تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عرنش]:

صفحة 143 - الجزء 9

  وذُو العُشِّ: ع، ببِلادِ بَنِي مُرَّةَ.

  وأَعْشَاشٌ، كَأَنَّهُ جَمْعُ عُشٍّ: ع، بِبلادِ بَنِي سَعْدِ، هكذا في النُّسَخِ، وقالَ ياقُوت: هو مَوْضِعٌ في بِلادِ بَنِي تَمِيمٍ لبَنِي يَرْبُوع بنِ حَنْظَلَةَ، قالَ الفَرَزْدَقُ:

  عَزَفْتَ بأَعْشاشٍ وما كِدْتَ تَعْزِفُ ... وأَنْكَرْتَ مِنْ حَدْرَاءَ ما كُنْتَ تَعْرِفُ

  ولَجَّ بكَ الهِجْرَانُ حَتَّى كَأَنّمَا ... تَرَى المَوْتَ في البَيْتِ الَّذِي كُنْتَ تَأْلَفُ

  وقال ابنُ بعَجَاءَ⁣(⁣١) الضَّبِّيُّ:

  أَيا أَبْرَقَيْ أَعْشَاشَ لا زَالَ مُدْجِنٌ ... يَجُودُ كُمَا حَتّى يُرَوَّى ثَرَاكُمَا

  أَرانِيَ رَبِّي حِينَ تَحْضُرُ مِيتَتِي ... وفي عِيشَةِ الدُّنْيَا كما قَدْ أَرَاكُمَا

  وقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ بالبَادِيَة قُرْبَ طَمِيَّةَ، مقابِلٌ لها، بالقُرْبِ من مَكَّةَ، شَرَّفَها الله تَعَالَى، قال الصّاغَانِيّ: وقَدْ وَرَدْتُه.

  قُلْتُ: ورُوِيَ قَوْلُ الفَرَزْدَقِ «بإِعْشَاشٍ»، بالكَسْرِ، أَي عَزَفْتَ بكُرْهٍ، يَقُول: عَزَفْتَ بكُرْهِكَ عمّن كُنتَ تُحِبُّ، وقِيلَ: الإِعْشَاشُ: الكِبَرُ، أَي عَزَفْتَ بكِبَرِكَ عَمَّنْ تُحِبّ وهذه عن الصّاغَانِيّ.

  ومن أَمثالهِمْ: «تَلَمَّسْ أَعْشَاشَكَ»، أَيْ تَلَمَّس العِلَلَ والتَّجَنِّيَ في أَهْلِكَ وذَوِيكَ، وهو قَريبٌ من قَوْلِهِم: «لَيْسَ بِعُشِّكِ فادْرُجِي».

  والعَشْعَشُ، بالفَتْحِ، كما ضَبَطَه الصّاغَانِيّ، ويُضَمُّ، كَمَا ضَبَطَهُ الجَوْهَرِيُّ⁣(⁣٢)، وحَكَاه عن ابن الأَعْرَابِيّ كالعَصْعَصِ والعُصْعُصِ، قالَ: هُوَ العُشُّ المُتَرَاكِبُ بَعْضُه فِي بَعْضٍ أَيْ عَلَى بَعْضٍ.

  والمَعَشُّ: المَطْلَبُ، قالَهُ الخَلِيلُ، وقَالَ ابنُ سِيدَه نَقْلاً عن غَيْرِ الخَلِيلِ: هُوَ المَعَشُّ، بالسِّين، وقد تَقَدَّم. وبِهَاءٍ: الأَرْضُ الغَلِيظَةُ، كالعَشَّةِ، عن الأَزْهَرِيّ.

  وقال أَبو زَيْدٍ: جَاءَ بهِ أَيْ بالمالِ من عِشِّهِ وبِشِّهِ، وعسِّهِ وبِسِّهِ، أَيْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، لُغَةٌ فِي السِّينِ المُهْمَلةِ، وقَدْ تَقَدَّم.

  وأَعَشَّ الرَّجُلُ: وَقَعَ في أَرْضٍ عَشَّةٍ، أَيْ غَلِيظَةٍ، قالَهُ أَبُو خَيْرَةَ.

  وأَعَشَّ فُلاناً عَنْ حاجَتِه: صَدَّهُ ومَنَعَهُ، عن ابنِ دُرَيْدٍ⁣(⁣٣)، وقِيلَ: أَعْجَلَه، كأَحَشَّه، وكَذَا أَعَشَّ به.

  وأَعَشَّ الظَّبْيَ مِنْ كِنَاسِه: أَزْعَجَهُ، عن ابنِ عَبّادٍ.

  وأَعَشَّ القَوْمَ: نَزَلَ مَنْزِلاً قَدْ نَزَلُوهُ مِنْ قَبْلِهِ على كُرْهٍ فآذاهُمْ حَتَّى تَحَوَّلُوا* من أَجْلِهِ وأَذِيَّتِه، قال الفرَزْدَقُ يَصِفُ قَطَاةً:

  وصادِقَة ما خَبَّرَتْ قَدْ بَعَثْتُها ... طرُوقاً وباقِي اللَّيْلِ في الأَرْضِ مُسْدِفُ

  وَلَوْ تُرِكَتُ نامَتْ ولكِنْ أَعَشَّهَا ... أَذًى مِن قِلاص كالحَنِيِّ المُعَطَّفِ⁣(⁣٤)

  كَذَا رواهُ اللَّيْثُ بالعَيْن، واسْتَدْرَكَ عَلَيْه تَوْبَةُ وأَبُو الهَيْثَمِ، وقالا: هُوَ بالغَيْنِ المُعْجَمَة.

  وأَعَشَّ الله تَعَالَى بَدَنَه: أَنْحَلَهُ، دُعَاءٌ عَلَيْه.

  وعَشَّشَ الطّائِرُ تَعْشِيشاً: اتَّخَذَ عُشًّا، كاعْتَشَّ اعْتِشَاشاً، قالَ أَبو مُحَمّدٍ الفَقْعَسِيّ⁣(⁣٥) يَصِفُ ناقَةً:

  بِحَيْث يَعْتَشُّ الغُرَابُ البَائِضُ

  وعَشَّشَ الكَلأُ والأَرْضُ: يَبِسَا، ويُقَالُ: كَلَأٌ عَشٌّ، وأَرْضٌ عَشَّةٌ.

  وعَشَّشَ الخُبْزُ يَبِسَ وتَكَرَّجَ فهُوَ مُعَشِّشٌ، وفي الحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وغَيْرُه، في قِصَّةِ أُمِّ زَرْعِ: «ولا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشاً» أَيْ لا تَخُونُ في طَعَامِنَا فتَخْبَأ مِنْهُ في كُلِّ زَاوِيَةٍ


(١) في معجم البلدان «أعشاش»: ابن نعجاء.

(٢) ضبط بالقلم في الصحاح بالفتح. وورد في التكملة المطبوع الذي بيدي: العَشَشُ.

(٣) أنظر الجمهرة ٣/ ١٩٤.

(*) بعدها في القاموس: كأَعَشِّهم، ساقطة من المصرية والكويتية.

(٤) في البيتين إقواء، وليسا في ديوانه، وبهامش اللسان دار المعارف يمكن استدراك الاقواء إذا رفعنا المعطف على أنه نعت مقطوع أو إذا نكرناه وجعلناه نعتاً لأذى.

(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «الفقيه».