تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خفض]:

صفحة 48 - الجزء 10

  مَجَازٌ. وأَنْشَدَ قَولَ الشَّاعِر، وهو طَرْفَةُ بنُ العَبْدِ:

  مَخْفُوضُها زَوْلٌ ومَرْفُوعُهَا ... كمَرِّ صَوْبٍ لَجِبٍ وَسْطَ رِيحْ

  قال الصّاغَانِيّ: ويُرْوَى: ومَوْضُوعها. وقال ابنُ بَرِّيّ: والَّذِي في شِعْرِه:

  مَرْفُوعُهَا زَوْلٌ ومَخْفُوضُها

  والزَّوْلُ: العَجَبُ، أَيْ سَيْرُها اللَّيَّن كمَرِّ الرِّيحِ. وأَمّا سَيْرُها الأَعْلَى وهو المَرْفُوعُ فعَجَبٌ لا يُدرَكُ وَصْفُه.

  والخَفْضُ، بمَعْنَى الجَرِّ، وهُمَا في الإِعْرَابِ بمَنْزِلَةِ الكَسْرِ في البِنَاءِ في مُوَاضَعَاتِ⁣(⁣١) النَّحْوِيِّين، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ والجَمَاعَةُ.

  ومن المَجَازِ، الخَفْضُ: غَضُّ الصَّوْتِ ولينُه وسُهولَتُه.

  وصَوْتٌ خَفِيضٌ، ضِدُّ رَفِيعِ.

  والخَافِضُ في الأَسْمَاءِ الحُسْنَى: مَنْ يَخْفِضُ الجَبَّارينَ والفَرَاعِنَةَ ويَضَعُهُم، ويُهِينُهُم ويَخْفِضُ كُلَّ شَيْءٍ يُرِيدُ خَفْضَهُ.

  وخَفَضَ بالمَكَان يَخْفِضُ: أَقَامَ. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: يُقَال لِلْقَوْمِ: هُمْ خَافِضُونَ، إِذا كانوا وَادِعِينَ عَلَى المَاءِ مُقِيمِينَ، وإِذا انْتَجَعُوا لم يَكُونُوا في النُّجْعَةِ خافِضِينَ لأَنَّهُم يَظْعَنُونَ لطَلَبِ الكَلَإِ وَمساقِطِ الغَيْثِ.

  والخَافِضَةُ: التَّلْعَةُ المُطْمَئِنَّةُ من الأَرْضِ، والرَّافِعَةُ: المَتْنُ من الأَرْضِ، عن ابْنِ شُمَيْلٍ.

  والخَافِضَةُ: الخَائِنَةُ، نقله الجَوْهَرِيّ. وخُفِضَتِ الجارِيَةُ كخُتِنَ الغَلامُ. خَاصُّ بِهِنّ. وقِيلَ: خَفَضَ الصَّبِيَّ يَخْفِضُهُ خَفْضاً: خَتَنَهُ، فاسْتُعْمِلَ في الرَّجُل. والأَعْرَفُ ما ذَكَرَهُ المُصَنِّف، وقد يُقَالُ لِلْخَاتِنِ: خَافِضٌ، ولَيْس بالكَثِير.

  وفي الحَدِيثِ: «إِذا خَفَضْتِ فَأَشِمِّي» أَي لا تَسْحَتِي، شَبَّهَ القَطْعَ اليَسِيَر بإِشْمَامِ الرّائحَة.

  وقَوْلُه تَعَالَى: خافِضَةٌ رافِعَةٌ⁣(⁣٢) أَي تَرْفَعُ قَوْماً إلَى الجَنَّةِ وتَخْفِضُ قَوْماً إِلَى النَّارِ كما في العُبَاب. وقال الزَّجّاج: المَعْنَى أَنهَا تَخْفِضُ أَهْلَ المَعَاصِي، وتَرْفَعُ أَهْلَ الطَّاعَةِ. وقِيلَ: تَخْفِض قَوْماً فتَحُطُّهُم عن مَرَاتِبِ آخَرِينَ تَرْفَعُهم إِلَيْهَا، والَّذِينَ خُفِضُوا يَسْفُلُون إِلى النَّارِ والمَرْفُوعُون يُرْفَعون إِلى غُرَفِ الجِنَان.

