تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جسس]:

صفحة 225 - الجزء 8

  وفي المَثَلِ: أَحْنَاكُهَا، أَو يُقَال: «أَفْوَاهُهَا مَجَاسُّهَا»، وإِنَّمَا قِيل ذلك لأَنَّ الإِبِلَ إِذا أَحْسَنَت الأَكْلَ اكْتَفَى النّاظِرُ بذلِك في مَعْرِفَةِ سِمَنِها من أَنْ يَجُسَّهَا ويَضْبِثَها. وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: إِذا رَأَيْتَهَا تُجِيدُ الأَكْلَ أَوّلاً فكأَنَّمَا جَسَسْتَهَا، ويَقُولُون: كَيْف تَرَى مَجَسَّتَها؟ فتَقُولُ: دالَّةٌ عَلَى السِّمَنِ.

  يُضْرَبُ في شَوَاهِدِ الأَشْيَاءِ الظَّاهِرَةِ المُعْربَةِ عن بَوَاطِنِها وقال أَبو زَيْدٍ: إِذا طَلَبَتْ كَلأ جَسَّتْ برُؤُوسِهَا وأَحْنَاكِهَا؛ فإِن وجَدَتْ مَرْتَعاً [رَمَتْ] برؤُوسِهَا فرَتَعَتْ، وإِلاَّ مَرَّتْ، فالمَجَاسُّ عَلَى هذا: المَوَاضِعُ التي تجُسُّ بِهَا⁣(⁣١) هِي.

  ومن المَجَازِ قَوْلُهُمْ: فُلانٌ ضَيِّقُ المَجَسَّةِ والمَجَسِّ، إِذا كانَ غَيْر رَحِيبِ الصَّدْرِ ولم يَكُنْ وَاسِعَ السَّرْبِ، ويُقَال: في مَجَسِّكَ ضِيقٌ.

  ومن المجَازِ عن ابنِ دُرَيْدٍ: جَسَّهُ بعَيْنِه، إِذا أَحَدَّ النَّظَرَ إِلَيْهِ ليَسْتَثْبِتَ ويَسْتَبِينَ، قال الشّاعِرُ:

  وفِتْيَةٍ كالذِّئابِ الطُّلْسِ قُلْتُ لَهُمْ: ... إِنِّي أَرَى شَبحاً قد زَالَ أَوحَالا

  فاعْصَوْصَبُوا ثُمَّ جَسُّوه بأَعْيُنِهِم ... ثمّ اخْتَفَوْهُ وقَرْنُ الشَّمْسِ قد زَالا

  اخْتَفَوْهُ: أَظْهَرُوه، وهكذا أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ، وحَكَاه عن ابنِ دُرَيْدٍ⁣(⁣٢)، وقال الصّاغَانِيُّ: هو في حِكَايَتِه [عنه]⁣(⁣٣) صادِقٌ، ولكنه تَصْحِيفٌ، والرِّوايَةُ «حَسُّوه» بالحَاءِ، يُقَال: حَسَّهُ وأَحَسَّهُ بمَعْنًى، والبَيْتَانِ لعُبَيْدِ بنِ أَيُّوبَ العَنْبَرِيِّ، والروايَة:

  فاهْزَوْزَعُوا ثُمَّ حَسُّوه بأَعْيُنِهِم ... ثُمّ اخْتَتَوْهُ وقَرْنُ الشّمْسِ قد زَالا

  اهْزَوْزَعُوا: تَحَرَّكُوا وانْتَبَهُوا حَتَّى رَأَوْه، واخْتَتْوُه: أَخَذُوه.

  قلتُ: ومثلُه بخَطِّ أَبِي زَكَرِيّا في دِيوَانِه، وقال: حَسُّوه، وأَحَسُّوه بمعْنًى.

  والجَسّاسَةُ: دَابَّةٌ تكونُ في الجَزائِرِ⁣(⁣٤) تَجُسُّ الأَخْبَارَ، فتَأْتِي بها الدَّجّال. قالَهُ اللَّيْثُ، زادَ في اللِّسان: زَعَمُوا.

