تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قلس]:

صفحة 424 - الجزء 8

  وفي حَديث عَمّارٍ رَضيَ الله تعالى عنه: «لا تَأْكُلُوا الصِّلَّوْرَ ولا الأَنْقَليس».

  الصِّلَّوْرُ: الجِرِّيُّ؛ وقد تَقَدَّم، والأَنْقَليسُ بفَتْح الهَمْزَة والَّلام، وهكذا ضَبَطَه اللَّيْثُ وقيل بكَسْرهِمَا قالَ اللَّيْثُ: وهي سَمَكَةٌ كالحَيَّة، وقال غيرُه: هي الجِرِّيثُ، كالأَنْكَليس. قلتُ: وهو قَوْلُ ابن الأَعْرَابيِّ، وقالَ الأَزْهَريُّ: أُرَاهما مُعَرَّبَتَيْن.

  والقَلَنْسُوَةُ والقُلَنْسِيَةُ، وقد حُدَّ فقيل: إِذا فَتَحْتَ القَافَ ضَمَمْتَ السِّينَ، وإِذا ضَمَمْتَ القَافَ كَسَرْتَها، أَي السِّين، وقَلَبْتَ الوَاوَ ياءً، وكذلك القَلْسُوَةُ والقَلْسَاةُ والقُلْنِيسَةُ، تُلْبَسُ في الرَّأْس، مَعْرُوفٌ، والوَاوُ في قَلَنْسُوَة للزِّيادَة غير الإِلْحَاق، وغير المَعْنَى، أَمَّا الإِلْحَاقُ فليسَ في الأَسْمَاءِ مثْلُ فَعَلُّلَة، وأَمّا المَعْنَى فليسَ في قَلَنْسُوَة أَكْثَرُ ممّا في قَلْسَاة.

  وفي التَّهْذيب⁣(⁣١): فإِذا جَمَعْتَ أَو صَغَّرتَ فأَنْتَ بالخِيَار؛ لأَنّ فيه زِيادَتَيْن، الواو والنون، فإِن شِئْتَ حَذَفتَ الواوَ فقلتَ: ج قَلَانِسُ، وإِنْ شئْتَ عَوَّضْتَ فقُلْت: قَلَانِيسُ⁣(⁣٢).

  وإِنْ جَمَعْتَ القَلَنْسُوَة، بحَذْف الواو، قلت: قَلَنْسٍ، قالَ الشاعرُ، وقد أَنْشَدَه سيبَوَيْه:

  لا مَهْلَ حَتى تَلْحَقِي بعَنْسِ ... أَهْلِ الرِّبَاطِ البِيضِ والقَلَنْسِي

  ورأَيتُ في هامِشِ الجمهرة، على غَيْرِ الوَجْهِ الذي أَنْشَدَه سيبويه ما نَصُّه:

  لا رِيِّ حَتَّى تَلْحَقِي بِعَبْسِ ... ذَوِي المِلاءِ البِيضِ والقَلَنْسِ

  وأَنْشَدَ يُونُسُ:

  بِيضٌ بهَالِيلُ طِوَالُ القَنْسِ

  ويُرْوى القَلْسِ. وأَصلهُ قَلَنْسُوٌ، إِلاّ أَنَّهُم رَفَضُوا الواوَ لأَنَّه لَيْسَ في الأَسماءِ اسمٌ آخِرُه حَرْفُ عِلّة وقَبْلَهَا⁣(⁣٣) ضَمَّةٌ، فإِذا أَدَّى إِلى ذلك قِيَاسٌ وَجَبَ أَن يُرْفَضَ ويُبْدَلَ مِن الضَّمَّةِ كَسْرَةٌ فصارَ آخِرَه ياءٌ مَكسورٌ ما قَبْلَهَا، فكانَ ذلِكَ مُوجِباً كَوْنَه كَقاضٍ وغَازٍ، في التَّنْوين وكذلِكَ القَوْلُ في أَحْقٍ وأَدْلٍ، جَمْعِ حَقوٍ ودَلْوٍ، وأَشْبَاه ذلك، فقِسْ عليه، إِنْ شِئْتَ عَوَّضت فقُلْتَ: قَلَاسِيُّ، وإِنْ شِئْتَ حَذَفْتَ النُّونَ فقُلْت: قَلَاسٍ، وقالَ ابنُ هَرْمَة:

  إِذا ما القَلَاسِي والعَمَائِمُ أُخْنِسَتْ ... فَفِيهِنَّ عَنْ صُلْع الرِّجَالِ حُسُورُ

  هكذا رأَيْتُه في هَامِش نُسخةِ الجَمهرة، وأَنشد ثَعْلَبٌ فنَسَبه للعُجَيْرِ السَّلُولِيّ، فقال:

  إِذَا ما القَلَنْسَى والعَمَائِمُ أُجْلِهَتْ ... ففيهِنَّ عَن صُلْعِ الرِّجَالِ حُسُورُ

  يقول: إِنَّ القَلاسِيَّ والعَمَائِمَ إِذا نُزِعَتْ عَن رُؤُوسِ الرِّجَالِ فَبَدا صَلَعُهم ففِي النِّسَاءِ عَنْهُم حُسُورٌ. أَي فُتُورٌ.

  ولَكَ في تَصْغِيرِه وُجُوهٌ أَرْبَعَةٌ: إِنْ شِئْتَ حَذَفْتَ الواوَ واليَاءَ الأَخِيرَتَيْنِ، وقلت⁣(⁣٤): قُلَيْسِيَةٌ بتخفيفِ الياءِ الثانِيَة، وإِنْ شِئْتَ عَوَّضتَ مِن حَذْفِ النونِ وقلت: قُلَيْسِيَّةٌ، بتَشْدِيدِ الياءِ الأَخِيرَةِ، ومن صَغَّرَ على تَمَامِهَا وقال: قُلَيْنِسِيَّةٌ فقد أَخْطَأَ، إِذْ لا تُصَغِّرُ العَربُ شَيئاً على خَمْسَةِ أَحْرَفٍ على تَمامِه، إِلاَّ أَنْ يكونَ رابِعهُ حرفَ لِينٍ. وفي الجَمْهَرَة في باب فُعَلْنِيَة، ذكر في آخره: والقُلَنْسِيَةُ، وقالُوا: قُلَيْسِيَةٌ، وهي أَعلَى. انتَهَى. كذا قال، وهو غَلَطٌ، فإِنَّهُ إِنما يُقال قَلَنْسُوَةٌ، وقُلَنْسِيَةٌ، لغَة في تكبيرِهَا، فأَمَّا قُلَيْسِيةٌ فهو تَصْغِيرٌ في قولِ مَن يَرَى حَذْفَ النونِ، كما تقدَّم، فتأَمَّلْ.

  وقَلْسَيْتُه أُقَلْسيهِ قِلْساءً، عن السِّيرَافِيِّ، وقَلْنَسْتُه، فتَقَلْسَى وتَقَلْنَسَ، أَقرُّوا⁣(⁣٥) النونَ وإِنْ كانَتْ زائِدَةً، وأَقَرُّوا⁣(⁣٥) أَيضاً الوَاوَ حتّى قَلَبُوها ياءً، والمعنَى: أَلْبَسْتُه إِيَّاهَا، أَي القَلَنْسُوَةَ فلَبِسَ، فتَقَلْسَى⁣(⁣٦): مُطَاوعُ قَلْسَى، وتَقَلْنَسَ: مُطَاوِعُ قَلْنَسَ، ففيه لَفٌّ ونَشْرٌ مُرَتَّبٌ، والمَفْهُوم من عِبارةِ الأَزْهَرِيّ وغيرِه أَنَّ كُلًّا مِن تَقَلْسَى⁣(⁣٧) وتَقَلْنَس مُطَاوِع قَلْسَى، لا غَيْر،


(١) كذا والعبارة التالية ليست في التهذيب وهي واردة في الصحاح واللسان.

(٢) زيد في اللسان: «وقلاسيّ» وفي موضع آخر جاء فيه: وجمع القلنسوة والقلنسية والقلنساة قلانس وقلاسٍ وقلنس. وقلاس جمع جاء على حذف النون، وحذفت أيضاً الواو لاجتماع الساكنين في لفظ القلنسوة.

(٣) في القاموس «قبلها» بإسقاط الواو.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «سقط قبله من نسخ الشارح من المتن: قُلَيْنسة وقُلَيْنِيسة».

(٥) عن اللسان وبالأصل «أفرد ... وأفرد أيضاً».

(٦) عن الصحاح واللسان وبالأصل «فتقلس».

(٧) بالأصل «تقلس».