تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نغص]:

صفحة 372 - الجزء 9

  [نغص]: النَّغَصُ، مُحَرَّكَةً، وكَذلِكَ النَّغْصُ، بالفَتْح أَيْضاً، كما في اللِّسَان، وأَهْمَلَهُ المُصَنِّف قُصُوراً: أَن تُورِدَ إِبِلَكَ الحَوْضَ، فإِذا شَرِبَتْ صَرَفْتَهَا، وأَوْرَدْتَ غَيْرَهَا، وذلِكَ إِنْ أَخْرَجْتَ من كُلِّ بَعِيرَيْن بَعِيراً قَوِيًّا وأَدْخَلْتَ مَكَانَه بَعِيراً ضَعِيفاً، فكَأَنَّهُ نَغَصَ في شُرْبِهَا بِهذا الفِعْل، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للَبِيد:

  فأَرْسَلَهَا العِرَاكَ ولم يَذُدْهَا ... ولم يُشْفِقْ على نَغَصِ الدِّخَالِ

  ونَغِصَ الرَّجلُ، كفَرِحَ يَنْغَصُ نَغَصاً: لم يَتِمَّ مُرَادُه: قال اللَّيْث: وأَكْثَرُهُ بالتَّشْدِيد، نَغَّص تَنْغِيصاً، وكذلِك البَعِير إِذا لم يَتِمَّ شُرْبُهُ، نقله الجَوْهَرِيّ. وأَنْشَد هُنَا قَوْلَ لَبِيدٍ السَّابِقَ.

  ونَغِصَ الشَّرَابُ بنَفْسِه: لم يَتِمَّ.

  وأَنْغَصَ الله عليه العَيْشَ ونَغَّصَه تَنْغِيصاً ونَغَّصَهُ عَليْه، أَي كَدَّرَهُ، والأَخِيرَ أكثَرُ. وأَمَّا نَغَّصَه فقد قَالَ الجَوْهَرِيّ: جاءَ في الشِّعْرِ، قال: وأَنْشَدَ الأَخْفَشُ:

  لا أَرَى المَوْتَ يَسْبِقُ المَوْتَ شَيْءٌ ... نَغَّصَ المَوْتُ ذَا الغِنَى والفَقِيرا

  قال: فأَظْهَرَ المَوْتَ في مَوْضِعِ الإِضْمَارِ، وهذَا كقَوْلكَ: أَمَّا زَيْدٌ فقد ذَهَبَ زيْدٌ. قلْتُ: وهذا الشِّعْر أَوْرَدَه سِيبَوَيْه في كِتَابهِ لِسَوَادَةَ بْنِ عَديّ، ويُرْوَى لِعَدِيّ بْنِ زيْد، ويُرْوَى لسَوَادَةَ بْنِ زيْد بنِ عَدِيّ بنِ زيْد، فتَنَغَّصَت مَعِيشَتُه أَي تَكَدَّرَت. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: نَغَّصَ عَليْنَا، أَي قَطَعَ ما كُنَّا نُحِبُّ الاسْتِكْثَارَ مِنْه، وكُلُّ مَنْ قَطَعَ شيْئاً مِمّا يُحَبُّ الازدِيَادُ مِنْه فهو مُنَغِّصٌ. قال الشاعِرُ:

  وطَالَما نُغِّصُوا بالفَجْعِ ضَاحِيَةً ... وطَالَ بالفَجْعِ والتَّنْغِيصِ ما طُرِقُوا

  وتَنَاغَصَتِ الإِبِلُ على الحَوْضِ: ازْدَحَمَتْ، عن الكِسَائِيّ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكَ عَليْه:

  نَغَصَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ نَغْصاً: مَنَعَهُ نَصِيبَهُ من المَاءِ فحَالَ بَيْنَ إِبلِهِ وبَيْن أَنْ تَشْرَبَ. وأَنْغَصَه رَعْيَه كَذلِك، وهذِه بالأَلِف. وقال ابنُ القَطَّاع: نَغَصَ عليه نَغْصاً: كَدَّر، والتَّشْدِيدُ أَعَمّ.

  [نفص]: المِنْفاصُ، بالكَسْرِ: المَرْأَةُ الكَثِيرَةُ الضَّحِكِ كَذا في التَّكْمِلَة، وجَعَلَه في اللّسَان من وَصْفِ الرِّجَال، ومثْلُه في بَعْضِ نُسَخِ الصّحاح.

  والمِنْفَاصُ: البَوّالَةُ في الفِرَاشِ، نقله الصَّاغَانيّ أَيضاً.

  والنَّفِيصُ، كأَمِيرٍ: المَاءُ العَذْبُ، ويُرْوَى بَيْتُ امْرِئ القيْسِ:

  مَنَابِتُه مِثْلُ السُّدُوسِ ولَوْنُهُ ... كشَوْكِ السَّيَالِ فهو عَذْبٌ نَفِيصُ

  بالنُّونِ، كَذَا قاله ابنُ بَرِّيّ، وقد تقدّم في «ف ي ص» أَيضاً. و في الحديث: «مَوْتٌ كنُفَاص الغَنَمِ» هكذا وَرَدَ في رِوَايَة⁣(⁣١).

  وفي الصحاح: قال الأَصْمَعِيّ: النُّفَاصُ كغُرَابٍ: دَاءٌ في الشَّاءِ تَنْفِصُ بأبْوَالِهَا، أَي تَدْفَعُ دَفْعاً حَتّى تَمُوتَ، حَكَاهُ عنه أَبُو عُبَيْدٍ.

  والنُّفْصَةُ، بالضَّمِّ: دُفْعَةٌ من الدَّمِ جَمْعُهَا نُفَصٌ، كما في الصّحاح. قال: ومنه قَوْلُ الشَّاعِر، وهو حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:

  بَاكَرَها قانِصٌ يَسْعَى بطَاوِيَةٍ ... تَرَى⁣(⁣٢) الدِّمَاءَ على أَكْتَافِها نُفَصَا

  وعن ابن عَبَّاد: من المَجَازِ: نَفَصَ بالكَلِمَة: أَتَى بها سَرِيعاً، كأَنْفَصَ إِنْفَاصاً، ونَصُّ التَّكْمِلَةِ كانْتَفَصَ بها.

  قلْتُ: وكَذلِك نَبَصَ، كما سَبَقَ. وعن أَبِي عَمْرٍو: نَافَصَهُ مُنَافَصَةً فنَفَصَهُ: قَال لَهُ: بُلْ وأَبُولُ فنَنْظُرَ أَيُّنَا أَبْعَدُ بَوْلاً، وأَنْشَد:

  لَعَمْرِي لقد نافَصْتَنِي فنَفَصْتَنِي ... بِذِي مُشْفَتِرٍّ بَوْلُه مُتَشَتِّتُ⁣(⁣٣)

  وأَنْفصَ بالضَّحِكِ إِنْفَاصاً: أَكْثَرَ مِنْهُ، كما في الصّحاح، وكَذلِك أَنْزَقَ، وزَهْزَقَ، وهو قَوْلُ الفَرَّاءِ.

  وأَنفَصَتِ الشَّاةُ ببَوْلِهَا: أَخْرَجَتْهُ دُفْعَةً دُفْعَةً، كما في الصّحاح. وقال غيرُهُ: وكذَلك النَّاقَةُ، وهي مُنْفِصَةٌ، إِذا


(١) في النهاية: والمشهور: كقُعاس الغنم، بالقاف.

(٢) عن الصحاح وبالأصل «ترمي».

(٣) اللسان: «متفاوت».