تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة

صفحة 427 - الجزء 1

  لِلتَّوْدِيعِ أَقَامَ بالأَبْطَحِ حتى يَهْجَعَ بها سَاعَةً مِن اللَّيْلِ، ثُمَّ يَدْخُل مَكَّةَ، قال: وهذَا شيءٌ كان يُفعَلُ ثُمَّ تُرِكَ، وخُزَيْمَةُ هم قُرَيْشٌ وكِنَانَةُ، وليس فيهم أَسَدٌ، وقال القَعْنَبِيّ: التَّحْصِيبُ: نُزُولُ المُحَصَّبِ، بِمَكّةَ، وأَنشد:

  فَلِلَّهِ عَيْنَا مَنْ رَأَى مِنْ تَفَرُّقٍ ... أَشَتَّ وأَنْأَى مِنْ فِرَاقِ المُحَصَّبِ

  أَو هو، أَي المُحَصَّبُ: مَوْضِعُ رَمْيِ الجِمَارِ بِمِنًى قاله الأَصْمَعِيُّ، وأَنشد:

  أَقَامَ ثَلَاثاً بالمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى ... ولَمَّا يَبِنْ لِلنَّاعِجَاتِ طَرِيقُ

  وقال الرَّاعي:

  أَلَمْ تَعْلَمِي يا أَلْأَمَ النَّاسِ أَنَّنِي ... بِمَكَّةَ مَعْرُوفٌ وعِنْدَ المُحَصَّبِ

  يُرِيدُ مَوْضِع الجِمَارِ، ويقال له أَيْضاً: حِصَابٌ بِكَسْرِ الحَاءِ.

  والحَاصِبُ رِيحٌ شَدِيدَةٌ تَحْمِلُ التُّرَابَ والحَصْبَاءَ أَو هو ما تَنَاثَرَ مِن دُقَاقِ الثَّلْجِ والبَرَدِ، وفي التَّنْزِيلِ {إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً}⁣(⁣١) وكذلك الحَصِبَةُ قَالَ لَبِيدٌ:

  جَرَّتْ عَلَيْهَا أَنْ خَوَتْ مِنْ أَهْلِهَا ... أَذْيَالَهَا كُلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ

  وقوله {إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً} أَي عَذَاباً يَحْصِبُهُمْ، أَي يَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِن سِجِّيلٍ، وقيل: حَاصِباً، أَي رِيحاً تَقْلَعُ الحَصْبَاءَ لِقُوَّتِهَا، وهي صِغَارُهَا وكِبَارُهَا، وفي حدِيثِ عليٍّ ¥ قَالَ لِلْخَوَارِجِ «أَصَابَكُمْ حَاصِبٌ» أَي عَذَابٌ مِن اللهِ، وأَصْلُهُ رُمِيتُمْ بالحصْبَاءِ مِن السماءِ، ويقال لِلرِّيح التي تَحْمِلُ التُّرَابَ والحَصى: حَاصِبٌ والحَاصِبُ: السَّحَابُ ( *) لأَنَّهُ يَرْمِي بِهِما أَي الثَّلْجِ والبَرَدِ رَمْياً، وقال الأَزهريُّ: الحَاصِبُ: العَدَدُ الكَثِيرُ مِن الرَّجَّالةِ، وهو مَعْنَى قولِ الأَعشى:

  لَنَا حَاصِبٌ مِثلُ رِجْلِ الدَّبَى

  وقيل المُرَادُ بِهِ الرُّمَاةُ، وعنِ ابنِ الأَعْرَابِيِّ: الحَاصِبُ مِنَ التُّرَابِ مَا كَانَ فيه الحَصْبَاءُ. وقال ابن شُمَيْلٍ: الحَاصِبُ: الحَصْبَاءُ في الرِّيحِ، كَانَ يَوْمُنَا ذَا حَاصِبٍ، وَرِيحٌ حَاصِبٌ وحَصِبَةٌ: فِيهَا حَصْبَاءُ، قال لبيد:

  جَرَّتْ عَلَيْهَا أَنْ خَوَتْ مِنْ أَهْلِهَا ... أَذْيَالَهَا كُلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ

  وتقول: هُو حَاصِب، ليسَ بِصَاحِب.

  والحَصَبُ، مُحَرَّكَةً، وضَبَطَهُ الصاغانيُّ بالفَتْحِ: انْقِلَابُ الوتَرِ عن القَوْسِ قال:

  لَا كَزَّةِ السَّيْرِ وَلَا حَصُوبِ

  ويقَال: هو وَهَمٌ إِنَّمَا هو الحَضْبُ، بالضَّادِ المُعْجَمَةِ لا غيرُ، كما سَيَأْتِي.

  وحَصَبَةُ بِهَاءٍ مِنْ غَيْرِ لَام اسْمُ رَجُلٍ، عن ابن الأَعْرَابِيّ، وأَنشد:

  أَلَسْتَ عَبْدَ عَامِرِ بنِ حَصَبَهْ

  وحَصَبَةُ مِنْ بَنِي أَزْنَمَ، جَدُّ ثَعْلَبَةَ بنِ الحَارِثِ اليَرْبُوعِيْ، له ذِكرٌ في السِّيَرِ.

  والحَصِبُ كَكَتِفٍ هو اللَّبَنُ لا يَخْرُجُ زُبْدُهُ، مِنْ بَرْدِه⁣(⁣٢) وحُصَيْبٌ كَزُبَيْرٍ: ع باليَمَنِ وهو وَادِي زَبِيدَ حَرَسَهَا اللهُ تعالى وسَائِرَ بِلَاد المُسْلِمِينَ، حَسَنُ الهَوَاءِ فَاقَتْ نِسَاؤُهُ حُسْناً وجَمَالاً وظَرَافَةً ورِقَّةً، ومنه قَوْلُهُمُ المَشْهُورُ إِذَا دَخَلْتَ أَرْضَ الحُصَيْبِ فَهَرْوِلْ أَي أَسْرِعْ في المَشْيِ لِئَلَّا تُفْتَتَنَ بِهِنَّ.

  ويَحْصِبُ بنُ مَالِكٍ مُثَلَّثَة الصَّادِ: حَيٌّ بِهَا أَيْ باليَمَنِ، وهو من حِمْيَرَ، ذَكَرَ الحَافِظُ ابنُ حَزْمٍ في جَمْهَرَةِ الأَنْسَاب أَنَّ يَحْصِبُ أَخُو ذِي أَصْبَحَ جَدِّ الإِمَامِ مَالِكٍ ¥ وقيل هي يَحْصُبُ، نُقِلَتْ مِن قَوْلِكَ: حَصَبَهُ بالحَصَى يَحْصُبُه، وليس بِقَوِيٍّ والنِّسْبَةُ إِليها مُثَلَّثَةً⁣(⁣٣) أَيْضاً لا بالفَتْحِ فقط، كما زَعَمَ الجَوْهَرِيُّ وعِبَارَتُهُ في الصّحَاح: ويَحْصِبُ، بالكَسْرِ: حَيٌّ من اليَمَنِ، وإِذَا نَسَبْتَ إِليه قلت: يَحْصَبِيٌّ، بالفَتْحِ مِثْل تَغْلِبَ وتَغْلَبِيٍّ، وهكذا قالَهُ أَبُو عُبَيْد.


(١) سورة القمر الآية ٣٤.

(*) في القاموس: السحاب [الذي] يَرْمي بهما.

(٢) في المقاييس: لأنه كأنه من برده يشتد حتى يصير كالحصباء فلا يخرج زبداً.

(٣) في نسخة من القاموس: والنسبة يحصبي بالصاد.