تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نحس]:

صفحة 5 - الجزء 9

  والتَّنْجِيسُ: شيْءٌ كانَت العربُ تفعلُه، كالعُوذَةِ تَدْفَعُ بها العَيْنَ، ومنه قَوْلُ الشاعر:

  وعَلَّقَ أَنْجَاساً علَيَّ المُنَجِّسُ

  قلْتُ: وصَدْرُه:

  ولو كانَ عِنْدِي كاهِنَانِ وحَارِسٌ

  وقال ابنُ الأَعْرَابيّ: من المَعَاذَاتِ: التَّميمَةُ والجُلْبَةُ والمُنَجّسَة. ويقال: المُعَوَّذُ مُنَجَّسٌ⁣(⁣١)، قال ثَعْلَبٌ: قلت له: لِمَ قِيلَ للمُعَوَّذِ: مُنَجَّسٌ، وهو مأْخُوذٌ من النَّجَاسَة؟

  فقالَ: لأَنَّ للعَرَبِ أَفْعَالاً تُخَالِفُ مَعانِيهَا أَلْفَاظَهَا، يُقَال؛ فُلانٌ يَتَنَجَّسُ إِذا فَعل فِعْلاً يَخْرُج به مِن النَّجَاسَة، وسَاقَ العِبَارَةَ الَّتي سُقْنَاهَا آنِفاً.

  قلتُ: وسَبَقَ أَيضاً إِنْشَادُ قولِ العَجّاج في «ح م س»:

  وَلَمْ يَهَبْنَ حُمْسَةً لأَحْمَسَا ... ولَا أَخَا عَقَدٍ ولا مُنَجِّساً

  ومن سَجَعَاتِ الأَسَاس: إِذا جاءَ القَدَرُ لَم يُغْنِ المُنَجِّمُ ولا المُنَجِّسُ⁣(⁣٢)، ولا الفَيْلَسُوفُ ولا المُهَنْدِس⁣(⁣٢). قالَ وهو الَّذِي يُعَلِّقُ على الَّذِي يُخافُ عليه الأَنْجَاسَ، مِن عِظَامِ المَوْتَى ونَحْوِهَا، لِيَطْرُدَ الجِنَّ: لنُفْرَتِهَا من الأَقْذَارِ.

  * ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه:

  النَّجْسُ، بالفَتْحِ، وككَتِفٍ: الدَّنِسُ القَذِرُ مِن النّاسِ.

  ودَاءٌ نَجِسٌ، ككَتِفٍ: عَقِيمٌ، وقد يُوصَفُ به صاحِبُ الداءِ، وكذلِكَ في أَخَواتِه الّتِي ذَكَرَهَا المصنِّف.

  والنَّجْسُ، بالفَتْح: اتِّخَاذُ عُوذَةِ الصَّبِيِّ، وقد نَجَسَ له ونَجَّسه: عَوَّذَه.

  والنِّجَاسُ، بالكَسْرِ: التَّعْوِيذُ، عن ابنِ الأَعْرابِيِّ، قالَ: كأَنَّهُ الاسْمُ من ذلِكَ.

  قالَ: والنُّجُسُ: بضَمَّتَيْنِ: المُعَوِّذُون، وفي بعض النُّسَخِ: المُعَقِّدُون، والمَعْنَى وَاحِدٌ: وهم الّذِين يَرْبِطُون على الأَطْفَالِ ما يَمْنَع العَيْنَ والجِنَّ.

  ومِن المجازِ: نَجَّسَتْه الذُّنُوبُ.

  والنَّاسُ أَجْنَاسٌ، وأَكثَرُهم أَنْجَاس. وتقول: لا تَرَى أَنْجَسَ من الكافِر، ولا أَنْحَسَ من الفَاجِر، كما في الأَساس.

  والمَنْجَسُ: جُلَيْدَةٌ تُوضَعُ على حَزِّ الوَتَرِ.

