تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حزب]:

صفحة 417 - الجزء 1

  يَا لَلرِّجَالِ لِيَوْمِ الأَرْبِعَاءِ أَمَا ... يَنْفَكُّ يُحْدِثُ لِي بَعْدَ النُّهَى طَرَبَا

  إِذْ لَا يَزَال، إِلخ، كَذَا في المعجم. ودَخَلْتُ عليه وعنده الأَحزابُ، وقد تَبجَّحَ شَيْخُنَا في الشرح كثيراً، وتصدى بالتعرض للمؤلف في عبارته، وأَحال بعض ذلك على مُقَدَّمَةِ شَرْحِه للحِزبِ النَّوَوِيِّ وتاريخ إِتمامه على ما قَرَأْت بخطه سنة ١١٦٣ بالمدينة المنوَّرة، على ساكنها أَفضل الصلاة والسلام، وقرأْت المقدمة المذكورة فرأَيته أَحال فيها على شرحه هذا، فما أَدْرِي أَيُّهما أَقدمُ، وقد تَصَدَّى شيخُنا العلامة عبدُ الله بن سُلَيْمَان الجرهزيّ الشافعيُّ مُفْتِي بَلَدِنا زَبِيدَ حَرَسَهَا الله تعالى للرَّدِّ على المَجْد، وإِبْطَالِ دَعَاوِيهِ النَّازِلَةِ بِكُلِّ غَوْرٍ ونَجْد، والله حَكِيمٌ عَلِيمٌ.

  وحَازَبُوا وتَحَزَّبُوا: صَارُوا أَحْزَاباً، وحَزَّبَهُمْ فَتَحَزَّبُوا⁣(⁣١)، أَي صَارُوا طَوَائِفَ. وفُلَانٌ يُحَازِبُ فُلَاناً، أَي يَنْصُرُه ويُعَاضِدُه، كذا في الأساس. قُلت: وفي حديث الإِفْكِ «وطَفِقَتْ حَمْنَةُ تَحَازَبُ لهَا» أَيْ تَتَعَصَّبُ وتَسْعَى سَعْيَ جَمَاعَتِهَا الذين يَتَحَزَّبُونَ لَهَا، والمَشْهُورُ بالرَّاءِ [من الحرب]⁣(⁣٢).

  وتَحَزَّبَ القَوْمُ: تَجَمَّعُوا وقَدْ حَزَّبْتهُمْ أَيِ الأَحْزَابَ تَحْزيباً أَيْ جَمَعْتهُمْ، قال رؤبَة:

  لقدْ وَجَدْتُ مُصْعَباً مُسْتَصْعِبَا ... حِينَ رَمَى الأَحْزَابَ والمُحَزِّبَا

  كذا في «المعجم».

  وحَزَبَهُ الأَمْرُ يَحْزُبُه حَزْباً: نَابَه أَيْ أَصَابَهُ واشْتَدَّ عليه، أَوْ ضَغَطَهُ فَجْأَةً، وفي الحديثِ «كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلى» أَيْ إِذَا نَزَلَ به مُهِمٌّ⁣(⁣٣) وأَصَابَه غَمٌّ، وفي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «اللهُمَّ أَنْتَ عُدَتِي إِنْ حُزِبْتُ»، والاسْمُ الحُزَابَةُ، بالضَّمِّ، والحَزْبُ أَيْضاً بفَتْحٍ فسُكُونٍ كالمَصْدَرِ، ويقال: أَمْرٌ حَازِبٌ وحَزِيبٌ: شَدِيدٌ. والحَازِبُ من الشَّغْلِ: مَا نَابَكَ ج حُزْبٌ بضَمٍّ فسُكُونٍ، كَذا في نُسْخَتِنَا وضَبَطَه شيخُنَا بضَمَّتَيْنِ، وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ «نَزَلَتْ كَرَائِهُ الأُمُورِ وحَوَازِبُ الخُطُوبِ» جَمْعُ حَازِبٍ، وهو الأَمْرُ الشديدُ. وفي الأَساس: أَصَابَتْهُ الحَوَازِبُ.

