تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[دبس]:

صفحة 275 - الجزء 8

  يُسْتَأْنَسُ به أَنْ يكونَ إِطْلاقُ الدِّبْسَ على ما تَقْذِفُه النَّحْلُ صَحِيحاً، فتأَمَّلْ. ويَجُوزُ أَنْ يكونَ عَسَلَ النَّخْلِ، بالخَاءِ المعجمة، كما رَأَيْتُ هكذا في بَعْضِ نُسَخِ الأَساسِ⁣(⁣١)، ويكونَ عَطْفَ تفسيرٍ لما قَبْلَه، والمُرَادُ به عُصَارةُ تَمْرِ النَّخْلِ، بضَرْبٍ من التَّجوُّز، وفيه تَكْرارٌ من غيرِ فائدَةٍ، وتَكلُّفٌ ظاهِرٌ، ثمّ رأَيتُ في العُبَابِ ذَكَر عن ابنِ دُرَيْدٍ ما نَصُّه: وسُمِّيَ عَسَلُ النَّحْلِ دِبِساً، بكسرِ الدّالِ والباءِ.

  وأَنْشَدَ لأَبِي زُبَيْدٍ الطائِيّ:

  في عارِضٍ منْ جِبَالِ بَهْرَائِهَا الْ ... أُولَى مَرَيْنَ الحُرُور عَنْ دُرُسِ⁣(⁣٢)

  فَبهْرَةٌ مَنْ لَقوا حَسِبْتَهُمُ ... أَحْلَى وأَشْهَى مِنْ بارِدِ الدِّبِسِ⁣(⁣٣)

  فزال الإِشْكَالُ عن كَلامِ المُصَنِّف، فتأَمَّلْ.

  والدَّبْسُ، بالفَتْحِ: الأَسْوَدُ مِنْ كُلِّ شيءٍ، قاله اللَّيْثُ.

  والدِّبْسُ، بالكَسْرِ: الجَمْعُ الكَثِيرُ مِنَ النّاسِ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ، ويُفْتَحُ فيَعُمُّ، فيُقَال: مالٌ دَبْسٌ، أَي كثِيرٌ.

  والدُّبْسُ، بالضَّمِّ: جَمْعُ الأَدْبَسِ مِن الطَّيْرِ والخَيْلِ الَّذِي لَوْنُه بينَ السَّوادِ والحُمْرَةِ، وتكونُ الدُّبْسَةُ فِي الشّاءِ أَيضاً. ومنه الدُّبْسِيَّ، بالضّمّ: اسْمُ ضَرْبٍ من الحَمَامِ.

  وقيل: لطائرٍ صَغِيرٍ أَدْكَنَ يُقَرْقِرُ، ولذا قِيلَ: إِنَّه ذَكَرُ اليَمَامِ، جاءَ على لَفْظِ المَنْسُوبِ وليس بمَنْسُوبٍ. وقيل: هو مَنْسُوبٌ إِلى طَيْرٍ دُبْسٍ، ويُقَال: إِلى دِبْسِ الرُّطَبِ؛ لأَنَّهُم يُعَيِّرُونَ في النَّسَبِ، ويَضُمُّون الدّالَ، كالدُّهْرِيِّ والسُّهْلِيِّ. وقرَأْتُ في كِتَاب غَرِيب الحَمَامِ، لحُسَين بنِ عَبْدِ الله الأَصْبَهَانِيِّ الكاتِبِ، عندَ ذِكْرِ صِفاتِ الأَلْوان، ما نَصُّه: والأَدْبَسُ: الأَخْضَرُ، وفيه حُمْرَةٌ وسَوادٌ، وهي الدُّبْسَةُ. وهي بهاءٍ: دُبْسِيَّةٌ.

  والدَّبُوسُ، كصَبُورٍ، وضَبَطه الصاغَانيُّ بالضَّمِّ: خُلَاصُ تَمْرٍ. وفي اللِّسَان: خُلاصَةُ التَّمْرِ يُلْقَى في مَسْلَاءِ السَّمْنِ فيَذُوبُ فيه، وهُو مَطْيَبَةٌ للسَّمْنِ.

