فصل الجيم مع الموحدة
  والمُسَحَّجُ: حِمارُ الوَحْشِ، والهَاءُ في «كأَنه» تعودُ على حمارِ وَحْشٍ تقَدَّم ذِكْرُه، يقول: كأَنه من نَشَاطِه ظَالِعٌ أَو جَنِبٌ، فهو يمْشِي في شِقٍّ، وذلك من النَّشَاطِ، يُشَبِّه ناقَتَه أَو جَملَه بهذا الحِمارِ وقال أَيضاً:
  هاجَتْ به جُوَّعٌ غُضْفٌ مُخَصَّرةٌ ... شَوازِبٌ لَاحَهَا التَّقْرِيبُ والجَنَبُ(١)
  ويقال: حِمارٌ جَنِبٌ. وجَنِبَ البعِيرُ: أَصابهُ وَجَعٌ في الجَنْبِ من شِدَّةِ العطَشِ والجَنَبُ: القَصِيرُ وبه فُسِّر بيتُ أَبِي العِيالِ:
  فَتًى ما غَادرَ الأَقْوَا ... مُ لا نِكْسُ وَلَا جَنَبُ
  وفي نسخةٍ «الفَصِيلُ» بَدَلَ «القَصِيرِ» وهو خطأٌ، وفي لسان العرب: والجَنِبُ، أَي ككَتِفٍ: الذِّئْبُ، لتَظَالُعِه كَيْداً ومَكْراً، مِنْ ذلك.
  والجَأْنَبُ بالهَمْزِ: القَصِيرُ الجَافِي الخِلْقَةِ، وخَلْقٌ جَأْنَبٌ إِذا كان قَبِيحاً كَزًّا.
  والجَنَبُ، بالتَّحْرِيكِ، الذي نِهُيَ عنه في حديث الزَّكَاةِ والسِّبَاقِ، وهو أَن يَجْنُبَ فَرَساً عُرْياً في(٢) الرِّهَانِ إِلى فَرَسِه الذي يُسَابِقُ عليه في السِّبَاقِ، فإِذا فَتَرَ المَرْكُوبُ أَي ضَعُفَ تَحَوَّلَ وانْتَقَلَ إِلى الفَرَسِ المَجْنُوبِ، أَي المَقُودِ، وذلك إِذا خَافَ أَن يُسْبَقَ على الأَوّلِ. والجَنَبُ المَنْهِيّ عنه في الزَّكَاةِ: أَن يَنْزِلَ العامِلُ بأَقْصَى مَواضعِ [أَصحاب](٣) الصَّدَقَةِ ثم يأْمُرَ بالأَموالِ أَنْ تُجْنَبَ إِليه، وقد مرَّ بَيانُ ذلك في ج ل ب وقِيلَ: هو أَنْ يَجْنُبَ(٤) ربُّ المالِ بمالِه أَي يُبْعِدَهَ عن موْضِعِه حتى يَحْتَاج العاملُ إِلى الإِبْعَادِ في اتِّبَاعِه وطَلَبِه.
  والجَنُوبُ كصَبُورٍ: رِيحٌ تُخَالِفُ وفي لَفْظِ الصحاح: تُقابِلُ الشَّمَالَ تأْتِي عن يمِينِ القِبْلَةِ، وقال ثعلب: الجَنُوبُ من الرِّياح: من اسْتَقْبَلَكَ عن شِمَالِكَ إِذَا وقَفْتَ في القِبْلَةِ، وقال ابن الأَعرابيّ: الجَنُوبُ مَهَبَّها(٥) من مَطْلَعِ سُهَيْلٍ إِلى مَطْلع الثُّرَيَّا، وعن الأَصمعيّ: [مجيء](٦) الجَنُوبُ: ما بين مَطْلَعٍ سُهَيْلٍ إِلى مَطْلعِ الشَّمْسِ في الشِّتَاءِ، وقال عُمَارةُ: مَهبُّ الجَنُوبِ ما بين مَطْلَع سُهَيلٍ إِلى مَغْرِبه، وقال الأَصمعيّ: إِذا جَاءَتِ الجَنوبُ جاءَ معها خَيْرٌ وتَلْقِيحٌ، وإِذا جاءَت الشَّمَالُ نَشَّفَتْ، وتقول العربُ للاثْنَيْنِ إِذا كانا مُتَصَافِيَيْنِ: رِيحُهُمَا جَنُوبٌ، وإِذا تَفَرَّقَا قِيلَ: شَمَلَتْ رِيحُهُمَا، ولذلك قال الشاعر:
  لَعَمْرِي لَئِنْ رِيحُ المَوَدَّةِ أَصْبحَتْ ... شَمَالاً لَقَدْ بُدِّلْتُ وَهْيَ جَنُوبُ
  وقولُ أَبِي وَجْزَةَ(٧):
  مَجْنُوبةُ الأُنْسِ مَشْمُولٌ مَواعِدُهَا ... مِنَ الهِجَانِ ذَواتِ الشَّطْبِ والقَصَبِ
  قال ابن الأَعرابيّ: يُرِيدُ أَنها تَذْهَبُ مَوَاعِدُها مع الجَنُوبِ، ويذْهبُ أُنْسُهَا مع الشَّمَالِ، وفي التهذيب: الجَنُوبُ مِنَ الرياحِ: حارَّةٌ، وهي تَهُبُّ في كلّ وَقْتٍ، ومَهبُّها ما بيْنَ مَهَبَّيِ الصَّبا والدَّبُورِ ممّا يَلِي مَطلَع سُهيلٍ، وحكى الجوهريُّ عن بعض العرب(٨) أَنه قال: الجَنُوبُ حارَّةٌ في كلّ مَوضع إِلّا بنَجْدٍ فإِنها باردةٌ، وبيْتُ كُثَيِّرِ عزَّةَ حُجَّةٌ له:
  جَنُوبٌ تُسَامِي أَوْجُهَ القَوْمِ مَسُّهَا ... لَذِيذٌ ومَسْراهَا من الأَرضِ طَيِّبُ
  وهي تكون اسْماً وصِفَةً عند سيبويه، وأَنشد:
  رِيحُ الجَنُوبِ مع الشَّمَالِ وتَارةً ... رِهَمُ الرَّبِيعِ وصَائِبُ التَّهْتَانِ
  وهَبَّتْ جَنُوباً(٩) دلِيلٌ على الصِّفَةِ عند أَبِي عُثْمَانَ، قال الفارسيّ [ليس بدليلٍ، أَلَا تَرى إِلى قول سيبويه إِنه قد
(١) في الديوان واللسان «التغريث» بدل «التقريب» يقال: غرث كلابه تغريثاً: جوعها.
(٢) اللسان: عند.
(٣) زيادة عن اللسان.
(٤) ضبطت في اللسان: يُجْنِبَ.
(٥) عن القاموس. وبالأصل «مهبه» وأشار بهامش المطبوعة المصرية إلى ذلك وفيه: «قوله مهبه الذي في نسخة المتن المطبوعة مهبها وهي ظاهرة اه».
(٦) زيادة عن اللسان.
(٧) بالأصل «أبو وجرة» وما أثبتناه عن التاج نفسه مادة «وجز».
(٨) كذا بالأصل، ولم نجد هذا القول في الصحاح، والذي في اللسان: وحكي عن ابن الأعرابي أنه قال، وذكره.
(٩) عن اللسان، وبالأصل «جنوب».