  [نحس]: النَّحْسُ، بالفَتْحِ: الأَمْرُ المُظْلِمُ، عن ابنِ عَبّادٍ.

  وقالَ الأَزْهَرِيُّ: والعَرَبُ تُسَمِّي الرِّيح البارِدَة إِذَا⁣(⁣٣) أَدْبَرَتْ نَحْساً. وقِيلَ: هو الرِّيحُ ذاتُ الغُبَارِ.

  وقال ابنُ دُرَيْدٍ⁣(⁣٤): النَّحْسُ الغُبَارُ في أَقْطَارِ السَّمَاءِ إِذا عَطَف المَحْلُ، قال الشّاعِرُ؛

  إِذا هَاجَ نَحْسٌ ذُو عَثَانِينَ والْتَقَتْ ... سَبَارِيتُ أَغْفَالٌ بهَا الآلُ يَمْصَحُ

  والنَّحْسُ: ضِدُّ السَّعْدِ من النُّجُومِ وغيرِهَا، والجَمْع: أَنْحُسٌ ونُحُوسٌ.

  وقد نَحِسَ، كفَرِحَ وكَرُمَ نَحَساً ونُحُوسَةً، الثاني لُغَةٌ في نَحِسَ، بالكَسْر، ومنه قِراءَةُ عبد الرحمن بن أَبي بَكْرَةَ:

  (مِنْ نَارٍ ونَحُسَ)⁣(⁣٥) على أَنه فِعْلٌ ماضٍ: أَي نَحُسَ يَوْمُهُمْ أو حالُهم فهو نَحِسٌ، بالفَتْح، وككَتِفٍ، ونَحِيسٌ، كأَمِيرٍ، ويومٌ نَحِسٌ، وأَيّامٌ نَحْسٌ، وهي أَيَّامٌ نَحِيسَةٌ ونَحِسَةٌ ونَحِساتٌ، بسكون الحاءِ وكسرها، وقرأ أبو عمرو (فَارْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيّامٍ نَحْسَاتٍ)⁣(⁣٦) قال الأَزْهَرِيُّ: هي جَمع أَيّامٍ نَحْسَةٍ⁣(⁣٧)، ثُمَّ نَحْسَات: جَمْعُ الجَمْع.

  وقُرِئَ نَحِساتٍ وهي المَشْؤوماتُ عليهِم، في الوَجْهَيْنِ، بكسرِ الحاءِ، وقَرَأَ به قَرَأَ به قُرّاءُ الكُوفَةِ والشّامِ ويَزِيدُ، والبَاقُونَ بسُكُونها.

  وفي الصّحاحِ: وقُرِئَ قولُه تَعالى: {فِي يَوْمٍ نَحْسٍ}⁣(⁣٨) على الصِّفَةِ. والإِضَافَةُ أَكْثَرُ وأَجْوَدُ، وقد نَحِسَ الشيءُ. بالكَسْرِ، فهو نَحِسٌ أَيضاً، قالَ الشاعِرُ:

  أَبْلِغْ جُذَاماً ولَخْماً أَن إِخْوَتَهُمْ ... طَيًّا وبَهْرَاءَ قَوْمٌ نَصْرُهُم نَحِسُ


(١) في القاموس ضبط المعوّذ منجس بالكسر فيهما وضبطت عن التهذيب واللسان وفيهما: ويقال للمعوَّذ: منجَّس.

(٢) في الأساس: «والمنجس ... والمهندس» باسقاط «لا».

(٣) في التهذيب واللسان: إذا دبرت.

(٤) جمهرة ٣/ ١٥٧.

(٥) سورة الرحمن الآية ٣٥ وقراءة الجمهور: {مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ}، وقرئ: ونِحاس.

(٦) سورة فصلت الآية ١٦.

(٧) عن التهذيب وبالأصل «نحيسة».

(٨) سورة القمر الآية ١٩.