  ومن المَجَازِ قَوْلُهُم: هو خَافضُ الطَّيْرِ، أَي وَقُورٌ ساكِنٌ، وكذلِكَ خَافِضُ الجَنَاحِ. ومن المَجَازِ قَوْلُه تَعَالَى: واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ⁣(⁣٣) أَي تَوَاضَعْ لَهُمَا ولا تَتَعَزَّزْ عَلَيْهِمَا، أَو هو مَن المَقْلُوب، أَي اخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الرَّحْمَةِ من الذُّلِّ، كما في العُبَابِ. وكذا قَوْلُه تَعَالَى: {وَ} اخْفِضْ {جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ}⁣(⁣٤) أَي أَلِنْ جَانِبَكَ لَهُمْ. وقال ابنُ شُمَيْل في تَفْسِير الحَدِيثِ: «إِنَّ الله يَخْفضُ القِسْطَ ويَرْفَعُه».

  قال: القِسْطُ: العَدْلُ يُنْزِلُه مَرَّةً إِلَى الأَرْضِ، ويَرْفَعُه أخْرَى. وقال الصّاغَانِيّ: أَيْ يَبْسُطُ لِمَنْ يَشَاءُ ويَقْدِرُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ.

  و، العَرَبُ تقولُ: أَرْضٌ خَافِضَةُ السُّقْيَا، إِذا كانَتْ سَهْلَة السَّقْيِ، ورافعَةُ السُّقْيَا، إِذا كانَتْ على خَلاف ذلِكَ.

  ومن المَجَازِ: خَفِّضِ القَوْلَ يا فُلَانٌ، أَي لَيِّنْهُ، وخَفِّضْ عَلَيْكَ الأَمْرَ: هَوِّنْهُ. ومنه حَديثُ الإِفْك: «ورَسُولُ الله يُخَفِّضُهُمْ»، أَي يُسَكِّنُهُم ويُهَوِّنُ عليهم الأَمْرَ، وفيه أَيْضاً قَولُ أَبِي بَكْر لعَائشَةَ ®: «خَفِّضِي عَلَيْكَ»، أَي هَوِّنِي الأَمْرَ ولا تَحْزَني له.

  وخَفِّضْ رأْسَ البَعِيرِ، أَي مُدَّهُ إِلَى الأَرْضِ لِتَرْكبَهُ، قاله اللَّيْثُ، وأَنْشَدَ لهِمْيَانَ بْنِ قُحَافَةَ:

  يَكَادُ يَسْتَعْصِي على مُخَفِّضِهْ

  واخْتَفَضَ: انْحَطَّ، كانْخفَضَ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيّ.

  واخْتَفَضَتِ الجَارِيَةُ: اخْتَتَنَتْ، وهو مُطَاوِعٌ لِخَفَّضْتُها.

  والحُرُوفُ المُنْخَفِضَةُ: ما عَدَا المُسْتَعْلِيَةَ، وهُنَّ الأَرْبَعَةُ المُطْبَقَةُ، والخَاءُ والغَيْن المُعْجَمَتَانِ، والقافُ، يَجْمَعُها قَوْلُكَ قغضخصطظ.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه:

  الانْخفَاضُ: الانْحِطاطُ. وامرأَةٌ خافِضَةُ الصَّوْتِ


(١) الأصل والصحاح، وفي اللسان: مواصفات.

(٢) سورة الواقعة الآية ٣.

(٣) سورة الإسراء الآية ٢٤.

(٤) سورة الحجر الآية ٨٨.