تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غرش]

صفحة 154 - الجزء 9

  و* أَظْهَرَ لَهُ خِلَافَ ما أَضْمَرَهُ، وهُوَ بعَيْنِه عَدَمُ الإِمْحاضِ في النَّصِيحَةِ، فلا حاجَةَ إِلَى إِيرَادِهِ، كغَشَّشَهُ تغْشِيشاً، وهو مُبَالَغَةٌ في الغِشِّ، مَأْخُوذٌ من الغَشَشِ، وهُوَ المَشْرَبُ الكَدِرُ، ومِنْهُ الحَدِيثُ: «لَيْسَ مِنّا مَنْ غَشَّنَا»، أَيْ لَيْسَ مِنْ أَخْلاقِنَا ولا عَلَى سُنَّتِنَا، وفي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ: «ولا تَمْلَأُ بَيْتَنا تَغْشِيشاً» قَال ابنُ الأَثِيرِ: هكذا جاءَ في رِوَايَةٍ، وقِيل: هُوَ من الغِشِّ، وقيل: [هو]⁣(⁣١) من النَّمِيمَةِ، والرِّوَايَةُ بالمُهْمَلةِ، وقد ذُكِرَ في مَوْضِعِه، وهُوَ غاشٌّ، وشَيءٌ مَغْشُوشٌ.

  والغِشُّ: بالكَسْرِ: اسْمٌ مِنْهُ.

  والغِشُّ، أَيْضاً: الغِلُّ والحِقْدُ وقد غَشَّ صَدْرُه يَغِشُّ إِذا غَلَّ.

  ورَجُلٌ غَشٌّ، بالفَتْحِ: عَظِيمُ السُّرَّةِ، هكذا في النُّسَخِ، بضَمِّ السِّين المُهْمَلَة وتَشْدِيد الراءِ، وفي بَعْضِها بكَسْرِ الشِّين المُعْجَمَةِ، وكِلاهُمَا غَلَطٌ، والصَّوَابُ: الشَّرَهِ، مُحَرَّكَةً، قالَ الراجزُ:

  لَيْسَ بِغَشٍّ هَمُّهُ فِيمَا أَكَلْ

  وهُوَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعْلاً، وأَنْ يَكُونَ كما ذَهَبَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْه في طَبٍّ وبَرٍّ، مِنْ أَنَّهما فَعِلٌ.

  والغُشُّ، بالضَّمِّ: الغاشُّ، ج: غُشُّونَ، قال أَوْسُ ابنُ حَجَر:

  مُخَلَّفُونَ ويَقْضِي النّاسُ أَمْرَهُمُ ... غُشُّو الأَمَانَةِ صُنْبُورٌ لصُنْبُورُ

  قال الأَزْهَرِيُّ: ولا أَعْرِفُ لَهُ جَمْعاً مُكَسَّراً، والرِّوايَةُ المَشْهُورَةُ «غُسُّو الأَمَانَةِ» بالسِّينِ المُهْمَلَة. وقَدْ تَقَدّم.

  والغُشُّ: ع، م، أَيْ مَوْضِعٌ معروفٌ، ولَمْ أَرَهُ في كِتَابٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ تَصْحِيفاً، فانظُرْهُ. والشّيْءُ المَغْشُوشُ، أَي الغَيْرُ الخَالِصِ، مِن الغِشِّ.

  والغَشَشُ، مُحَرَّكَةً: الكَدِرُ المَشُوبُ، هكذا في النُّسَخ، أَو هو المَشْرَبُ الكَدِرُ، كما هَوَ نصُّ ابنِ الأَنْبَارِيّ، ونَقَلَه هكذا الأَزْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ، قِيلَ: ومنه أُخِذَ الغِشُّ نَقِيض النُّصْحِ، وأَنشد ابنُ الأَعْرَابِيِّ:

  ومَنْهَلٍ تَرْوَى بهِ غَيْرِ غَشَشْ

  أَيْ غَيْرِ كَدِرٍ ولا قَليلٍ.

