كذا بالأصل، وورد في تقريب التهذيب: عاصم بن النضر بن المنتشر -