تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رطز]:

صفحة 72 - الجزء 8

  قَسْوَرَةٍ}⁣(⁣١) قال: هو رِكْزُ النّاس، قال: الرِّكْز: الصَّوْتُ الخَفِيّ والحِسُّ، فجَعَلَ القَسْوَرَةَ نَفْسَها رِكْزاً؛ لأَن القَسْورة جَمَاعَةُ الرِّجَال، وقيل: هو جَمَاعَةُ الرُّمَاة، فسَمّاهم باسْمِ صَوْتِهِم، وقد ذُكِر في مَوْضعه. والرِّكْزُ أَيضاً: الرَّجلُ العَالمُ العَاقلُ الحَلِيم السَّخِيّ الكَرِيمُ، قاله أَبو عَمْرو، وليس في نَصّه ذِكْر العَالِم ولَا ذِكْر الكَرِيم.

  ومن المجَاز: الرِّكْزَةُ، بهاءٍ: ثَبَاتُ العَقْلِ ومُسْكَتُه. قال الفَرّاءُ: سمعْتُ بعضَ بني أَسَد يقول: كَلّمْت فلاناً فما رأَيْتُ له رِكْزةً، أَي ليسَ بِثَابِتِ العَقْل. والرِّكْزة أَيضاً وَاحِدَةُ الرِّكازِ، ككِتَاب، وهو ما رَكَزَه الله تَعَالَى في المَعَادن، أَي أَحدَثَه وأَوْجَدَه، وهو التَّبْرُ المَخْلُوق في الأَرض، وهذا الذي تَوقّفَ فيه الإِمامُ الشّافعيّ ¥، كما نَقَلَه عنه الأَزهريّ، وجاءَ في الحَدِيث عن عَمْرو بن شُعَيْب: «أَنَّ عَبْداً وَجَدَ رِكْزَةً على عَهْد عُمَر ¥، فأَخَذَها منه عُمَر». ويقال الرِّكْزَة: القِطْعةُ من جَوَاهِر الأَرضِ المَرْكُوزَةُ فيها، كالرَّكِيزَة. وقال أَحمدُ بن خالد: الرِّكَاز جَمْع، والواحِدة رَكِيزَة⁣(⁣٢)، كأَنّه رُكِز في الأَرض رَكْزاً. وقال الشافِعيّ ¥: والذِي لا أَشُكّ فيه أَن الرِّكَاز دَفِينُ أَهْلِ الجاهِلِيّة، أَي الكَنْز الجَاهِلِيّ، وعليه جاءَ الحَدِيثُ: «وفي الرِّكَاز الخُمس»، وهو رأَيُ أَهْل الحِجَاز، قال الأَزْهَرِيّ: وإِنّمَا كان فيه الخُمسُ لكَثْرة نَفْعِه وسُهولَةِ أَخْذِه.

  قُلتُ: وقد جاءَ في مُسنَد أَحمد بنِ حَنْبل في بعض طُرُق هذا الحَدِيث: «وفي الرَّكائز الخُمسُ» وكأَنّها جَمع رَكِيزَة أَو رِكَازَة، ونقل أَبُو عُبَيْد عن أَهْلِ العِرَاق في الرِّكَازِ: المَعَادِنُ كُلُّها، فما استُخْرِج منها شَيْءٌ فلِمُسْتَخْرِجهِ أَربَعَةُ أَخْمَاسِه ولِبَيْت المَالِ الخُمسُ. قالوا: وكذلك المَال العَادِيّ يُوجَدُ مَدْفُوناً هو مِثْل المَعْدِن سَواءٌ، قالُوا: وإِنّمَا أَصلُ الرِّكَاز المَعْدِن، والمَالُ العَادِيّ الذِي قد مَلَكَه النّاسُ مُشبَّه⁣(⁣٣) بالمَعْدِن. وقيل: الرِّكَاز: قِطَع عِظَامٌ مِثْل الجَلامِيد من الفِضَّةِ والذَّهَب تُخرَج من الأَرضِ أَو من المَعْدِن، وهو قَولُ اللّيْث، وهذا يُعضِّد تَفسيرَ أَهلِ العِراق. وقال بعضُ أَهلِ الحِجاز: الرِّكَاز: هو المَال المَدْفُون خاصّةً مما كَنَزَه بنو آدمَ قَبْل الإِسلام، وأَما المَعَادِن فلَيْسَت برِكَاز، وإِنما فيها مِثْلُ ما في أَموالِ المُسْلمين من الزّكاة إِذا بلغَ ما أَصابَ مائَتيْ دِرْهمٍ كان فيها خَمْسَةَ دَرَاهم وما زَادَ فبِحِسَاب ذلِكَ، وكذلك الذَّهَب إِذا بَلَغ عِشْرِين مِثْقَالاً كان فيه نِصْفُ مِثْقَالٍ. قُلْتُ: وهذا القَوْل تَحْتَمِله اللّغَة، لأَنَّه مَرْكُوزٌ في الأَرض، أَي ثابتٌ ومَدْفُون، وقد رَكَزَه رَكْزاً، إِذا دَفَنَه.