  والدَّبُّوسُ، كتَنُّورٍ: وَاحِدُ الدَّبَابِيسِ، للمَقَامِعِ من حَدِيدٍ وغيرِه. وقد جاءَ في قَوْلِ لَقِيطِ بنِ زُرَارَةَ:

  لَوْ سَمِعُوا وَقْعَ الدَّبابِيسِ

  وكأَنَّهُ مُعَرَّب دَبُّوز، فالصّوَابُ أَن يكونَ المُفْرَدُ دُبُّوس، بالضّمّ، وكذا ضَبَطَه غيرُ وَاحدٍ.

  ودَبُّوسِيَّةُ: ة بصُغْدِ سَمَرْقَنْدَ، بينَهَا وبَيْنَ بُخَارَا، وهي في النُّسَخ كلِّهَا بتَشْدِيد المُوَحَّدَةِ، ومثلُه في التَّكْمِلَة، وضَبَطَه الحافِظُ بتَخْفِيفِها، وقال: منها القاضِي أَبو زَيْدٍ عَبْدُ الله بنُ عمرو⁣(⁣٤) بن عِيسى الدَّبُوسِيّ، من كِبَارِ أَئِمَّةِ الحَنَفِيّةِ.

  قلت: والإِمامُ أَبُو القَاسِمِ عليُّ بنُ حَمْزَةَ بن زَيْد بن حَمْزَةَ بن زَيْد بن حَمْزَةَ بنِ محمّدِ السَّليق الحُسَيْنِيّ⁣(⁣٥). من كبار أَئمة الشافعيّة، تُوفِّيَ ببغداد سنة ٤٤٣⁣(⁣٦) ترجَمه الذهبيُّ في التاريخ، وذكرتُه في شَجر الأَنساب.

  ودُبَاسٌ، كغُرَابٍ: فَرَسُ جَبَّارِ بنِ قُرْطٍ الكَلْبِيِّ، من وَلَدِ أَعْوَجَ. وهو القَائِلُ فيه:

  أَلَا أَبْلِغْ أَبَا كَرِبٍ رَسُولاً ... مُغَلْغَلَةً ولَيْسَتْ بالمُزَاحِ

  فَإِنِّي لَنْ يُفَارِقَنِي دُبَاسٌ ... ومُطَّرِدٌ أَحَدُّ مِنَ الرِّمَاحِ

  ويُقَال للسَّمَاءِ إِذا مَطَرَتْ، وفي التَّهْذِيب: أَخَالَتْ للمَطَرِ⁣(⁣٧): دُرِّي دُبَسُ، كزُفَرَ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ، ولم يُفَسِّرْه بأَكْثرَ من هذا. قال ابنُ سِيدَه: وعندِي أَنَّه إِنّمَا سُمِّيَتْ بذلك لاسْوِدادِها بالغَيْمِ.

  والدِّبَاسَاءُ، بالكَسْر ويُرْوَى بالفَتْح أَيضاً، ممدوداً في القَولَيْنِ: الإِناثُ من الجَرَادِ. الوَاحِدَةُ بِهَاءٍ، دِبَاسَاءَةٌ. نقله ابنُ دُرَيْدٍ.


(١) لم يرد هذا أيضاً في الأساس الذي بيدنا.

(٢) في «شعراء اسلاميون» ت نوري القيسي ص ٦٣٧: «من جبال بهرابها الألّ» و «الحروب» بدل «الحرور» والأل جمع آلة.

(٣) في «شعراء اسلاميون»: منتهزاً بدل فبهرة. وفي رسالة الغفران: فنهرة من لقوا حسبتهم أشهى إليه.

(٤) في معجم البلدان: «عبيد الله بن عمر» وفي اللباب: عبد الله كالأصل.

(٥) انظر في اسمه ونسبه اللباب ومعجم البلدان، باختلاف بينهما وبين الأصل.

(٦) ورد في اللباب بالنص سنة اثنتين وثمانين وأربعمئة.

(٧) في التهذيب: «إذا مطرت» وعبارة القاموس توافق ما جاء في التكملة.