تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الموحدة

صفحة 364 - الجزء 1

  وعَلَى الشَّمَائِلِ أَنْ يُهَاجَ بِنَا ... جُرْبَانُ كُلِّ مُهَنَّدِ عَضْبِ

  وقال الفرّاءُ⁣(⁣١): الجُرُبَّانُ أَي مضموماً مُشدداً: قِرَابُ السَّيفِ الضَّخْمُ، يكون فيه أَداةُ الرَّجُلِ وسَوْطُه وما يَحْتَاج إِليه وفي الحديث «والسَّيْفُ في جُرُبَّانِهِ» أَي غِمْدِه، كذا في لسان العرب.

  وجَرَّبَهُ تَجْرِيباً، على القياس وتَجْرِبَةً غيرَ مَقِيسٍ: اخْتَبَرَه وفي المحكم: التَّجْرِبَةُ منَ المَصَادِرِ المَجْمُوعَةِ ويجمع على التَّجَارِب والتجارِيب، قال النابغة:

  إِلَى اليَوْمِ قَدْ جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ

  وقال الأَعشى:

  كَمْ جَرَّبُوهُ فما زَادَتْ تَجَارِبُهُم ... أَبَا قُدامَةَ إِلَّا المَجْدَ والفَنَعَا

  فإِنه مَصدرٌ مجموع مُعْمَلٌ في المفعول به، وهو غَريبٌ، كذا في المحكم، وقد أَطَالَ في شرح هذا البيت فَرَاجِعْه.

  ويقال: رَجُلٌ مُجَرَّبٌ، كمعَظَّم: قَدْ بُلِيَ كعُنِيَ ما ( *) عِنْدَهُ أَي بَلَاهُ غيرُهُ، ومُجَرِّبُ على صِيغَة الفاعِل كمُحَدِّثٍ: قد عَرَفَ الأُمورَ وجَرَّبَهَا، فهو بالفَتْحِ مُضَرَّسٌ قد جرَّبَتهُ الأُمورُ وأَحْكَمَتْهُ، وبالكَسر فاعل، إِلا أَن العَرَبَ تَكلَّمت به بالفَتْح، وفي التهذيب: المُجَرَّبُ: الذي قد جُرِّب في الأُمُورِ وعُرِفَ ما عِنْدَه، قال أَبو زيد: مِنْ أَمْثَالِهِمْ «أَنْتَ عَلَى المُجَرَّبِ» قالَتْهُ امْرَأَةٌ لرجلٍ سَأَلَهَا بَعْدَ ما قَعَدَ بيْنَ رِجْلَيْهَا: أَعَذْرَاءُ أَنْتِ أَمْ ثَيِّبٌ قالت له «أَنْتَ عَلَى المُجَرَّب» يقالُ عندَ جَوَابِ السَّائِلِ عَمَّا أَشْفَى عَلَى عِلْمِه، وفي الأَسَاس، وفي المَثَلِ «لَا إِلهَ لِمُجْربٍ» قالوا: كأَنَّهُ⁣(⁣٢) بَرِيءَ مِنْ إِلَههِ لكَثْرَةِ حَلِفِه به كاذِباً⁣(⁣٣) وَدَرَاهِمُ مُجَرَّبَةٌ أَي مَوْزُونَةٌ، عن كُرَاع، وقالت عجوزٌ في رَجُلٍ كان بينها وبينه خُصُومةٌ فبلغها مَوْتُه:

  سَأَجْعَلُ لِلْموْتِ الذي الْتَفَّ رُوحَهُ ... وأَصْبَحَ في لَحْدٍ بِجُدَّةَ ثَاوِيَا

  ثَلاثِينَ دِينَاراً وسِتِّينَ دِرْهَماً ... مُجَرَّبَةً نَقْداً ثِقَالاً صَوافِيا

  وقال العَبَّاسُ بن مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ:

  إِنِّي إِخَالُ رَسُولَ اللهِ صَبَّحَكُمْ ... جَيْشَاً له في فَضاءِ الأَرْضِ أَرْكَانُ

  فِيهِمْ أَخُوكُمْ سُلَيْمٌ لَيْسَ تَارِكَكُمْ ... والمُسْلِمُونَ عِبَادُ اللهِ غَسَّانُ

  وَفِي عِضَادَتِه اليُمْنَى بَنو أَسَد ... والأَجْرَبَانِ: بَنُو عَبْسٍ وذُبْيَانُ

  فالصَّوابُ على هذا رَفْع ذُبيانَ معطوفٌ على قوله بَنُو عَبْسٍ، كذا قاله ابنُ بَرِّيّ، وفي الأَساس: ومن المَجَازِ: تَأَلَّبَ عَلَيْهِ الأَجْرَبَانِ، وهُمَا عَبْسٌ⁣(⁣٤) وذُبْيَانُ.

  والأَجَارِبُ: حَيٌّ بَنِي سَعْدِ بن بَكْرٍ من قَيْسِ عَيْلَانَ⁣(⁣٥).

  وجُرَيْبٌ، كزبير: وادٍ باليَمَنِ و: ة بِهَجَرَ، وجُرَيْبُ بنُ سَعْدٍ نَسَبُهُ في هُذَيْلٍ وهو أَبُو قَبِيلَةٍ، والنِّسبةُ إِليه جُرَبِيٌّ كقُرَشِيٍّ، على غير قِياسٍ، منهم عبدُ مَنَافِ بنُ رِبْعٍ بالكسر، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، وجُرَيْبٌ أَيضاً جَدُّ جَدِّ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ إِبراهِيمَ بنِ إِسماعِيلَ الزَّاهِدِ الكِلَابِيِّ البَلْخِيّ، حَجَّ بَعْدَ العِشْرِينَ وأَربعمائةٍ، وحَدَّثَ.

  وجُرَيْبَةُ بنُ الأَشْيَم شَاعِرٌ من شُعَرَائِهِم، وجُرَيْبَةُ شاعِرٌ آخَرُ مِنْ بَنِي الهُجَيْمِ ومِنْ قَوْلِهِ:

  وعَلَيَّ سَابِغَةُ كَأَنَّ قَتِيرَهَا ... حَدَقُ الأَسَاوِدِ، لَوْنُهَا كالمِجْوَلِ

  وأَبُو الجَرْبَاءِ: عاصِمُ بنُ دُلَفَ وهو الذي يقولُ:

  أَنَا أَبُو الجَرْبَاءِ واسْمِي عَاصِمُ ... الْيَوْمَ قَتْلٌ وغَداً مَآثِمُ

  وهو صَاحِبُ خِطَامِ جَمَلِ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ ^ يَوْمَ الجَمَل.

  وجَرِب كَفَرِحَ: هَلَكَتْ أَرْضُهُ، وجَرِبَ زَيدُ أَي جَرِبَتْ إِبلُه وسَلِمَ هُوَ، وقولُهُم في الدُّعَاءِ على الإِنْسَانِ: مَالَهُ جَرِبَ


(١) في اللسان: شمر عن ابن الأعرابي.

(٢) عن أساس البلاغة، وبالأصل: «قاله: كأنه».

(٣) زيد في الأساس: «أنه لا هناء عنده إذا طلب إليه».

(*) في القاموس: ما [كان] عنده.

(٤) كذا بالأصل والأساس، وفي الصحاح واللسان: بنو عبس.

(٥) في جمهرة ابن حزم: يقال الأجارب لولد كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ما عدا مالك وعمرو منهم يقال لهما المزروعان لكثرة أموالهما.