تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هنزمر]:

صفحة 629 - الجزء 7

  الأَمْر بقِلَّةِ مُبَالاةٍ. وفي الأَساس: بغير فِكْرٍ، وهو مَجاز. وتَهَوَّرَ الوَعَكُ الناسَ، إِذا أَخَذَهم وعَمَّهم.

  ومن المَجاز: تهَوَّرَ اللَّيْلُ، إِذا ذَهَبَ وأَدْبَر، أَو تهَوَّرَ الليلُ، إِذا وَلَّى أَكْثَرُه، ويقَال في هذا المعنَى بعَينِه: تَوَهَّرَ اللّيلُ، وقد تَقَدَّم، وفي بعض النُّسخ: واللَّيْل: وَلَّى أَو ذَهَب أَكثَرهُ.

  ورَجلٌ هارٌ وهارٍ، الأَخِيرة على القَلْب، وهَيّارٌ، ككَتّان، هكذا في سائر النُّسخ، والذي في أُمهات اللغة كلّها: هائِرٌ، وفي بعضها: هَيَارٌ، كسَحَاب، وسيأْتي له في «هـ ي ر»: ضَعِيفٌ، وقال الأَزهريّ: رَجلٌ هارٌ، إِذا كان ضعيفاً في أَمِره، وأَنشد:

  ماضِي العَزِيمةِ لا هارٌ ولا خَزِلُ⁣(⁣١)

  وقال ابنُ الأَثِير: يقال هوَ هارٌ وهارٍ وهاثرٌ، فأَمّا هائرٌ فهو الأَصل من هارَ يَهُورُ، وأَمّا هارٌ، بالرفع، فعلى حَذْف الهمزة، وأَمّا هارٍ، بالجرّ، فعلى نَقْل الهمزة إِلى [ما]⁣(⁣٢) بعد الراءِ، كما قالوا في شائِك السِّلاح شاكِي السّلاح، ثم عُمِلَ به ما عُمِل بالمَنْقُوص، نحو قاضٍ وداعٍ.

  وقال ابن دريد: الهَوْرُ، بالفَتْح: البُحَيْرَةُ تَغِيضُ⁣(⁣٣) بها، وفي بعض الأصول فيها، مِيَاهُ غِياضٍ وآجامٍ فتَتَّسِع ويَكثُر ماؤُهَا. ج أَهْوَارٌ. والهَوْرُ: القَطِيعُ من الغَنَم، نقله الصاغانيّ، سُمِّيَ به لأَنّه من كَثرتِه يَتسَاقَطُ بَعضُه على بَعض.

  والهَوْرَةُ، بهاءٍ: المَهْلَكَةُ، وجمْعها الهَوْراتُ، وبه فُسِّر الحَديثُ الآتي ذِكرُه.

  وعن أَبي عَمْرو: الهَوَرْوَرَةُ: المرأَةُ الهالِكةُ.

  ويُقَال: اهْتَوَرَ، إِذا هَلَكَ.

  وقال الأَصمعيّ: التَّيْهُور⁣(⁣٤): ما انْهَارَ من الرَّمْلِ، وقيل: ما اطمَأَنَّ من الأَرضِ، هكذا في سائر النَّسخ. وقد ضَربَ عليه الصاغانيّ بقَلمه، وذكرَ الرّملَ عِوَضاً عنه، وفي اللسان ذكر الأَرض. والتَّيْهُورُ الشَّدِيدَةُ من السَّبَاسِبِ، يقال، تِيهٌ تَيْهُورٌ، أَي شديدٌ، ياؤُه على هذا معاقِبَةٌ بعد القَلْب، وفي حواشِي ابن بَرِّيّ. ما نصّه: أَسقطَ الجوْهَرِيُّ ذِكْرَ تَيْهُورِ الرَّمْلِ الذي يَنْهَار، لأَنه يحتاج فيه إِلى فَضْلِ صَنْعَةٍ من جِهة العربيّة.

  وشاهدُ تَيْهُورِ الرّمْلِ المُنْهَارِ قَولُ العجّاج:

  إِلَى أَرَاطٍ ونَقاً تَيْهُورِ

  وَزْنه تَفْعُول، والأَصل فيه تَهْيُور، فقدِّمت الياءُ التي هي عَين إِلى مَوضع الفاءِ، فصار تَيْهُوراً، فهذا إِنْ جعلَته من تَهَيَّرَ الجُرْفُ، وإِن جَعلتَه من تَهَوَّرَ كان وَزْنه فَيْعُولاً لا تَفْعُولاً، ويكون مقلوبَ العينِ أَيضاً إِلى مَوْضع الفاءِ، والتقديرُ فيه بعد القَلْب: وَيْهُور، ثمّ قُلِبت الواو تاءً كما قُلِبتْ في تَيْقُور، وأَصله وَيْقُور، من الوَقَار.

  والهَارُ: الضَّعيفُ السّاقِطُ من شِدَّةِ الزَّمَانِ، وبِه فُسِّر حديث خُزَيمة: «تَرَكَتِ المُخَّ رَاراً والمَطِيَّ هَاراً» ويروي بالتَّشْدِيد.

  والهَوَارَةُ، كسَحَابَة: الهَلَكَةُ، ومنه الحَدِيثُ الذي لا طريق له، كما قاله الصاغانيّ: «مَنْ أَطاعَ الله» ونصّ الحديث: «رَبَّه فلا هَوَارَةَ عَلَيْه» أَي لا هُلْكَ⁣(⁣٥). قلت: وقد رُوِي عن أَنس ¥ أَنّه خَطَبَ فقال: «مَنْ يَتَّقِي الله لا هَوَارَةَ عَليْهِ» فلم يَدْرَوا ما قال، فقال يَحْيَى بن يَعْمُر: أَي لا ضَيْعَةَ عليه.

  وفي الحَدِيثِ أَيضاً: «مَنْ اتَّقَى الله وُقِيَ الهَوْرَاتِ» أَي الهَلَكات، وقال الصاغانيّ: أَي المَهَالِك، واحدتها هَوْرَة، وقد تقدّم قريباً، وهذا من المصنّف غريب جدًّا، فإِنه ذَكر المُفرد أَوّلاً ثمّ ذَكرَ بعده الحديثَ الذي جاءَ فيه ذِكْرُ جَمْعِه، ففرقهما في مَحلَّين.

  ومن المَجاز: رجلٌ هَيِّرٌ، ككَيِّس إِذا كان يَتَهَوَّر في الأَشياءِ، ونصّ التكملة: يَتَهَيَّر في الأَشياءِ.

  ومَهْوَرٌ، كمَقْعَدٍ: ع بالحِجَاز، نقلَه الصاغانيّ، وقال ياقوت: ويُرْوَى مَهْوىً.

  * ومّما يُسْتَدْرَك عَلَيْه:

  يقال: خَرْقٌ هَوْرٌ، أَي وَاسعٌ بعيدٌ. قال ذو الرُمَّة:


(١) الخزل: الساقط المنقطع، عن التهذيب.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) الأصل والتكملة والقاموس، وعلى هامشه عن نسخة أخرى «يغيض».

(٤) في اللسان: «التهيور» وفي التهذيب «وهر» فكالأصل.

(٥) النهاية: هلاك.