تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء مع الضاد

صفحة 42 - الجزء 10

  وهو نافِعٌ من لَسْعِ العَقارِبِ، وإِذَا شُرِبَ من البِزْرِ قَبْلَ لَسْعِ العَقْرَبِ لم يَضُرَّ لَسْعُهَا. ويُقَال: لِمَا في جَوْفِ الأَتْرُج حمّاضٌ، بارِدٌ يابِسٌ في الثّالِثَةِ، يَجْلُو الكَلَفَ واللَّوْنَ طِلَاءً، ويَقْمَعُ الصَّفْرَاءَ، ويُشَهِّي الطَّعَامَ، ويَنْفَعُ من الخَفَقانِ الحَارَّ. ويُطَيِّبُ النَّكْهَةَ مَشْرُوباً، ويَنْفَعُ من الإِسْهَال الصَّفْرَاوِيّ، ويُوَافقُ المَحْمومينَ⁣(⁣١).

  والتَّحْمِيضُ: الإِقْلالُ من الشَّيْءِ. يُقَالُ: حَمَّضَ لَنَا فُلانٌ في القرَى، أَي قَلَّلَ، وكَذلِكَ التَّحْبِيضُ.

  والمُسْتَحْمِضُ: اللَّبَنُ البَطيءُ الرَّوْبِ، نَقَلَه ابنُ عَبَّاد.

  ومَحْمُودُ بنُ عَلَّي الحُمُّضيُّ، بضَمَّتَين مُشَدَّدَةً: مُتَكَلِّمٌ، شَيْخٌ للفَخْرِ الرَّازِيّ. وقد تَقَدَّم للمُصَنِّفِ في الصَّاد أَيضاً.

  وذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّه هو الصَّوابُ، وهكذا ضَبَطَهُ الحَافِظُ وغَيْرُه، فإِيرادُهُ هُنَا ثَانِياً تَطْوِيلٌ مُخِلُّ لا يَخْفَى، فتأَمَّلْ.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  قَوْلُهُم: اللَّحْمُ حَمْضُ الرِّجَالِ، وقولُهُم للرَّجُل إِذا جاءَ مُتَهَدِّداً: أَنْتَ مُخْتَلٌّ فَتَحَمَّضْ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ، والصَّاغَانِيّ، والزَّمَخْشَرِيّ، وهو مَجَازُ، وقال ابنُ السِّكِّيت في «كِتَاب المَعَانِي»: حَمَّضْتُهَا، يَعْنِي الإِبِلَ، تَحْمِيضاً، أَي رَعَّيْتُهَا الحَمْضَ.

  ومن المَجَازِ قولُهم:

  جاؤوا مُخِلِّينَ فَلَاقَوْا حَمْضا⁣(⁣٢)

  أَي جاؤوا يَشْتَهُونَ الشَّرَّ فَوَجَدْوا مَنْ شَفَاهُمْ مِمّا بِهِم.

  ومثلُه قولُ رُؤْبة:

  ونُورِدُ المُسْتَوْرِدِينَ الحَمْضَا

  أَي مَنْ أَتانَا يَطْلُب شَرَّا شَفَيْناه مِنْ دَائه، وذلِكَ أَنَّ الإِبِلَ إِذا شَبِعَتْ من الخُلَّةِ اشْتَهَتِ الحَمْضَ.

  وإِبلٌ حَمَضِيَّة، بالتَّحْرِيك، لُغَةٌ في حَمْضِيَّة، بالتَّسْكِين، على غَيْرِ قِيَاس.

  وأَحْمَضَتِ الأَرْضُ، فهي مُحْمِضَةٌ: كَثِيرَةُ الحَمْضِ، وكَذلِكَ حَمْضِيَّةٌ. وقد أَحْمَض القَوْمُ، أَي أَصابُوا حَمْضاً.

  ووَطِئْنَا حُمُوضاً من الأَرْضِ، أَي ذَوَاتِ حَمْضِ.

  والمُحَمِّضُ من العِنَبِ، كمُحَدِّث: الحَامِضُ.

  وحَمَّضَ تَحْمِيضاً: صار حَامِضاً.

  وفُؤَادٌ حَمْضٌ، بالفَتح، ونَفْسٌ حَمْضَةٌ: تَنْفِرُ من الشَّيْءِ أَوّلَ ما تَسْمَعُه. قال دُرَيدُ بنُ الصِّمَّةِ:

  إِذا عِرْسُ امْرئٍ شَتَمَتْ أَخَاهُ ... فلَيْسَ فُؤَادُ شانِيهِ بحَمْضِ

  وتَحَمَّضَ الرَّجُلُ: تَحَوَّلَ من شَيْءٍ إِلى شَيْءٍ.

  وحَمَّضَهُ عنه، وأَحْمَضَهُ: حَوَّلَهُ، وهو مَجاز.

  وأَحْمَضَ القَوْمُ: أَفَاضُوا فِيما يُؤْنِسُهُمْ من حَدِيثٍ⁣(⁣٣). ومنه حَدِيث ابنِ عَبّاس ® أَنَّه كانَ يَقُول، إِذا أَفَاضَ مَنْ عِنْدَهُ في الحَدِيثِ بَعْدَ القُرْآنِ والتَّفْسِير: «أَحْمِضُوا»، ضَرَبَ ذلِكَ مَثَلاً لخَوْضِهِم في الأَحادِيثِ⁣(⁣٤) وأَخْبَارِ العَرَبِ، إِذَا مَلُّوا تَفْسِيرَ القُرْآن، وقال الطِّرِمَّاحُ:

  لا يَنِي يُحْمِضُ العَدُوَّ وذُو الخُلَّ ... ةِ يُشْفَى صَدَاهُ بالإِحْماضِ

  وقال بَعْضُ النَّاس: إِذَا أَتَى الرَّجُلُ المَرْأَةَ في دُبُرِهَا فقد حَمَّضَ تَحْمِيضاً، وهو مَجَاز، كأَنَّه تَحَوَّلَ من خَيْرِ المَكَانَيْنِ إِلى شَرِّهمَا شَهْوَةً مَعْكُوسَةً. ويُقَال للتَّفخِيذِ في الجِمَاع التَّحْمِيضُ أَيْضاً. ومنه قَوْلُ الأَغْلبِ العِجْلِيِّ يَصِفُ كَهْلاً:

  يَضُمُّها ضَمَّ الفَنِيقِ البَدَّا ... لا يُحْسِنُ التَّحْمِيضَ إِلاَّ سَرْدَا

  يَحْثُو المَلاقِيَّ نَضِيًّا عَرْدَا

  والحُمَّيْضَى، كسُمَّيْهَى: نَبْتٌ، ولَيْسَ من الحُمُوضَة.

  وبَنُو حُمَيْضَةَ: بَطْنٌ. قال الجَوْهَرِيّ: مِنْ كِنَانَةَ.

  وحُمَيْضَةُ: اسمُ رَجُلٍ مَشْهُورٍ مِنْ بَنِي عامِرِ بْن صَعْصَعَةَ.

  وحُمَيْضَةُ بنُ مُحَمَّدِ بن أَبي سَعْدٍ الحَسَنِيّ، من أُمَرَاءِ مَكَّةَ، كَان بالعِرَاق.


(١) انظر تذكرة داود الانطاكي.

(٢) الرجز للعجاج وهو في ديوانه / ٣٥.

(٣) الأصل والأساس، وفي النهاية: فيما يؤنسهم من الكلام والأخبار.

(٤) الأساس: في الأشعار وأيام العرب.