تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نخز]:

صفحة 157 - الجزء 8

  سَمَّوْا نَرْزَةَ ونارِزَةَ، قال: وأَحْسبُه مَصْنُوعاً، قال: والنَّرْزُ أَيضاً غيرُ مَحْفُوظ. قلتُ: وقد سَبَقَ للمصنِّف أَنه ليس في الكلامِ نُونٌ وراءٌ بلا فاصل بينهُمَا، وقال شيخُنَا: فيُزَادُ هذا على «ونر» وما مَعَه. قلتُ: قَدَّمْنَا الكلامَ في «ونر» وذَكَرْنا هناك مَا حَصَلَ للمصنِّف من التَّصْحيف في تَقْليده للصّاغانيِّ، وقد سمعْت عن ابن دُرَيْد في النَّرْز ما يَدُلُّ على أَنه مَصْنُوعٌ، وما عَدَاهما فإِمّا فارسيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ، أَو كلمةٌ مَصْنُوعَةٌ، والأَصلُ إِبقاءُ القاعدةِ على صِحَّتهَا، فتَأَمَّلْ.

  وقال ابنُ الأَعْرَابيِّ: النَّرْزُ⁣(⁣١): ع. قلتُ: وكأَنَّه لغةٌ في النَّرْس، بالسين، كما سيأْتي.

  قال: والنَّرِيزيُّ صاحبُ الحِسَاب لا أَدْري إِلى أَيِّ شيْءٍ نُسبَ. قال الصّاغَانيُّ: نَريزُ، كأَمير: ة بأَذْرَبيجَانَ من نواحي أَرْدَبِيلَ، وإِليها نُسِبَ* النَّريزيُّ صاحبُ الحِساب، وهو أَحمدُ بنُ عُثْمَانَ الحَافظُ الفَرَضيُّ. قال الحَافظُ: رَوَى عَنْه أَبو المفضل الشَّيْبَانيُّ، ذَكَرَه أَبو العَلَاءِ الفَرَضيُّ، ثمّ تَرَدَّدَ فذَكَرَه بفتحِ المُوَحَّدَةِ وزايٍ مُكَرَّرةٍ، وقال ليُحَرَّرْ.

  قُلتُ: الأَوّلُ هو الصَّوَابُ. وقد حَدَّثَ عن أَحمدَ بن الهَيْثَمِ الشَّعْرَانيِّ، ويَحْيَى بن عَمْرو بن نفلان التَّنوخيّ، ونَظيرُه عبدُ الباقِي بنُ يُوسُفَ بنِ عليٍّ النَّرِيزيُّ أَبو تُرَابٍ المَراغِيُّ نَزِيلُ نَيسابُور، مات سنة ٤٩٢⁣(⁣٢) ذَكَرَه ابنُ نُقْطَةَ. قلتُ: ورَوَى عن أَبي عبد الله المَحَامليِّ وأَبي القَاسم بن بشران، وعنه أَبو منصور الشَّحّاميُّ، وغيرُه.

  ونَيْرِيزُ، بالفَتْح، وزيادة ياءٍ تَحْتيَّة بين النُّونِ والرّاءِ: ة بفارِسَ، من أَعمال شِيرازَ، ومنها: الإِمَامُ جمالُ الدِّين محمّدُ بنُ عبد الله بن محمّد الحُسَيْنيُّ النَّيْرِيزيُّ، ممَّنْ صافَحَ الزَّيْنَ الخوافيّ وأَخَذَ عنه، وأَبو نَصْر الحُسَيْنُ بنُ عليِّ بن جَعْفَرٍ النَّيْريزيُّ، ذَكَرَه الأَميرُ.

  والنَّيْرُوزُ: اسمُ أَوَّل يومٍ من السَّنَةِ عند الفُرْس، عند نُزُولِ الشَّمْس أَوَّلَ الحَمَلِ، وعند القِبْط أَوَّل تُوت، كما في الْمصْبَاح، مُعَرَّبُ نوْرُوزٍ، أَي اليَوْمُ الجَديدُ، وقد اشْتَقُّوا منه الفِعْلَ، كما