  والحَزَابِي والحَزَابِيَةُ بكَسْرِ المُوَحَّدَةِ فيهما مُخَفَّفَتَيْنِ مِنَ الرِّجَالِ والحَمِيرِ: الغَلِيظُ إِلى القِصَرِ مَا هُوَ، وعبارة الصحاح: الغَليظُ القَصِيرُ، رَجُلٌ حَزَابٍ وحَزَابِيَةٌ وَزَوَازٍ وَزَوَازِيَةٌ إِذَا كَانَ غَلِيظاً إِلَى القِصَرِ مَا هُوَ، وَرجُلٌ هَوَاهِيَةٌ إِذَا كَانَ مَنخُوبَ الفُؤَادِ، وَبعِيرٌ حَزَابِيَةٌ إِذا كانَ غَلِيظاً، وحِمَارٌ حَزَابِيَةٌ: جَلْدٌ، ورَكَبٌ حَزَابِيَةٌ: غَلِيظٌ، قالت امْرَأَةٌ تَصِفُ رَكَبَها:

  إِنَّ هَنِي حَزَنْبَلٌ حَزَابِيَهْ ... إِذَا قَعَدْتُ فَوْقَهُ نَبَا بِيَهْ

  ويقال: رَجُلٌ حَزَابٍ وحَزَابِيَةٌ إِذَا كَانَ غَلِيظاً إِلى القِصَرِ، واليَاءُ لِلإِلْحَاقِ كالفَهَامِيَةِ والعَلَانِيَةِ، من الفَهْم والعَلَنِ قال أُمَيَّةُ بنُ أَبِي عَائِذ الهُذَلِيُّ:

  كَأَنِّي وَرَحْلِي إِذَا رُعْتُهَا ... عَلَى جَمَزَى جَازِئٍ بالرِّمَالِ

  أَوَ اصْحَمَ حَامٍ جَرَامِيزَهُ⁣(⁣٤) ... حَزَابِيَةٍ حَيَدَى بالدِّحَالِ

  يُشَبِّهُ نَاقَتَهُ بحِمَارٍ وَحْشٍ، وَوَصَفَه بجَمَزَى وهو السَّرِيعُ، وتقديرُه عَلَى حِمَارٍ جَمَزَى، وقال الأَصمعيُّ: لَمْ أَسْمَعْ بفَعَلَى في صِفَةِ المُذَكَّرِ إِلَّا في هَذَا البَيْتِ، يَعْنِي أَنَّ جَمَزَى وزَلَجَى ومَرَطَى ونَشَكَى⁣(⁣٥) وما جَاءَ على هذا البابِ لا يكونُ إِلّا من صِفَةِ الناقةِ دُونَ الجَمَلِ، والجَازِىُّ: الذي يَجْزَأُ بالرُّطْب عن الماءِ، والأَصْحَمُ: حِمَارٌ يَضْرِبُ إِلى السَّوَادِ والصُّفْرَةِ، وَحَيَدَى: يَحِيدُ عن ظِلِّه لنَشَاطِه، حَامٍ نفسَه من الرُّمَاةِ، وجَرَامِيزه: نَفْسُه وجَسَدُه، والدِّحَال: جَمْعُ دَحْلٍ، وهو هُوَّةٌ ضَيِّقَةُ الأَعْلَى وَاسِعَةُ الأَسْفَلِ. كَذَا في لسان العرب، كالحِنْزَابِ ( *) كقِنْطَار، وفي نسخة كمِيزَابٍ، وفي أُخرَى كقِتَال، وكلاهما تَصْحِيفٌ وغَلَطٌ.

  والحِزْب والحِزْبَاءَةُ، بكَسْرهِمَا: الأَرْضُ الغَلِيظَةُ


(١) في الأساس: وحزّب قومه فتحزّبوا ...

(٢) زيادة عن اللسان.

(٣) اللسان: أو أصابه.

(٤) في الصحاح: وأصحم. قال ابن بري: والصواب أو أصحم، لأنه معطوف على جمزى في البيت الذي قبله.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله نشكي كذا بخطه والصواب بشكى كما في الصحاح والقاموس.»

(*) عن القاموس: بالكسر.