تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة مع الزاي

صفحة 57 - الجزء 8

  فِيهَا، ويَخطِر من أَنْ تَكُون معَاصِيَ، لفَقْد الطُمَأْنِينَةِ إِليْهَا، وقال اللَّيْثُ: يعنِي ما حَزَّ في القَلْبِ وحَكَّ، ويُرْوَى: «الإِثْمُ حَزَّازُ القُلُوبِ» بزاءَين، الأُولى مُشَدَّدة وهو فعّال من الحَزِّ.

  وكان يَنْبَغِي من المصنّف أَن يَذكُر الرِّوايَةَ المَشْهورَةَ هُنَاكَ ويقولَ هنا: ويُرْوَى حَوّاز القُلُوب، كشَدّاد، كما فَعَله غيره من المصنِّفين في اللُّغَة ما عدا الصاغانيّ، والمصنِّف قلَّده في ذلك على عادَته.

  وتَحَوَّزَ تَلَوَّى وتَقَلَّبَ، وخَصَّ بعضُهم به الحَيَّةَ، كتَحَيَّزَ، يقال: تَحَوَّزَت الحَيَّةُ وتَحَيَّزَت، أَي تَلَوَّتْ. ومن كلامهم: مَا لَكَ تَحَوَّزُ كَما تَحَيَّزُ الحَيَّةُ.

  وتَحَوَّزَ عنه وتَحَيَّزَ: تَنَحَّى، وفي الحديث: «فما تَحَوَّزَ له عن فِرَاشِه.

  قال أَبو عبَيْد⁣(⁣١): التَّحَوُّز هو التَّنَحِّي، وفيه لُغَتَان: التَّحَوُّز والتَّحَيُّزُ، قال اللهُ تعالَى: {أَوْ} مُتَحَيِّزاً {إِلى فِئَةٍ}⁣(⁣٢). والتَّحَوُّز التَّفَعُّلُ، والتَّحَيُّزُ التَّفَيْعل. وقال أَبو إِسْحَاقَ في معني الآية: أَي إِلاّ أَنْ يَنْحَازَ أَي يَنْفَرِدَ ليَكُون مع المُقاتِلَةِ. وأَصْلُه مُتَحَيْوِزٌ، قُلبَت الواو ياءً لمجاورَةِ الياءِ ثمّ أُدْغمَت فيها؛ وقال اللَّيْث: يقَال: مَالَكَ تَتَحَوَّزُ، إِذا لم تَسْتَقِرّ على الأَرْضِ. وقال القُطاميّ يَصفُ عَجوزاً أَنَّه اسْتَضافها فَجَعلَت تَرُوغ عنه فقال:

  تَحَوّزُ عنيِّ خِيفَةً أَنْ أَضِيفَهَا ... كما انْحَازَت الأَفْعَى مَخَافَةَ ضارِبِ⁣(⁣٣)

  والحُوزِيَّةُ بالضَّمّ: النّاقَةُ المُنْحَازَةُ عن الإِبل لا تُخالِطُهَا، أَو هي الّتي عِنْدَها سَيْرٌ مَذْخُورٌ من سيْرهَا مَصونٌ لا يُدْرَك، وبه فسّر رَجزٌ العجّاج السابق ذِكْرُهُ: وله حُوزيُّ. أَي يَغْلبهنَّ بالهُوَيْنَى وعِنْدَه مَذْخُورُ سبْرٍ لم يَبْتَذِلْه، أَو هي التي لها خَلِفَةٌ انْقَطَعَت عن الإِبل في خَلِفَتِهَا وفَرَاهَتِها، هكذا بفَتْح الخَاءِ المعْجمة وكَسْر اللام، ووقع في نسخة التكْملَة بكَسْر الخَاءِ وسكون الَّلام⁣(⁣٤)، والأُولَى الصَّواب، وهذا كَما تَقُول: منْقَطِعُ القَرين وبكُلٍّ من الأَقْوَال الثَّلاثة فُسِّر قَوْلُ الأَعْشَى يَصفُ الإِبلَ:

  حُوزِيَّةٌ طُوِيَتْ على زَفَرَاتها ... طَيَّ القَنَاطِر قدْ نَزَلْنَ نُزُولَا⁣(⁣٥)

  ويقال: إِنّ فيكم حُوَيْزاءَ عنِّي، الحُوَيْزاءُ: الذَّخيرَةُ تَطْوِيها عن صاحِبك، نقلَه الصّاغَانيّ، كأَنَّه يَحوزُهَا وبَسْتبِدّ بها دونَ صاحبِه، والتَّصْغير للتَّعْظيم.