  وهي المَذْكُورةُ في حَدِيثِ تَمِيمٍ الدّارِيِّ.

  ومن المَجَاز: الجَسّاسُ⁣(⁣٥) ككَتَّانٍ: الأَسَدُ المُؤَثِّرُ في الفَرِيسَةِ ببَرَاثِنِه، فكأَنَّه قد جَسَّهَا، ومنه قولُ مالِكِ بنِ خالِدٍ الخُنَاعِيِّ⁣(⁣٦) ويُرْوَى لأَبِي ذُؤَيْبٍ أَيضاً، في صِفَةِ الأَسَدِ:

  صَعْبُ البَدِيهَةِ مَشْبُوبٌ أَظَافِرُه ... مُواثِبٌ أَهْرَتُ الشِّدْقَيْنِ جَسّاسُ

  وقال أَبو سَعِيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ السُّكَّرِيُّ⁣(⁣٧): جَسَّاسٌ يَجُسُّ الأَرْضَ، أَي يَطَؤُهَا⁣(⁣٨).

  وجَسّاسُ بنُ قُطَيْبٍ أَبو المِقْدَامِ: رَاجِزٌ.

  وجَسّاسُ بنُ مُرَّةَ الشَّيْبَانِيُّ: قَاتِلُ كُلَيْبِ بن وَائِل وبسَبَبِه هَاجَتْ حَرْبُ بَكْرٍ وتَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، كما تَقدَّمَ في بسّ، وفيه يَقُولُ مُهَلْهِلٌ:

  قَتِيلٌ ما قَتِيلُ المَرْءِ عَمْرٍو ... وجَسّاسُ بنُ مُرَّةَ ذُو ضَرِيرِ

  وقَتَلَه هِجْرِسُ بنُ كُلَيْبٍ، وله كلامٌ تقَدَّم في «ز ر ر».

  وعَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ جَسّاسٍ المِصْرِيّ: من أَتْبَاعِ التَّابِعِينِ وجَسّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ: من المُحَدِّثِينَ.

  وجِسَاسٌ، ككِتَابٍ ابنُ نُشْبَةَ بن رَبِيعٍ التَّمِيمِيّ بنِ عمْرِو بنِ عَبْدِ الله بنِ لُؤَيِّ بنِ عَمْرِو بنِ الحارِثِ بنِ تَيْمِ الله بنِ عبْدِ مَنَاةَ بنِ أَدّ: أَبو قَبِيلةٍ، من وَلدِه مُزَاحِمُ بنُ زُفَرَ ابنِ عِلَاج بنِ الحَارِثِ بنِ عامِرِ بنِ جِسَاسٍ، عن شُعْبَةَ، وعنه أَبو الرَّبِيعِ الزَّهْرانِيّ، أَخُوهُ عُثْمَانُ بنُ زُفَرَ: حَدَّثَ عن يُوسُفَ بن مُوسَى القَطّانِ وغَيْرِه، وأَنشد ابنُ الأَعْرَابِيّ:

  أَحْيَا جِسَاساً فلمّا حانَ مَصْرَعُه ... خَلَّى جِسَاساً لأَقْوَامٍ سَيَحْمُونَهْ


(١) العبارة في الأصل «فإن وجدت مرتعاً برؤوسها رتعت ... هذه المواضع التي تجس مجاهرة» وما أثبت عبارة المطبوعة الكويتية كما صححها محققها عن العباب.

(٢) الجمهرة: ١/ ٥٢.

(٣) زيادة عن التكملة.

(٤) في التهذيب واللسان: جزائر البحر.

(٥) عن القاموس وبالأصل «جساس».

(٦) بالأصل «الخزاعي» وصوّبت في المطبوعة الكويتية «الخناعي» وهو ما أثبتناه.

(٧) بالأصل «التشكري» تحريف.

(٨) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «يطويها».