  وأَرْكَزَ الرجُلُ: وَجَدَ الرِّكَازَ. وعن ابنِ الأَعْرَابِيّ:

  الرِّكَازُ: ما أَخرَجَ المَعْدِنُ، وقد أَركَزَ المَعْدِنُ: صَارَ، ونَصّ النَّوَادِر: وُجِدَ فيه رِكَازٌ، وقال غيرُه: أَرْكزَ صاحبُ المَعْدِن، إِذا كَثُر ما يَخْرُجُ [منه]⁣(⁣٤) له من فِضَّة وغَيْرِهَا. وقال الشّافعيُّ ¥: يقال للرّجُل إِذا أَصاب في المَعْدِن بَدْرةً مُجْتَمعَة: قد أَرْكَزَ.

  ومن المَجَاز: ارتَكَزَ، إِذا ثَبَتَ في مَحَلّه. يقال: دَخَل فُلانٌ فارتَكَزَ في مَحَلّه لا يَبْرحُ. ومن المجاز: ارتَكَزَ على القَوْسِ ارتِكَازاً، إِذا وَضَع سِيَتَهَا على الأَرض ثمّ اعْتَمَد عليهَا، كما في الأَسَاس.

  والرَّكْزَةُ، بالفَتْح، كما هو مُقتَضَى اصْطِلاحِه، وهو خَطَأٌ وصَوَابُه بالكَسْر كما ضَبَطَه الصّاغَانِيّ: النَّخْلَةُ وفي بَعْضِ الأُصُول: الفَسِيلَة تُجْتَثّ وتُقْتَلَع من الجِذْعِ، كذا عن أَبي حَنِيفَة. وقال شَمِر: النَّخْلَة التي تَنْبُت في جِذْعِ النَّخْلَة ثمّ تُحوَّل إِلى مَكَان آخرَ هي الرِّكْزة. وقال بَعضُهم: هذا رِكْزٌ حَسَنٌ، وهذا وَدِيٌّ حَسَنٌ، وهذا قَلْعٌ حَسَنٌ، ويقال رِكْزُ الوَدِيِّ والقَلْعِ⁣(⁣٥).

  ومَرْكُوزٌ: عِ، قال الرّاعِي:

  بأَعْلامِ مَرْكُوزٍ فعَنْزٍ فغُرَّبٍ ... مَغَانِيَ أُمِّ الوَبْر إِذْ هي ماهِيَا⁣(⁣٦)

  والرَّكِيزَةُ في اصطلاح الرَّمْلِيّين هي العَتَبَةُ الدّاخِلَةُ، زَوْجٌ وثَلاثُ أَفرادُ، وهكذا صُورَتُه: وإِنما سُمّيت لأَنَّها دَلِيل الكُنُوزِ والدَّفَائن والخَزَائن والمُخَبّآت.


(١) سورة المدثّر الآية ٥١.

(٢) الأصل والتهذيب، وفي اللسان «رِكزة».

(٣) في التهذيب: فشبّه.

(٤) زيادة عن التهذيب واللسان.

(٥) ضبطت العبارة عن اللسان، وفي التهذيب: ويقال: رُكزَ الوديُّ والقلعُ.

(٦) ديوانه ص ٢٨٠ وانظر تخريجه فيه. وفيه «فعير» بدل «فعنز» والبيت من قصيدة له يمدح بشر بن مروان.