تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ندس]:

صفحة 8 - الجزء 9

  من أَكْل المِحْوَرِ فتُثْقَبُ خُشَيْبَةٌ في وسَطِهَا وتُلْقَمُ ذلك الثُّقْبَ المُتَّسِعَ، وتلك الخَشَبَةُ نِخَاسٌ ونِخَاسَةٌ، بكسرِهما كذا هو نَصُّ الصّحاح، مع تَغْيِيرٍ يسيرٍ، ولم يَذكُرِ النِّخاسَةَ، وإِنّمَا ذَكرها اللَّيْثُ، وأَنْشد الجوهريّ للراجز:

  دُرْنَا ودَارَتْ بَكْرَةٌ نَخِيسُ

  وآخِرُه:

  لا ضَيْقَهُ المَجْرَى ولا مَرُوسُ

  قالَ: وسَأَلتُ أَعرابيًّا مِن بَنِي تَمِيمٍ، بنَجْدٍ، وهو يَسْتَقِي وبَكَرَتُه نَخِيسٌ، فوضَعْتُ إِصْبَعِي على النِّخَاسِ فقُلْتُ: مَا هذَا؟ وأَرَدْتُ أَنْ أَتَعَرَّفَ منه الخاءَ والحَاءَ، فقال: نِخَاسٌ.

  بالمُعْجَمة، فقُلْتُ: أَلَيْس قال الشاعِر:

  وَبكْرَةٍ نِحَاسُهَا نُحَاسُ

  فقال: {ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ}.

  وقد نَخَسَ البَكَرَةَ، كجَعَلَ وضَرَبَ، وعلى الأَوّلِ اقْتصَر الجَوْهَرِيُّ يَنْخِسُهَا ويَنْخَسُهَا نَخْساً، فهي مَنْخُوسَةٌ ونَخِيسٌ.

  وقال أَبُو زَيْدٍ: إِذا اتَّسَعَتِ البَكَرةُ واتَّسَع⁣(⁣١) خَرْقُهَا عنها، قيل: أَخَقَّتْ إِخْقاقاً فانْخِسُوهَا نَخْساً، وهو أَنْ يُسَدَّ ما اتَّسَع منها بخَشَبةٍ أَو حَجَرٍ غيرِه⁣(⁣٢).

  والنَّخِسَةُ: لَبَنُ العَنْزِ والنَّعْجَةِ يُخْلَطُ بَيْنَهُمَا، عن أَبِي زَيْدِ، حكاهُ عنه يَعْقُوبُ، هكذا فِي الصّحَاحِ.

  وقالَ غيرُه: لَبَنُ المَعْزِ والضَّأْنِ يُخْلَطُ بَيْنَهما، وهو أَيْضاً لَبَنُ النّاقَةِ يُخْلَطُ بلَبَنِ الشّاةِ، و في الحَدِيثِ: «إِذا صُبَّ لَبَنُ الضَأْنِ على لَبَنِ الماعِزِ فهو النَّخِيسَةُ» وكذَا الحُلْوُ والحامِضُ إِذا خُلِطَ بَيْنَهُما فهو النَّخِيسَةُ، قالَهُ أَبو عَمْرٍو.

  ونُخِسَ لَحْمُه، كعُنِيَ: قَلَّ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.

  قلْت: وفي الصّحاح في «ب خ س»: ويقال: نَخَّسَ المُخُّ تَنْخِيساً: بمَعْنَى بَخَّسَ، أَي نَقَصَ ولم يَبْقَ إِلاّ في السُّلامَى والعَيْنِ، يُرْوَى بالباءِ والنُّونِ ومثلُه بخَطِّ أَبي سَهْل.

  ومن المجازِ: يُقَال: هُو ابْنُ نِخْسَةٍ بالكَسْرِ أَي ابنُ زِنْيَةٍ وفي التَّكْمِلَة مضبوطٌ بالفَتْح⁣(⁣٣)، قال الشَّمَّاخُ:

  أَنَا الجِحَاشيُّ شَمَّاخٌ ولَيْس أَبي ... بنِخْسةٍ لدَعِيٍّ غَيْرِ مَوْجُودِ

  ومِن المجاز: الغُدْرَانُ تَنَاخَسُ، أَي يَصُبُّ بَعْضُهَا في بَعْضٍ، قالَه أَبو سَعِيد: كَأَنَّ الوَاحِدَ يَنْخُسُ الآخَرَ ويَدْفَعُه، ومنه الحَدِيثُ: «أَنَّ قادِماً قَدِمَ فسَأَلَ عن خِصْب البِلادِ، فحَدَّثه أَنَّ سَحَابَةً وَقَعَتْ فاخْضَرَّ لهَا الأَرْضُ، وفيهَا غُدُرٌ تَنَاخَسٌ» وأَصْلُ النَّخْسِ: الدَّفْعُ والحَرَكَةُ، ونَصُّ الأَزْهَريّ: كتَنَاخُس الغَنَمِ إِذا أَصَابَهَا البَرْدُ، فاسْتَدْفأَ بَعْضُها ببَعْضٍ.

  ومِثْلُه للصّاغَانِيّ، وزاد الزَّمَخْشَرِيُّ: كقولِهم: الأَمْواجُ تَنَاطَحُ.

  وفي العُبابِ: والتَّرْكيبُ يَدُلُّ على تَرْكِ شَىْءِ، وقد شَذَّتِ النَّخِيسَةُ عن هذا التَّرْكيب.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  نَخَسَ الدّابَّةَ، مِن حَدِّ ضَرَبَ، عن اللِّحْيَانِيِّ.

  وفَرَسٌ مَنْخُوسٌ: به دائِرَةٌ النَّاخِسِ.

  ونِخَاسَا البَيْتِ: عَمُودَاهُ، وهُمَا في الرُّوَاقِ من جَانِبَيِ الأَعْمِدَة، والجَمْع: نُخُسٌ.

  والنَّخِيسَةُ: الزُّبْدَةُ.

  وأَنْخَسَ به: أَبْعَدَه، وهو مَجَازٌ. وتَكلَّم فنَخَسُوا به، مَجَازٌ أَيضاً.

  والنَّخَّاسُ، كَشدَّادٍ: عَلَمُ جَمَاعَةٍ من المُحَدِّثِينَ، أَوْرَدَهُم الحافِظ في التَّبْصِيرِ.

  ونُوخَسُ، بضَمّ فسُكُون: قَريَةٌ من رُسْتَاقِ بُخَارَى.

  [ندس]: النَّدْس: الطَّعْنُ، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لجَرِيرٍ:

  نَدَسْنا أَبا مَنْدُوسَةَ القَيْنَ بِالقَنَا ... ومارَ دَمٌ مِنْ جارِ بَيْبَةَ ناقِعُ⁣(⁣٤)

  وقيل: نَدَسَهُ نَدْساً: طَعَنه طَعْناً خَفِيفاً، وقد يكونُ النَّدْسُ الطَّعْنَ بالرِّجْلِ، ومنه حديثُ أَبِي هُرَيْرةَ رضِيَ الله تَعالَى عنه: «أَنَّه دَخَل المَسْجِدَ وهو يَنْدُسُ الأَرْضَ برِجْلِه» أَي يَضْرِبُ بِها.


(١) في التهذيب: أو اتسع.

(٢) التهذيب: أو بحجرٍ أو بغيره.

(٣) وضبطت أيضاً اللفظتان بالفتح في التهذيب واللسان.

(٤) عن الديوان والصحاح، وبالأصل «نافع».