فصل الياء مع السين
  ولَمْ يَبْقَ بالخَلْصَاءِ مِمّا عَنَتْ بهِ ... من الرُّطْبِ إِلاّ يُبْسُهَا وهَجِيرُهَا
  ويُرْوَى يَبْسُهَا، بالفَتْح، وهُمَا لُغَتَان، أو هو عامٌّ في كُلِّ نَبَاتٍ يَابِسٍ، يقال: يَبِسَ فهو يَبِيسٌ، كسَلِمَ فهو سَلِيمٌ، كذا في الصّحَاحِ.
  وعن ابنِ الأَعْرَابِيّ يَبَاسِ، كقَطَامِ هي: السَّوْأَةُ أَو الفُنْدُورَةُ، أَي الاسْتُ.
  ويَبُوسُ، بالضّمِّ، كصَبُور، هكذا في النُّسَخ، ولَعَلّ قولَه كصَبُورٍ غَلَطٌ، والصّوَاب في ضَبْطِه الضَّمُّ، كما قَيّدَه الصّاغَانِيُّ، أَو سَقَطَ من بَيْنِهما واو العَطْفِ، ففيه الوَجْهِان: الضَّمُّ والفَتْح، وعلَى الأَخِير اقتصَرَ ياقوت(١)، أَو المُرَاد من قَوْل المُصَنِّف من الضّم مَبْنَيّاً على الضَّمّ، وأَمّا ما ضَبَطَه الصّاغَانِيُّ بضَمِّ الياءِ غَلَطاً فهو يَفْعُل من بَأَسَ بُؤْساً، بمعنى الشِّدّةِ: ع، من أَرْضِ شَنُوءَةَ*، بوَادِي التَّيْمِ(٢)، قالَ عبدُ الله بن سَلِيمَةَ(٣) الغَامِدِيُّ:
  لِمَنْ الدِّيَارُ بِتَوْلَعٍ فيَبُوسِ ... فبَيَاضِ رَيْطَةَ غَيْرَ ذَاتِ أَنِيسِ
  و: اليابِسُ: سَيْفُ حَكِيمِ بنِ جَبَلَةَ العَبْدِيّ، وفيه يَقُولُ يومَ الجَمَلِ، وكانَ معَ عليٍّ رَضِي الله تعالى عنه:
  أَضْرِبْهُمُ باليَابِس ... ضَرْبَ غُلامٍ عابِس
  مِن الْحَيَاةِ أَيِس(٤) ... في الغُرُفَاتِ ناعِس
  وجَزِيِرَةٌ(٥) يَابِسَة، في بَحْرِ الرُّومِ، وقال الحَافظ: يابِسَةُ: جَزِيرَةٌ من جَزائرِ الأَنْدَلُسِ.
  قلتُ: في طريق من يَبْلُغُ من دَانِيَةَ يُرِيدُ مَيُورْقَةَ، فيَلْقاها قبلَها، ثَلاثُونَ مِيلاً في عِشْرِينَ مِيلاً. وبَهَا بَلْدَةٌ حَسَنَةٌ كثيرَةٌ الزَّبِيبِ، وفيها تُنْشَأُ المَرَاكِبُ، لِجَوْدَةِ خَشَبِهَا، وإِليهَا نُسِب أَبو عَلِيٍّ إِدْرِيسُ بن اليَمَانِ اليابِسِيّ الشاعِرُ المُفْلِق، في حُدُودِ الأَرْبَعِين وأَرْبَعِمِائَةٍ كانَ بالأَنْدَلُس. ومن المَجَاز: أَيْبِسْ يا رَجُلُ، كأَكْرِمْ، أَي اسْكُتْ.
  وأَيْبَسَتِ الأَرْضُ: يَبِسَ بَقْلُهَا، فهي مُوبِسَةٌ، نقله الجَوْهَرِيّ عن يَعْقُوب.
  وأَيْبَسَ الشَّيْءَ: جَفَّفَه، كيَبَّسَهُ فايْتَبَس(٦)، الأَخِيرُ عن ابنِ السَّرّاجِ، وشاهِدُ الأَوّل في قولِ جَرِير:
  فلا تُوبِسُوا بَيْنِي وبَيْنَكُمُ الثَّرَى ... فإِنّ الَّذِي بينِي وبَيْنَكُمُ مُثْرِي
  وهو مَجَاز، كما صَرَّح به الزّمَخْشَرِيّ.
  وأَيْبَسَ القَوْمُ: صَارُوا، وفي بعض النُّسَخ سارُوا، في الأَرْضِ اليَابِسَة، كما يُقَال: أَجْرَزُوا: إِذا سَارُوا في الأَرْضِ الجُرُزِ، كما في الصّحاحِ.
  وممّا يُسْتَدْرَك عليه:
  شَيْءٌ يَبُوسٌ، كصَبُورٍ: أَي يَابِسٌ، قال عَبِيدُ بنُ الأَبْرَصِ:
  أَمّا إِذا اسْتَقْبَلْتَهَا فَكَأَنَّهَا ... ذَبُلَتْ مِنَ الهِنْدِيّ غَيْرَ يَبُوسِ
  أَرادَ قَنَاةً ذَبُلَت(٧)، فحَذَفَ المَوْصُوف.
  وكذلِك شَيْءٌ يَبَاسٌ، أَي يَابِسٌ، ومنه قَوْلُهُم: «أَرَطْبٌ أَمْ يَبَاسٌ» في قِصَّةٍ تَقَدّم ذِكْرها.
  وجَمْع اليابِس يُبَّس، قال:
  أَوْرَدَها سَعْدٌ عليَّ مُخْمِسَا ... بِئراً(٨) عَضُوضاً وشِنَاناً يُبَّسَا
  وأْتَبَسَ يَأْتَبِسُ كيَبِسَ واتَّبَس.
  ويقال: أَرْضٌ يَبْسٌ، بالفتح: يَبِسَ مَاؤُهَا وكَلَؤُهَا، ويَبَسٌ، بالتَّحْرِيك: صُلْبَةٌ شَدِيدة.
  وطَرِيقٌ يَبَسٌ: لا نُدُوَّةَ فيه ولا بَلَل، ومنه:
  إِنّ السَّفِينَةَ لا تَجْرِي على اليَبَسِ
  والشَّعرُ اليَابِسُ(٩): أَرْدَؤُهُ، لا يُؤَثِّر فيه دُهْنٌ ولا مَاءٌ، وهو مَجَاز.
(*) في القاموس: «بأرض شنوءة» بدل «من أرض شنوءة».
(١) في معجم البلدان: يَبُوس يفعل من باس يبوس.
(٢) عن معجم البلدان وبالأصل «أنيم» وفي المعجم: اسم جبل.
(٣) في معجم البلدان: «سليم» وما بالأصل كالتكملة.
(٤) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «أليس».
(٥) في القاموس: «وجزيرةٌ يابسةٌ» وفي معجم البلدان: «يابسةُ» جزيرة نحو الأندلس.
(٦) في الصحاح: «فاتَّبَس».
(٧) وقيل: أراد عصا ذبلت.
(٨) عن اللسان وبالأصل «بيرا».
(٩) خلط بين عبارتي الأساس واللسان، فعبارة الأساس: وشعر جعد: يابس لا يؤثر فيه البلّ بالماء ولا بالدهن. ونص اللسان: والشعر اليابس: أردؤه ولا يرى فيه سحجٌ ولا دهنٌ.