  ولَقِيتُه غِشَاشاً، بالكَسْرِ، والفَتْحِ، أَيْ عَلَى عَجَلَةٍ، وكَذا لقِيتُه على غِشَاشٍ، حَكاهَا قُطْرُب، وهِيَ كِنَانِيّة، وأَنْشَدَت مَحْمُودَةُ الكِلابِيَّةُ:

  وما أَنْسَى مَقَالَتَهَا غِشَاشاً ... لَنَا واللَّيْلُ قَدْ طَرَدَ النَّهَارَا

  وَصَاتَكَ بالعُهُودِ وقد رَأَيْنَا ... غُرَابَ البَيْنِ أَوْكَبَ ثُمَّ طَارَا

  أَوْ عِنْدَ مُغَيْرِبَانِ الشَّمْسِ، حَكاهُ اللّيْثُ، وقد أَنْكَرَه الأَزْهَرِيُّ، وقالَ⁣(⁣٢): هذا بَاطِلٌ، وإِنَّمَا يُقَالُ: لَقِيتُه عَشَاشاً وعَلى عِشَاش⁣(⁣٣)، إِذا لَقِيتَه عَلَى عَجَلَةٍ، أَوْ لَقِيَه غَشَاشاً، أَيْ لَيْلاً، وهُوَ قَرِيبٌ من قَوْلِ اللَّيْثِ.

  والغِشَاشُ، بالكَسْرِ وَحْدَهُ: أَوَّلُ الظُّلْمَةِ وآخِرُهَا.

  ويُقَالُ: شِرْبٌ⁣(⁣٤) غِشَاشٌ، بالكَسْرِ، أَي قَلِيلٌ، لكَدَرِه، وكذلِك يَوْمٌ غِشاشٌ، أَو شُرْبٌ غِشَاشٌ: عَجِلٌ، أَو شُرْبٌ غِشَاشٌ: غَيْرُ مَرِئٍ، لِأَنَّ المَاءَ لَيْسَ بِصَافٍ [ولا عَذْبٍ]⁣(⁣٥) ولا يَسْتَمْرِئُه شارِبُه، وهذا عن الأَزْهَرِيّ.

  وأَغْشَشْتُه عن حَاجَتِهِ: أَعْجَلْتُه، نَقَلَه ابنُ القَطّاعِ.

  وجَاءُوا مُغَاشَّينَ لِلصُّبْحِ: مُبَادِرِينَ، هُنَا نَقَلَه الصّاغَانِيُّ عن ابنِ عَبّادٍ، وقَلَّدَهُ المُصَنِّفُ، ¦، والصَّوابُ أَنَّه بالعَيْنِ المُهْمَلَةِ، وقَدْ أَشَرْنَا إِلَيْه، ثُمَّ رَأَيْتُ الزَّمَخْشَرِيَّ ذَكَرَه هُنَا، وكَأَنَّهُ لُغَةٌ في العَيْنِ.

  واغْتَشَّهُ واسْتَغَشَّهُ: ضِدُّ انْتَصَحَه واسْتَنْصَحَه، أَو ظَنَّ بِهِ الغِشَّ، أَوْ عَدَّه غَاشًّا، قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ:

  فَقُلْتُ وأَسْرَرْتُ النَّدَامَةَ لَيْتَنِي ... وكُنْتُ امْرَأً أَغْتَشُّ كُلَّ عَذُولِ


(*) في القاموس «أو» بدل «و».

(١) زيادة عن التهذيب.

(٢) في التهذيب: قلت: هذا التفسير غير صحيح، وصوابه.

(٣) كذا بالأصل وقد وردت اللفظتان في التهذيب بالغين المعجمة.

(٤) ضبطت في التهذيب واللسان بضمة على الشين عن الليث، وضبطها الأزهري بضمة وكسرة على الشين فيما يلي.

(٥) زيادة عن التهذيب.