تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جلنب]:

صفحة 378 - الجزء 1

  وحكى اللحيانيّ: إِنَّهُ لَمُنْتَفِخُ الجَوانِبِ، قال: وهو منَ الواحِدِ الذي فُرِّقَ فجُعِلَ جَمْعاً.

  وجُنِبَ الرَّجُلُ كَعُنِيَ أَي مبْنِيًّا للمفعول؛ شَكَا جَنْبَهُ⁣(⁣١)، ورجُلٌ جَنِيبٌ كأَميرٍ وأَنشد:

  ربَا الجُوعُ في أَوْنَيْهِ حتَّى كَأَنَّه ... جَنِيبٌ بِهِ إِنَّ الجَنِيبَ جَنِيبُ

  أَي جاع حتى كأَنَّه يَمْشِي في⁣(⁣٢) جانِب مُتَعَقِّباً، بالباء المُوحَّدِة، كذا في النَّسخ عن ابن الأَعرابيّ ومثله في المُحْكَم، وفي لسان العرب متَعَقِّفاً بالفَاءِ بدَلَ البَاءِ، وقَالوا: الحَرُّ جانِبَيْ سُهَيْلٍ، أَي ناحِيَتَيْهِ، وهو أَشَدُّ الحَرِّ.

  وجانَبَه مُجَانَبةً وجِنَاباً بالكسر: صارَ إِلى جَنْبِه، وفي التنزيل: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ}⁣(⁣٣) أَي جانِبِه وحقِّهِ، وهو مجازٌ كما في الأَساس، وقال الفرّاءُ: الجَنْبُ: القُرْبُ، وفي جَنْبِ اللهِ أَي في قُرْبِه وجِوارِه، وقال ابن الأَعرابيّ: {فِي جَنْبِ اللهِ} أَي في قُرْبِ اللهِ منَ الجَنَّةِ، وقال الزجّاج: في طَرِيقِ الله الذي دعَانِي إِليه، وهو تَوْحِيدُ اللهِ والإِقْرارُ بِنُبُوَّةِ رسُولِهِ محمدٍ ÷. وجانَبَه أَيضاً: باعَدَه أَي صار في جانبٍ غيرِ جانِبِه فهو ضِدُّ، وقَوْلهم اتَّقِ الله في جَنْبِهِ أَي فلانِ ولَا تَقْدَحْ في ساقِهِ أَي لا تقْتُلْهُ كذا في النُّسخِ، من القَتْلِ، وفي لسان العرب: لَا تَغْتَلْهُ⁣(⁣٤) مِنَ الغِيلَةِ، وهو في مُسوَّدَةِ المُؤَلّفِ ولَا تَفْتِنْه، وهو المثَل وقَدْ فُسِّر الجَنْبُ هاهنا بالوَقِيعةِ والشَّتْمِ وأَنشد ابن الأَعرابيّ:

  خَلِيلَيَّ كُفَّا واذْكُرَا الله فِي جنْبِي

  أَي فِي الوَقِيعةِ فيَّ، قال شيخُنَا نَاقِلاً عن شيخِه سيِّدِي محمدِ بنِ الشاذِلِيِّ: لَعَلَّ مِنْ هذَا قَوْلَ الشاعرِ:

  أَلَا تَتَّقِينَ الله في جَنْبِ عاشِقٍ ... لَهُ كَبِدٌ حَرَّى علَيْكِ تَقَطَّعُ

  وقال في شطر ابنِ الأَعرابيّ: أَي في أَمْرِي، قلتُ: وهذا الذي ذهبَ إِليه صحيحّ، وفي حديث الحُديْبِيَةِ كأَنَّ⁣(⁣٥) الله قَدْ قَطَعَ جَنْباً مِنَ المُشْرِكِينَ أَراد بِالجَنْبِ الأَمْرَ أَوِ القِطْعَةَ [من الشيء]⁣(⁣٦)، يقالُ ما فَعلتَ في جَنْبِ حاجتِي، أَي في أَمْرهَا، كذا في لسان العرب، وكذلك جارُ الجَنْبِ أَيِ اللَّازِقُ بكَ إِلى جَنْبِكَ، وقِيلَ الصَّاحِبُ بالجَنْبِ هو صاحِبُكَ فِي السَّفَر وقِيلَ: هو الذي يَقْرُبُ منكَ ويكونُ إِلى جَنْبِكَ، وفُسِّر أَيضاً بالرّفِيقِ في كلّ أَمرٍ حَسَنٍ، وبالزَّوْجِ، وبِالمرْأَةِ، نَصَّ على بعضِه في المحكم وكذلك: جارٌ جُنُبٌ ذُو جَنَابةٍ مِنْ قومٍ آخَرِينَ، ويضافُ فيقال: جارُ الجُنُب، وفي التهذيب الجارُ الجُنُبُ بِضَمَّتَيْنِ هو جارُكَ مِنْ غَيْرِ قَوْمِكَ وفي نسخة التهذيب: منْ جَاوَرَكَ ونَسَبُهُ في قَوْم آخَرِينَ، وقيل هو البعِيدُ مُطْلَقاً، وقِيلَ: هُوَ مَنْ لَا قَرابةَ له حقِيقَةً، قاله شيخُنا.

  وجَنَابَتَا الأَنْفِ وجَنْبَتَاهُ بسُكُونِ النُّونِ ويُحرَّكُ: جنْبَاهُ وقال سيبويه: هُما الخَطَّانِ اللذانِ اكْتَنَفَا جَنْبَيْ أَنْفِ الظَّبْيَةِ، والجمْعُ: جَنَائِبُ.

  والمُجَنَّبةُ بفَتْح النونِ أَي مع ضَمِّ الميم على صِيغةِ اسم المفعول: المُقَدَّمةُ من الجيْشِ والمُجَنِّبَتَانِ بالكسر، مِنَ الجيْشِ: المَيْمَنَةُ والمَيْسَرةُ وفي حديث أَبي هُريرةَ «أَنَّ النَّبِيَّ ÷ بعَثَ خَالِدَ بنَ الولِيدِ يوْمَ الفَتْحِ علَى المُجَنِّبةِ اليُمْنَى، والزَّبيْرَ علَى المُجَنِّبةِ اليُسرَى، واسْتَعْمَلَ أَبا عُبيْدةَ علَى البَياذِقَةِ، وهُمُ الحُسَّرُ». وعن ابن الأَعرابيّ: يقالُ: أَرْسَلُوا مُجَنِّبتَيْنِ، أَي كتيبَتَيْنِ أَخَذَتَا وجَنْبَتَا⁣(⁣٧) الوادِي: ناحِيَتَاهُ، وكَذَا جانِباه، والمُجَنِّبَةُ اليُمْنَى هي مَيْمَنةُ العسْكَرِ، والمُجنِّبَةُ اليُسْرَى هي المَيْسَرةُ، وهُما مُجنِّبَتَانِ، والنُّونُ مكْسُورةٌ، وقيلَ هي الكَتِيبَةُ التي تأْخُذ إِحْدَى نَاحِيَتَيِ الطَّرِيقِ، قال: والأَوَّلُ أَصحُّ، والحُسَّرُ: الرَّجَّالَةُ، ومنه حديث «الباقِيَات الصَّالحَات هُنَّ مُقَدِّماتٌ وهُنَّ مُعقِّبَاتٌ وهُنَّ مُجَنِّبَاتٌ».

  وجَنَبَهُ أَيِ الفَرَس والأَسِيرَ يَجْنُبُه جَنَباً مُحرَّكَةً ومَجْنَباً


(١) اللسان: جانبه.

(٢) في إحدى نسخ القاموس: على.

(٣) سورة الزمر الآية ٥٦.

(٤) في اللسان فكالأصل «لا تقتله» وفي بعض نسخ المحكم لا تغتله بالغين من الاغتيال.

(٥) كذا بالأصل والنهاية، وفي اللسان: كان.

(٦) زيادة عن اللسان.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «كذا بخطه بالألف على لغة من يلزم المثنى الألف اه» وفي اللسان: أخذتا ناحيتي الطريق (هذا عن ابن الأعرابي) وفيه: وجنبتا الوادي ...