تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هبتر]:

صفحة 605 - الجزء 7

  الأَزهريّ: وهو غيرُ محفوظٍ⁣(⁣١)، والمعروف بهذا المعْنَى الهَرْتُ إِلّا أَن يكون مَقْلُوباً كما قالوا: جَبَذَ وجَذَب، وقد مَتَرَه يَهْتِرُه هَتْراً، إِذا مَزَقَ عِرْضَه، وهَتَّرَهُ تَهْتيراً، إِذا بالَغ في مَزْقِه.

  والهِتْرُ، بالكَسْر: الكَذِبُ. يقال: قَولٌ هِتْرٌ، أَي كذِبٌ.

  والْهِتْرُ: لدّاهِيةُ والأَمْرُ العَجبُ. والهِترُ: السَّقَطُ من الكلامِ والخَطأُ فيه والبَاطِلُ، ويقولون: مَضَى هِتْرٌ من اللَّيْل، أَي النِّصْف الأَوّلُ من اللَّيْل، وقال ابنُ الأَعرابيّ: إِذا مضَى أَقَلُّ من نِصْفه.

  والهُتْرُ، بالضَّمِّ: ذَهَابُ العَقْلِ من كِبَرٍ أَو مَرَض أَو حُزْن، عن ابن الأَعْرَابيّ، وقد أَهْتَرَ الرَّجلُ فهو مُهْتَرٌ، بفتح التاءِ: فَقَدَ عَقلَه من أَحدِ هذه الأَشياءِ، وهو شاذٌّ فيُلحَق بمُسْهَب ومُحْصَن ومُفْلَج ونَخلَة مُوقَرَة، وأَنظارها ممّا مَرّ، وقد قِيلَ: أُهْتِرَ، بالضَمّ فهو مُهْتَرٌ، ولم يَذْكُر الجوهريُّ غَيْرَه، أَي خَرِفَ. وأُهْتِرَ الرَّجلُ، بالضّمّ فهو مُهْتَرٌ، إِذا أُولِعَ بالقَوْل في الشَّيْءِ.

  وهَتَرَهُ الكِبَرُ يَهْتِرهُ، من حدِّ ضَرَب، وكذا المَرَضُ والحُزْنُ، وروَى أَبو عُبَيْد عن أَبي زَيْد أَنّه قال: إِذا لم يَعْقِلْ من الكِبَرِ قيل: أُهْتِرَ فهو مُهْتَرٌ.

  والتَّهْتَار، بالفَتْح: الحُمْقُ والجَهْلُ، كالتَّهَتُّر، والذي في التّهذيب قال اللَّيْث: التَّهْتَارُ من الحُمْق والجهْل، وأَنشد لسَالِم بن دارةَ:

  إِنّ الفَزَاريَّ لا يَنْفَكُّ مُغْتَلِماً ... من النَّوَاكَةِ تَهْتَاراً بتهْتَارِ

  قال: يريد التَّهَتُّرَ بالتَّهَتُّر، قال: ولُغة العرب في هذه الكَلمة خاصّة دَهْدَاراً بدَهْدَار، وذلك أَنّ منهم منْ يجْعَل⁣(⁣٢) بعضَ التّاآت في الصّدورِ دَالاً، نحو الدِّرْيَاق والدِّخْرِيص، لغة في التِّرْياق والتِّخْرِيص، وهما مُعربّان، انتهى. وقيل: التَّهْتَار: تَفْعَالٌ من هَتره الكِبَرُ. وهذا البِناءُ يُجَاءُ به لتَكْثيرِ المَصْدر. وعن ابن الأَعْرَابيّ: الهُتَيْرَة: تَصغيرُ لهَتْرَة⁣(⁣٣) وهي: لحمْقَةُ البالِغَة لمُحْكَمَةُ.

  والمُسْتَهْتَرُ بالشْيءِ بالفَتْح، أَي بفتح التّاءِ الثّانيَة: المُولَعُ به، لا يَتَحدَّث بغَيْره، لا يُبالي بما فُعِلَ فيه، وهو مَجاز. واسْتُهْتِرَ بفُلانةَ وأُهْتِرَ بهَا: لا يُبالي بما قِيلَ فيه لأَجْلها، وشُتِمَ له، وهو مَجازٌ.

  وفي حَديث ابن عُمَرَ «اللهُمَّ إِنّي أَعُوذ بك أَنْ أَكُونَ من المُسْتهْتَرِين»، المُسْتَهْتَرُ: الَّذي كثُرَت أَبَاطِيلُه. يقال: اسْتُهْتِرَ فُلانٌ فهو مُسْتَهْتَرٌ، إِذا كان كَثِيرَ الأَبَاطيلِ. وقال ابنُ الأَثير: أَي المُبْطِلِين في القَوْل والمُسْقِطين في الكَلام، وقيل: الذين لا يُبَالُون ما قِيلَ لهم وما شُتِمُوا به؛ وقيل: أَراد المُسْتَهْتَرِين بالدُّنيا، وقد اسْتُهْتِرَ بكذا، على ما لَمْ يُسمَّ فاعِلُه، إِذا فُتِنَ به وذهَب عَقلُه فيه، وانصرفَتْ هِمَمُه⁣(⁣٤) إِليه.

  حتى أَكثرَ القَوْلَ فيه بالبَاطل. وهو مَجاز.

  وتهاتَرَا: ادَّعَى كُلٌّ على صاحِبه باطلاً، ومنه الحَديثُ: «المُسْتَبّان شَيْطَانَانِ يَتَهَاتَرَان ويَتَكَاذَبَان ويَتقاوَلان⁣(⁣٥) وَيَتقابَحان في القَول، من الهِتْر، بالكَسْر، وهو البَاطلُ والسَّقَطُ من الكلامِ.

  وهَاتَرَهُ: سَابَّهُ بالبَاطِل من القول، نقلَه ابنُ الأَنْبَاريّ، عن أَبي زَيْد، قال ثعْلَب: وأَما غيره فقال المُهَاتَرَة: القَولُ الذي يَنقُض بعضُه بَعضاً، يقال من ذلك: دَع الهِتَارَ. ومن ذلك لتَّهاتِرُ، بكسر التّاءِ الثّانية، وهي الشَّهاداتُ التي يُكذِّبُ بَعضُها بَعضُاً، كأَنّهَا جمْع تَهْتَرٍ كجَعْفَر؛ وتهاترَت البَيِّنَتَان: سَقَطَتَا وبَطَلَتَا.

  ورَجُلٌ هِتْرُ أَهْتَارٍ: مَوصُوفٌ بالنَّكْراءِ، أَي دَاهِيةُ دَوَاهٍ، وهِتْرٌ هَاتِرٌ، مبالَغةٌ، وفي الصّحاح: تَوْكيد له، قال أَوْسُ بن حجَر:

  أَلمَّ خَيَالٌ من تُمَاضِرَ مَوْهِناً ... هُدُوًّا ولم يَطْرُقْ منَ اللّيْل بَاكِرَا


(١) عبارته في التهذيب: قال: أما قوله الهتر: مزق العرض فغير معتمد، والذي سمع من الثقات بهذا المعنى: الهرت ...

(٢) التهذيب: يقلب.

(٣) ضبطت في اللسان، بكسر الهاء، وفي التهذيب فكالأصل.

(٤) التهذيب: همته، واللسان فكالأصل.

(٥) كذا بالأصل واللسان، وفي النهاية: أي يتقاولان على اعتبار أن الحديث ينتهي عنده «يتكاذبان» وما بعدها شرح وتفسير للحديث. ومثله في التهذيب.