تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لهس]:

صفحة 467 - الجزء 8

  واللُّوسُ، بالضَّمّ: الأَشِدّاءُ، هنا ذَكَرَه صاحِبُ اللّسَان، وهو جَمْع أَلْيَسَ، ومَحَلُّ ذِكْرِه الياءُ.

  وبَنُو ضَبَّةَ يَقُولُون: لُسْتُ ولُسْنَا، بمَعْنَى الفَتْحِ⁣(⁣١)، وبَعْضُهُم يقول: لِسْتُ، بالكَسْرِ، كما سَيَأْتِي.

  [لهس]: اللهْسُ، كالمَنْعِ: اللَّحْسُ، أَي بمَعْنَاه.

  واللهْسُ: لَطْعُ الصَّبِيِّ الثَّدْيَ بلا مَصٍّ، وقد لَهَسَه لَهْساً.

  وللهْسُ: المُزَاحَمَةُ علَى الطَّعَامِ حرْصاً، كالمُلاهَسَةِ، قَال أَبُو الغَرِيبِ النَّصْرِيّ⁣(⁣٢):

  مُلَاهِسُ القَوْمِ عَلَى الطَّعَامِ ... وجَائذٌ في قَرْقَفِ المُدَامِ

  الجَائِذُ: العَبَّابُ في الشُّرْبِ.

  ويُقَال: مَا لكَ عِنْدِي لُهْسَةٌ، بالضّمّ: أَي شيْءٌ، مثْلُ لُحْسَةٍ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

  واللَّوَاهِسُ: الخِفَافُ السِّراعُ، عن ابنِ عبّادٍ.

  واللُّهَاسُ واللُّهَاسَةُ، بضَمِّهما: القَلِيلُ منْ الطعَامِ، كاللُّوَاسَةِ.

  والمُلَاهَسَةُ: المُبَادَرَةُ إِلى الشَّيْءِ والازْدِحامُ عَلَيْه، حِرْصاً وطمَعاً، عن ابنِ عَبّادٍ، ومنه: هُو يُلَاهِسُ بَنِي فُلانٍ، إِذا كانَ يَغْشَى طَعَامَهُمْ.

  ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه:

  [لهمس]: لَهْمَسَ ما عَلَى المائدَة، ولَهْسَمَ، إِذا أَكلَه أَجْمَعَ؛ أَهملَه الجَمَاعَةُ إِلا الصّاغَانِيَّ، فإِنّه نقلَه هكذا ولم يَعْزُهُ، وهو مقلوبُ لَهْسَمَ.

  [ليس]: لَيْسَ: كَلمَةُ نَفْيٍ، وهي فِعْلٌ ماضٍ، أَصْلُه - وفي بعضِ الأُصُولِ: أَصْلُهَا، ومثْلُه في المُحْكَم: لَيِسَ، كفَرِحَ، فسُكِّنَتْ تَخْفِيفاً، وفي المُحْكَم: اسْتثْقَالاً، قالَ: ولم تُقْلَبْ أَلفاً؛ لأَنَّهَا لا تَتَصَرَّفُ، من حيثُ اسْتُعْمِلَت بلَفْظِ الماضِي للحَالِ، والذي يَدُلُّ على أَنَّهَا فِعْلٌ وإِن لم تَتَصَرفْ تَصَرُّفَ الأَفْعَال قَوْلُهُم: لَسْتُ ولَسْتُمَا ولَسْتُم، كقولهم: ضَرَبْتُ وضَرَبْتُمَا وضَرَبْتُم، وجُعِلَت من عَوَاملِ الأَفْعَالِ، نحو كانَ وأَخَواتِها التي تَرْفَعُ الأَسْمَاءَ وتَنْصِبُ الأَخْبَارَ، إِلاّ أَن البَاءَ تَدْخُلُ في خَبَرِها وَحْدَها دُونَ أَخَواتها، تَقُولُ: ليس زَيْدٌ بمُنْطَلِق، فالباءُ لتَعْدِيَةِ الفِعْلِ وتَأْكِيدِ النَّفْيِ، ولك أَلاّ تُدْخِلَها؛ لأَن المُؤَكِّدَ يُسْتَغْنَى عنه، قالَ: وقد يُسْتَثْنَى بهَا، تَقُول⁣(⁣٣) جاءَني القَوْمُ ليسَ بَعْضُهُم زيداً، ولك أَنْ تَقُولَ: جاءَني القَوْمُ لَيْسَكَ، إِلاّ أَن المُضْمَرَ المُنْفَصِلَ هنا أَحْسَنُ، كما قالَ الشاعِر:

  لَيْتَ هذا اللَّيْلَ شَهْرٌ ... لا نَرَى فِيه غَريبَا

  لَيْسَ إِيَّايَ وإِيَّا ... كِ ولا نَخْشَى رَقِيبَا

  ولم يقل: ليْسَنِي ولَيْسَكِ، وهو جائزٌ، إِلاّ أَن المُنْفَصِلَ أَجْوَدُ. وفي الحَدِيثِ: أَنّهُ قالَ لِزَيْدِ الخَيْلِ: «ما وُصِفَ لِي أَحَدٌ في الجَاهِلِيَّةِ فَرَأَيْتُه في الإِسْلامِ إِلاّ رَأَيْتُه دُونَ الصِّفَةِ لَيْسَكَ» أَي إِلاّ أَنْتَ. قال ابنُ الأَثير: وفي «لَيْسَكَ» غَرَابَةٌ فإِن أَخْبَارَ «كَانَ» وأَخواتهَا إِذا كانَتْ ضَمائِرَ فإِنمَا يُسْتَعْمَلُ فيهَا كثيراً المُنْفَصِلُ دُونَ المُتَّصِلِ، تقول: ليسَ إِيّايَ وإِيَّاكَ.

  وقال سِيبَوَيْهِ: ولَيْسَ: كلمةٌ يُنْفَى بها ما في الحالِ، فكَأَنّهَا⁣(⁣٤) مُسَكَّنَةٌ، ولم يَجْعَلُوا اعْتِلالَها إِلاّ لُزُومَ الإِسكانِ، إِذْ كَثُرَتْ في كلامِهم ولم يُغَيِّروا حَرَكَةَ الفاءِ، وإِنما ذلك لأَنه لا مُسْتَقْبَل مِنها ولا اسْمَ فَاعِلٍ ولا مَصْدَرَ ولا اشْتقَاقَ.

  فلمّا لم تتَصَرفْ تَصَرُّفَ أَخْوَاتها جُعِلَتْ، بمَنْزِلةِ ما ليسَ من الفِعْل، نحو لَيْتَ، وأَمّا قولُ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ:

  يا خَيْرَ مَنْ زَانَ سُرُوجَ المَيْسِ ... قَدْ رُسَّتِ الحاجاتُ عِنْدَ قَيْسِ

  إِذْ لا يَزَالُ مُولَعاً بِلَيْسِ

  فإِنَّه جَعَلَها اسْماً وأَعْرَبَها.


(١) بالأصل: «بالفتح» وما أثبت «بمعنى الفتح» عن التكملة.

(٢) عن التكملة وبالأصل «النضري».

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: الخ وقع هنا سقط، وعبارة اللسان بعد قوله يستثنى بها تقول: جاءني القوم ليس زيداً، كما تقول: إلا زيداً، تضمر اسمها فيها وتنصب خبرها بها، كأنك قلت: ليس الجائي زيداً، وتقديره: جاءني القوم الخ كما في الشارح، وهو في الصحاح أيضاً».

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وكأنها الخ بالوقوف على عبارة اللسان يظهر لك ما في عبارة الشارح».