[برض]:
  افْعَلْ ذلِكَ أَيْضاً، فاسْتُعِيرَ لمَعْنَى الصَّيْرُورَةِ، لتَقَارُبِهِمَا في مَعْنَى الانْتِظَارِ. تَقُولُ: صارَ الفَقِيرُ غَنِيَّا، وعاد غَنِيَّا، ومِثْلُه استِعَارتُهم النَّسْيَانَ للتَّرْكِ، والرَّجَاءَ لِلْخَوْف، لِمَا في النَّسْيَان من مَعْنَى التَّرْكِ، وفي الرَّجَاءِ مِن مَعْنَى التَّوَقُّعِ، وبابُ الاسْتِعارَة أَوْسَعُ من أَنْ يُحَاط به، كما في العبَاب.
  وفي حَدِيثِ سَمُرَةَ: «إِنَّ الشَّمْسَ اسْوَدَّتْ حتَّى آضَتْ كَأَنَّهَا تَنُّومَةٌ».
  قال أَبو عُبَيْد: أَي صارَت ورَجَعَت.
  بَقِيَ عليه: قَوْلُهُم: الْأَوْضَةُ، بالفَتْحِ لِبَيْتٍ صَغِيرٍ يَأْوِي إِليْهِ الْإِنْسَانُ، هكذا هو المَشْهُورُ عنْدَهم، وكَأَنَّهُ من آضَ إِلى أَهْلِهِ، إِذا رَجَعَ. والأَصْلُ الْأَيْضَةُ، إِن كانَتْ عَرَبِيَّةً(١)، أَو غيْر ذلك فتَأَمَّلْ.
فصل الباءِ مع الضاد
  [برض]: البَرْضُ: القَلِيلُ، كالبُرَاضِ، بِالضَّمِّ. ومَاءٌ بَرْضٌ: قَلِيلٌ، وهو خِلافُ الغَمْرِ.
  ج بِرَاضٌ، بالكَسْرِ، وبُرُوضٌ، وأَبْرَاضٌ، كما في الصّحاح.
  وثَمَدٌ بَرْضٌ: مَاؤُه قَلِيلٌ. قال رُؤْبَةُ:
  في العِدِّ لَمْ يَقْدَحْ ثِمَاداً بَرْضَا
  وبَرَضَ المَاءُ من العَيْن يَبْرُضُ ويَبْرِضُ: قَلَّ. وقِيلَ: خَرَجَ وهُوَ قَلِيلٌ، كما في الصّحاح. كابْتَرَضَ، كما في العُبّابِ.
  وبَرَضَ لِي من مَالِهِ يَبْرُضُ ويَبْرِضُ بَرْضاً، أي أَعْطَانِي مِنْه شيْئاً قَلِيلاً. وقال أَبو زيْدٍ: إِذا كَانَت العَطِيَّةُ يَسِيرَةً قُلْتَ: بَرَضْتُ له أَبْرُضُ بَرْضاً.
  وعن ابنِ الأَعْرَابِيّ: رَجُلٌ مَبْرُوضٌ ومَضْفُوه، ومَطْفُوهٌ، ومَضْفُوفٌ، ومَحْدُودٌ(٢): مُفْتَقِرٌ، لكَثْرَةِ، ونَصُّ النَّوادِرِ: إِذا نَفِذَ ما عِنْدَهُ من كَثْرَةِ عَطَائِهِ.
  والبَرَّاضُ، ككَتَّان: مَن يَأْكُلُ كُلَّ شَيْءٍ من مَالِهِ، ويُفْسِدُه، كَالْمُبْرِضِ، أَي كمُحْسِنٍ، كما هُوَ في سَائِر النُّسَخِ، والصَّوابُ كمُحَدِّث(٣)، كما هو نَصُّ العَيْنِ.