  حُكيَ أَنَّهُ قُدِّمَ إِلى عليٍّ ¥ شيْءٌ من الحَلْوَى، فسَأَلَ عنه، فقالوا: للنَّيْرُوز، فقال: نَيْرِزُونَا كلّ يوم، وفي المَهْرجان قال: مَهْرِجُونا كلَّ يَوم، وفيه استعمالُ الفعْل من الأَلْفَاظ الأَعْجميَّة، وهو من قُوَّةِ الفَصاحة، وطَلَاقَة اللِّسان، والقُدْرةِ على الكلام، فهو إِمّا أَنْ يُلْحَقَ بالمنْحُوت، أَو الْمَأْخُوذ من الأَلْفَاظ الجَامدَة؛ كتَحَجَّرَ الطِّينُ: صارَ حَجَراً، ونَحوه، كما حَقَّقَه شيخُنَا، ونَقَلَ عن «عَبَثَ الوَليد» للمَعَرِّيِّ. كلاماً يُنَاسِبُ ذِكْرُه هنا، فَنَقَلْتُه برُمَّته لأَجْل الفائدَة، ونَصُّه: النَّيْرُوزُ: فارسيٌّ مُعَرَّبٌ، ولم يُسْتَعْمَلْ إِلاّ في دَولة بَني العَبّاس، فعند ذلك ذَكَرَتْه الشُّعَرَاءُ، ولم يأْتِ في شِعْرٍ فَصيحٍ؛ إِذْ كان نُقِلَ عن أَعيادِ فارسَ، والمُحْدَثُون يَسْتَعْملُونه على جِهَتَيْن: منهُم مَن يقول: نَيْرُوز، فيَجيئُ به على فَيْعُول، وهو الأَسماءِ العربيّةِ كثيرٌ؛ كالعَيْشُوم: نَبْتٌ، وكذا القَيْصُوم، والدَّيْجُور، للظُّلْمَة. وفَوْعُول معدُومٌ في كلام العرب، والنَّيْرُوزُ إِذا حُمِلَ على العَربيَّة يَجبُ أَن يَكُونَ اشتقاقُه من النَّرْز، ولم يَصِحَّ في اللُّغَة أَنّ النَّرْزَ يُسْتَعْمَلُ، وقد زَعَمَ بعضٌ أَنه الأَخْذُ بأَطْرَاف الأَصابع، وقيل: الأَخْذُ في خُفْيَةٍ، ولم يَبْنُوا في الثُّلاثيَّة المَحْضَة اسْماً أَوَّلُه نُونٌ وراءٌ، وأَما النَّرْدُ الذي يُلْعَبُ به فليستْ بعربيَّة، وقالُوا: النَّيْرَبُ للنَّميمَة والدَّاهيَة ولم يقولوا: النَّرْبُ، ولم يَهْجُرُوا هذا البنَاءَ لأَنَّهُ ثَقيلٌ عَلى اللِّسَان، ولكنْ تَرَكُوه باتِّفاق أَنّ الرّاءَ تَجيءُ بعد النّون كثيراً في غَيْر الأَسْمَاءِ، يَقُولُون: نَرْضَى ونَرْقَى ونَرْمِي في أَفْعَالٍ كثيرةٍ يَلْحَقُهَا نُونُ المُضَارَعَة وأَوّلُ حُرُوفِهَا الأَصْليَّة راءٌ، وإِنّمَا تُرِكَ هذا اللَّفْظُ كَمَا تُركَ الوَدْع، ولو اسْتُعْملَ لكانَ حَسَناً. انتهى. وابنُ نَيْرُوزٍ الأَنْماطيُّ: مُحَدِّثٌ. قلت: هو أَبو بكرٍ محمّدُ بنُ إِبراهيمَ بن نَيْرُوزٍ الأَنْمَاطيُّ، حَدَّثَ عن يَحْيَى بن محمّد بن السَّكْن، وعنه أَبو محمَّد عُبَيْدُ الله بنُ أَحمدَ بن مَعْرُوفٍ قاضِي القُضَاة. كذا وَجدتُه في رَوْضَةِ الأَخْبَار، للخَطيب عبد الله بن أَحمدَ الطُّوسيِّ. قلتُ: وقد حَدَّثَ عنه أَيضاً الدَّارَقُطْنيُّ.

  وعبدُ الله بنُ نَيْرُوز الْمِصْريُّ الناسخُ، حَدَّثَ عنه ابنُ رَوَاحٍ بالإِجازة.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  نِيرُوزُ: مَدينَةٌ من نَوَاحِي السِّنْدِ، بين الدَّيْبُل⁣(⁣٣)


(١) ضبطت نصاً في معجم البلدان بالتحريك. قال: ونَرَز موضع عن الأزهري.

(*) في القاموس: يُنْسَبُ.

(٢) في اللباب ومعجم البلدان «٤٩١» وبالنص في اللباب.

(٣) عن معجم البلدان وبالأصل «الدبيل».