تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حقص]:

صفحة 261 - الجزء 9

  والإِبِلُ والغَنَمُ، وَاحِدَتُهَا بهاءٍ، وأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ لِبَعْضِ رُجّازِ الجِنّ:

  ورَبْرَبٍ خِماصِ ... يَأْكُلْنَ مِنْ قُرّاصِ

  وحَمَصِيصٍ واصِ

  وقَالَ الأَزْهَرِيّ: رَأَيْتُ الحَمَصِيصَ فِي جِبَالِ الدَّهْنَاءِ وما يَلِيها، وهِيَ بَقْلَةٌ جَعْدَةُ الوَرَقِ حامِضَةٌ، ولَهَا ثَمَرَةٌ كثَمَرَةِ الحُمّاضِ، وطَعْمُهَا كطَعْمِه، وكُنَّا نَأْكُلُهَا إِذا أَجِمْنَا التَّمْرَ حَلَاوَتَه⁣(⁣١)، نَتَحَمَّضُ بِهَا ونَسْتَطِيبُهَا.

  وحَمِيصَةُ، كسَفِينَة، هكذا في سائِرِ النُّسَخِ، وهُوَ غَلَطٌ، والصَّوابُ حَمَصِيصَةُ، مُحَرّكَةً، ابنُ جَنْدَلٍ الشَّيْبانِيُّ شاعِر فارِسٌ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ وضَبَطَه.

  وحِمْصُ، بالكَسْرِ، كُورَةٌ بالشّامِ مَشْهُورَةٌ، أَهْلُهَا يَمَانُونَ، أَي مِنْ قَبَائِلِ اليَمَنِ، قَالَ سِيبَوَيْه: هِيَ أَعْجَمِيَّةٌ، ولِذلِكَ لَمْ تَنْصَرِفْ، وقد تُذَكَّرُ، وقالَ الجَوْهَرِيُ: حِمْصُ: بَلَدٌ يُذَكّرُ ويُؤَنّث، قالَ السّنْدُوبِيُّ: مِنْ أَوْسَعِ مُدُنِ الشّامِ، بِهَا نَهْرٌ عَظِيمٌ، ولَهَا رَسَاتِيقُ. سُمِّيت بِحِمْصَ بنِ صهْر⁣(⁣٢) بنِ حُمَيْص بنِ صاب بنِ مُكْنِفٍ مِنْ بَنِي عِمْلِيق، افْتَتَحَها أَبُو عُبَيْدَةَ صُلْحاً سنة ١٦ ثُمّ نافَقَتْ، ثم صُولِحَتْ، وقد نُسِبَ إِلَيْها خَلْقٌ كثيرٌ مِنَ المُحَدِّثِينَ، وبِهَا قَبْرُ سَيِّدِنا خالِدِ بنِ الوَلِيدِ، رَضِيَ الله تَعَالَى عنه.

  والحِمّصُ، كحِلِّزٍ وقِنَّبٍ أَيْ بِكَسْرِ المِيمِ المشَدَّدةِ وفَتْحِها، قالَ الجَوْهَرِيُّ: قال ثَعْلَب: الاخْتِيَارُ فتْحِ الميِم، وقالَ المُبَرّدُ بِكَسْرِ المِيمِ، ولَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ من الأَسْمَاء إِلاّ حِلِّزٌ وهو القَصِيرُ وجِلِّقٌ: اسمُ مَوْضِعٍ بالشّامِ. انْتَهَى.