  والْبَرَّاضُ بنُ قيْس الكِنَانِيُّ، مِنْ وَلَدِ ضَمْرَةَ بنِ بَكْرِ بنِ عَبْدِ مَنَاةَ، منهم، أَحَدُ فُتَّاكِهمْ، يُقَال: إِنّه خَلَعَهُ قَوْمُه لِكَثْرِة جِنَاياتِه، فحَالَفَ حَرْبَ بنَ أَمَيَّةَ، ثُمّ قَدِمَ على النُّعْمَانِ وسَأَلَهُ أَنْ يَجْعَلُه(٤) على لَطِيمَةٍ يُرِيدُ أَن يَبْعَثَ بِهَا إِلى عُكَاظ، فلم يَلْتَفِتْ إِليْه، وجَعَلَ أَمرَها إِلى عُرْوَةَ الرّحّالِ، وهو ابنُ عُقبَةَ بنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ، فسَار مَعَه حَتَّى وَجَدَ عُرْوَةَ خالِياً، فَوَثَبَ عليه، فضَرَبَهُ ضَرْبةً خَمَدَ منها، واسْتَاقَ العِيْرَ ولَحِق بالحَرَمِ، فكَفَّت عنه هَوَازِنُ، وبسَبَبِهِ قامَت حَرْبُ الفِجَارِ بَيْن بَنِي كِنَانَةَ وقَيْسِ عَيْلانَ.
  والْبُرْضَةُ، بالضَّمِّ: مَوْضِعٌ لا يَنْبُتُ فِيهِ الشَّجَرُ، ولو قال: أَرْضٌ لَا تُنْبِتُ شيْئاً، كانَ أَخْصَرَ، وهي أَصْغَرُ من البَلُّوقَةِ. قلتُ: وقد تَقدَّمَ للمُصَنِّف في الصَّاد المُهْمَلة: البِرَاصُ: بِقَاعٌ في الرَّمْلِ لا تُنبِتُ، جمعُ بُرْصَةٍ، وتَقَدَّم أَيضاً هُنَاكَ عن ابْنِ شُمَيْلٍ: أَنَّها البَلُّوقَة، فليُنْظَرْ أَنَّهَا لُغَة أَو أَحَدهُمَا تَصْحِيفٌ عن الآخِرِ.
  والْبُرْضَةُ، أَيضاً: مَا تَبَرَّضْتَ مِنَ المَاءِ القَلِيلِ.
  والبَرِيضُ، كأَمِيرٍ: وَادٍ في شِعْرِ امْرِئِ القيْسِ، وقد تَقَدَّم الإِنْشَادُ في «أَرض» أَو الصَّوَابُ فيه اليَرِيضُ، بالمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة، قال(٥) الأَزْهَرِيُّ: ومَنْ رَواه بالبَاءِ فقد صَحَّف.
  والبَارِضُ: أَوَّلُ ما يَظْهَرُ من نَبْتِ الأَرْض، وخَصَّ بَعْضُهم به الجَعْدَةَ، والنَّزَعَةَ، والبُهْمَى، والهَلْتَى، والقَبْأَةَ، وقِيل: هو أَوّلُ ما يُعْرَفُ مِنَ النَّبَاتِ وتَتَنَاوَلُهُ النَّعَمُ، وقال الأَصْمَعِيُّ: البُهْمَى: أَوَّلُ مَا يَبْدُو منها الْبَارِضُ، فَإِذَا تَحَرَّكَ قَلِيلاً فهو جَمِيمٌ، قال لبِيدٌ:
  يَلْمُجُ الْبَارِضَ لَمْجاً في النَّدَى ... مِنْ مَرَابِيعِ رِيَاضٍ وَرِجَلْ
  وقيل: وهو أَوَّلُ ما تُخْرِجُ الأَرْضُ من نَبْتٍ، وفي الصّحاح: من البُهْمَى والهَلْتَى وبِنْتِ(٦) الأَرْضِ قبْلَ أَنْ
(١) الظاهر أَنها معربة عن أَودة بالدال، قاله نصر.
(٢) عن اللسان والتهذيب وبالأَصل «مجدود» وفي التهذيب: «مضيوف» بدل «مضفوف» والأَصل كاللسان.
(٣) وهي في التكملة، وفي التهذيب ضبطت كمُحسِنٍ».
(٤) عن المطبوعة الكويتية وبالأَصل «يخلعه».
(٥) بالأَصل «قاله» والمثبت عن معجم البلدان «يريض».
(٦) عن الصحاح، وبالأَصل «ونبت».