  وحَوْزانُ وحَوْزَى⁣(⁣٦) كسَكْرَانَ وسَكْرَى، قَرْيتَانِ، أَما الأُولَى فمنْ قُرَى مَرْوِ الرُّوذِ، والرّجالَةُ⁣(⁣٧) الحَوْزانِيّة.

  مَنْسوبون إِليها.

  والحُوَيْزَةُ، كدُوَيْرَة: قَصَبَةٌ بخُوزِسْتَانَ، بَيْنَهَا وبين وَاسِطَ والبَصْرِة، منها: أَبو العَبّاسِ أَحْمد بنُ محَمَّد بن محَمّد بن⁣(⁣٨) سُلَيْمَانَ العباسيّ الحُوَيْزيّ الفَقِيه الشاعر، تَفَقَّه ببغْدَاد ومات سنة ٥٥٠ وابْنُه حَسَنٌ نَشَأَ ببغْدَادَ وقَرأَ بها القُرْآن بالرِّوايَات على أَبي الكَرَم الشَّهْرَزُوريّ وسمع منه ومن أَبي القاسِم السَّمَرقَنْديّ وكان يَعْرفُ المُوسِيقى، وهو شاعرٌ مُحَدّث مقْرئُ، سَكَن وَاسِطَ إِلى أَن مات بها سنة ٥٧٣ وعَبْد الله ابنُ الحَسَن الحُوَيْزِيّ، وأَحْمَد بنُ عَبّاس الحُوَيْزِيّ المحدّثان ومَحْمود بْن إِسْمَاعيلَ الحُويْزانيُّ الخَطيبُ المُحَدِّث، من شُيوخ بَغْدَادَ، بعد الثمانين وسِتِّمائَة قيل، منسوبٌ إِلى الحُوَيْزَة هذه، كأَنَّه من تَغْيير النَّسَب.

  وحُويْزَةُ، كجهَيْنَة، ممَّن قاتَلَ الحُسيْنَ بنَ عليٍّ ®، وعَلَى حُوَيْزَةَ ما يَسْتَحِقُّ.

  وبَدْرُ بنُ حُوَيْزَةَ مُحَدّث، رَوَى عن الشَّعْبِيّ. قُلْتُ: ومَاوِيَّة بنتُ حُويْزَة ويُقَال: حَوْزَة، ذَكرَها الزُّبَيْر بن بكّار فقال: هي وَالدةُ عاتكَةَ بنت مُرَّةَ، وعاتكةُ أُمُّ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْد مَنَافٍ وإِخْوَتهِ. نقله الحافظِ.

  وحَوّازٌ، ككَتَّان: رَجُلٌ.

  والحُوَّاز، كرُمَّانٍ: الجِعْلَانُ الكبَارُ، نقله الصَّاغَانيّ، وكأَنَّه جمْعُ حائِزٍ، والّذِي في اللِّسَان وغَيْرِه: الحُوَّازُ وهُوَ ما


(١) الأصل والتهذيب، وفي اللسان: أبو عبيدة.

(٢) سورة الأنفال الآية ١٦.

(٣) ويروى: «تحيز مني». يقول: تتنحى هذه العجوز وتتأخر خوفاً أن أنزل عليها ضيفاً.

(٤) وهي ما ورد في إحدى نسخ القاموس ومثلها في التهذيب، أما الأصل فكاللسان.

(٥) البيت في التهذيب ونسبه للراعي، وهو في ديوانه ص ٢١٨ وانظر فيه تخريجه. من أبيات يمدح عبد الملك بن مروان ويشكو من السعاة.

(٦) في القاموس: وحوزان وحَوْزٌ.

(٧) في معجم البلدان «حوزان»: الرحالة بالحاء المهملة.

(٨) في معجم البلدان «الحويزة»: أحمد بن محمد بن سليمان.