  وقالَ الأَزْهَرِيُّ: ولَمْ يَعْرِف ابنُ الأَعْرَابِيِّ كَسْرَ المِيمِ، ولا حَكَى سِيبَوَيْهِ فِيهِ إِلاّ الكَسْرَ، فَهُمَا مُخْتَلِفَان، وقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الحِمَّصُ عَرَبِيُّ، ومَا أَقَلَّ ما فِي الكَلَامِ عَلَى بِنَائِه مِنَ الأَسْمَاءِ، وقالَ الفَرّاءُ: لَمْ يَأْتِ عَلَى فِعَّل، بفَتْح العَيْنِ وكَسْرِ الفاءِ، إِلاّ قِنَّفٌ وقِلَّفٌ⁣(⁣٣) وحِمَّصٌ وقِنَّبٌ وخِنَّبٌ، وأَهْلُ البَصْرَةِ اخْتارُوا الكَسْرَ، وأَهْلُ الكُوفَةِ اخْتَارُوا الفَتْحَ: حَبٌّ م مَعْرُوفٌ، قال أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ من القَطَانِيِّ، وَاحِدَتُه حِمِّصَةٌ وحِمَّصَةٌ، قالَ صاحِبُ المِنْهَاجِ: وهو أَبْيَضُ وأَحْمَرُ وأَسْوَدُ، وكِرْسِنِّيّ، ويَكُونُ بَرِّيًّا وبُسْتَانِيًّا، والبَرِّيُّ أَحَرُّ وأَشَدُّ تَسْخِيناً وغِذَاءً، والبُسْتَانِيُّ أَجْوَدُ، والأَسْوَدُ أَقْوَى وأَبْلَغُ في أَفْعالِه، وهو نافِخٌ مُلَيِّنٌ مُدِرٌّ، يَزِيدُ في المَنِيِّ والشَّهْوَةِ والدَّمِ، قال بُقْراطُ: في الحِمّصِ جَوْهَرَانِ يُفَارِقَانِهِ بالطّبْخِ: أَحَدُهُمَا مِلْحٌ يُلَيِّنُ الطَّبْع، والآخَرُ حُلْوٌ يُدِرُّ البَوْلَ، وهو يَجْلُو النَّمَشَ، ويُحْسِّنُ اللَّوْنَ، ويَنْفَعُ من الأَوْرَامِ الحَارَّةِ، ودُهْنُه يَنْفَعُ القُوبَاءَ، ودَقِيقَةُ يَنْفَعُ القُرُوحَ الخَبِيثَة ونَقِيعُه يَنْفَعُ أَوْجاعَ الضِّرْصِ ووَرَمَ اللِّثَةِ، وهو يُصَفِّي الصّوْتَ، وهُوَ مُقَوٍّ للْبَدَنِ والذَّكَرِ، وذلِكَ يُعْلَفُ فُحُولُ الدَّوَابِّ والجِمَالِ بهِ بشَرْطِ أَنْ لا يُؤْكَلَ قَبْلَ الطَّعَامِ ولا بَعْدَهُ، بَلْ وسَطَهُ. وقالَ صاحِبُ المِنْهَاج: ويَنْبَغِي أَنْ يُؤْكَلَ بينَ طَعَامَيْنِ، وهذا هو الصّوَابُ، وعِبَارَةُ المُصَنِّفِ، ¦، لا تَقْتَضِي ذلِكَ، فتَأَمَّلْ.

  وإِبْرَاهِيمُ بنُ الحَجّاجِ بنِ مُنِيرٍ الحِمَّصِيُّ المِصْرِيُّ لِسُكْنَاهُ دارَ الحِمَّصِ الَّتِي في المربعة⁣(⁣٤) بمِصْرَ، وكَذَا عَمُّهُ عَبْدُ الله بنُ مُنِيرٍ الحِمَّصِيُّ، رَوَيَا، ذَكَرَهُمَا ابنُ يُونُس في تَارِيخِ مِصْرَ.

  وبهَاءٍ: حِمَّصَةُ جَدُّ أَبِي الحَسَنِ رَاوِي مَجْلِسِ البِطَاقَةِ، مشْهُورٌ، ويُقَالُ لَهُ: الحِمَّصِيُّ أَيْضاً⁣(⁣٥) لِذلِكَ، وهو أَبُو الحَسَنِ عليُّ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَرّانِيُّ الصَّوَّافُ، وكان من ثِقَاتِ المِصْرِيّينَ، رَوَى عن أَبي القَاسِمِ حَمْزَةَ بنِ فِهْرٍ⁣(⁣٦) الكِنَانِيِّ، ورَوَى عنهُ أَبُو مَنْصُورٍ عبدُ المُحْسِنِ التّاجِرُ الشِّيحِيُّ، وأَبُو محمَّدٍ عبدُ العَزِيزِ النَّخْشَبيّ⁣(⁣٧)، وأَبُو عَبْدِ اللهِ الرّازِيُّ، وكَانَتْ وَفَاتُه في حُدُود سنة ٤٤٠.

  وبالضّمِّ مُشَدَّداً: مَحْمُودُ بنُ عَلِيٍّ الحُمُّصِيُّ⁣(⁣٨) الرّازِيُّ:


(١) في التهذيب: وحلاوته نتحمض به ونستطيبه.

(٢) في معجم البلدان: بناه رجل يقال له حمص بن المهر بن جان بن مكنف، وقيل: حمص بن مكنف العمليقي.

(٣) القلف هو الطين المتشقق إذا نضب عنه الماء. عن التهذيب.

(٤) في اللباب: نسبة إلى بيع الحمص، قال: كان يقلي الحمص ويبيعه، ويعرف بالقلاّء.

(٥) ضبطت في اللباب بكسر الميم المشددة.

(٦) في اللباب: حمزة بن محمد بن علي الكناني.

(٧) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «النخشى».

(٨) ضبطت بالقاموس بكسر الحاء وفتح الميم المشددة، وهو خطأ يخالف تنظيره للفظة.