تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بخلص]:

صفحة 241 - الجزء 9

  الأَبَارِصَا، أَرادَ آكِلاً الأَبَارِصَ، فحَذَفَ التّنْوِينَ لِالْتِقَاءِ الساكِنَيْنِ.

  والأَبْرَصُ: القَمَرُ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ والزَّمَخْشَرِيُّ، تَقُولُ: بِتُّ ولا مُؤْنِسِي⁣(⁣١) إِلاّ الأَبْرَصُ.

  وبَنُو الأَبْرَصِ: بَطْنٌ مِنَ العَرَبِ وهُمْ بَنُو يَرْبُوعِ ابنِ حَنْظَلَةَ بنِ مالِكِ بنِ زَيْدِ مَناةَ، من تَمِيمٍ، وأَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ:

  كانَ بَنُو الأَبْرَصِ أَقْرَانَهَا ... فَأَدْرَكُوا الأَحْدَثَ والأَقْدَمَا

  وعَبِيدُ بنُ الأَبْرَصِ بنِ جُشَمَ بنِ عامِرِ بنِ فِهْرِ بنِ مالِكِ ابنِ الحارِثِ بنِ سَعْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بن دُودانَ بنِ أَسَدٍ الأَسَدِيُّ: شَاعِرٌ مَشْهُورٌ.

  والبَرْصَاءُ: لَقَبُ أُمِّ شَبِيب بنِ يَزِيدَ بنِ حَمزة⁣(⁣٢) بن عَوْفِ ابنِ أَبي حارِثَةَ. الشّاعِرِ، واسْمُها أُمامَةُ بنْتُ قَيْسٍ، أَو قِرْصافَةُ، عن السُّكَّرِيِّ، والأَوّل قولُ ابنِ الكَلْبِيِّ قال: وهي ابْنَةُ الحَارِث بنِ عَوْفٍ، وقَال: قَال ابنُ الزُّبَيْرِ: إِنّمَا سُمِّيَتْ البَرْصَاء فيما أَخْبَرَنِي مُحَمّدُ بنُ الضَّحّاكِ بنِ عُثْمَانَ عن أَبيهِ أَنَّ أَبَاهَا الحارِثَ بنَ عَوْفٍ جاءَ إِلى النّبِيِّ فخَطَبَ إِليه ابْنَتَه، فقال: إِنَّ بها وَضَحاً⁣(⁣٣)، فرَجَع وقد أَصابَهَا، ولم يَكُنْ بها وَضَحٌ، وقَالَ بَعْضُ النّاسِ: إِنّمَا سُمِّيَت البَرْصاءَ لشِدَّةِ بَيَاضِهَا، ففِي ذلِكَ يَقُولُ ابْنُهَا شَبِيبٌ:

  أَنَا ابْنُ بَرْصَاءَ بها أُجِيبُ ... هَلْ في هِجَانِ اللَّوْنِ ما تَعِيبُ

  قلت: وفيه يقول الشّاعِر:

  مَنْ مُبْلِغٌ فِتْيانَ مُرَّةَ أَنّهُ ... هَجَانَا ابنُ بَرْصاءِ العِجَانِ شَبِيبُ

  ومِنَ المَجَازِ: أَرْضٌ بَرْصَاءُ: رُعِيَ نَباتُهَا مِنْ مَوَاضِعَ فعَرِيَتْ عَنْهُ.

  وحَيَّةٌ بَرْصَاءُ: فِيهَا، أَيْ في جِلْدِها لُمَعُ بَياضٍ. والبَرِيصُ، كأَمِيرٍ: نَبْتٌ يُشْبِهُ السُّعْدَ، يَنْبُتُ في مَجارِي الماءِ عن أَبِي عَمْرٍو.

  والبَرِيصُ: ع بدِمَشْقَ، الصّوَابُ نَهْرٌ بدِمَشْقَ، كَمَا في المُحْكَمِ والتّهْذِيبِ، والفَرْقِ لابنِ السّيدِ والمُعْجَمِ، ونَبَّهَ عَلَى ذلِكَ شَيْخُنا، والمصَنِّفُ قَلَّد الصّاغَانِيَّ وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: لَيْسَ بالعَرَبِيِّ الصَّحِيح، وأَحْسبُه رُومِيَّ الأَصْلِ، وقَدْ تَكَلَّمَتْ به العَرَبُ، قال حسّانُ بنُ ثابِتٍ، ¥ يَمْدَحُ بنِي جَفْنَةَ:

  يَسْقُونَ مَنْ وَرَدَ البَرِيصَ عَلَيْهِمُ ... بَرَدَى يُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ

  قُلْتُ: وقَالَ بَعْضٌ: إِنَّ البَرِيصَ اسمٌ لِلغُوطَةِ بِأَجْمَعَها، واسْتَدَلَّ⁣(⁣٤) بقَوْلِ وَعْلَةَ الجَرْمِيِّ:

  فما لَحْمُ الغُرَابِ لَنَا بِزَادٍ ... ولا سَرَطَانُ أَنْهَارِ البَرِيصِ

  قَالَ شَيْخُنا: وَرَأَيْتُ كَثِيراً من شُرّاحِ الشَّوَاهِد وغَيْرِهِم يَرْوُونَه: البَرِيض، بالضادِ المُعْجَمَة، ويَتَشَدَّقُّونَ بِهِ في مَجَالِسِهِم ومُخَاطَباتِهِم، جَهْلاً وتَقْلِيداً للتّصْحِيفِ، أَو عَدَم وُقُوفٍ عَلَى الحَقيقَةِ وأَخْذ عن ماهِرٍ عَرِيفٍ، والله أَعلَمُ، فَلْيُحْذَرْ مِنْ مِثْلِ شَنَاعَة هذا التَّحْرِيفِ.

  قُلْتُ: هُوَ كَما قالَ، وهُوَ بالضّادِ المُعْجَمَةِ: مَوْضِعٌ فِي شِعْرِ امرئَ القَيْسَ، ولَيْسَ هو هذا النّهْرَ الَّذِي بدِمَشْقَ، أَوْ هُوَ باليَاءِ التّحْتِيَّةِ كما سَيَأْتِي.

  والبَرِيصُ: مِثْلُ البَصِيص، وهُوَ البَرِيقُ، قَال الشاعِرُ:

  وتَبْسِمُ عَنْ نَوَاسِعَ شاخِصاتٍ ... لَهُنَّ بخَدِّهِ أَبَداً بَرِيصُ⁣(⁣٥)

  والبِرَاصُ، ككِتَابٍ: مَنَازِلُ الجِنِّ، جَمْعُ بُرْصَةٍ، بالضَّمِّ. والبِرَاصُ: بِقَاعٌ في الرَّمْلِ لا تُنْبِتُ شَيْئاً، جَمْع


(١) في الأساس: لا يؤنسني.

(٢) عن جمهرة ابن حزم ص ٢٥٢ وبالأصل «حرة» ويقال: «جمرة» ويقال «خمرة».

(٣) في جمهرة ابن حزم: إن بها بياضاً، يريد البرص.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «وقد ذكر ياقوت ما يؤيد ذلك فراجعه» قال ياقوت: «وهذا الشعران يدلان على أن البريص اسم الغوطة بأجمعها، ألا تراه نسب الأنهار إلى البريص؟ وكذلك حسان فإنه يقول: يسقون ماء بردى، وهو نهر دمشق، من ورد البريص، فأما اليريض بالضاد المعجمة في شعر امرئ القيس فهو بالياء آخر الحروف».

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «النواسع جمع ناسعة، يقال: نسعت الأسنان إذا استرخت، كذا في التكملة».